الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
(ما) النافية بين الحجازيِّين والتَّمِيميين
في قوله عليه السلام: "يا أمةَ محمد! واللهِ ما مِن أحدٍ أَغْيَر من اللَّه أن يزنيَ عبدُه أو تزنيَ أمَتُه"(1).
قال ابن الملقن:
"وقوله: (ما من أحد أغير من الله)، وفي مسلم: (إنْ من أحد أغير من الله) بكسر همزة (إن) وإسكانِ النون، وهو بمعنى: (ما من أحد أغير من الله)، وعلى هذا (أغيرَ) بالنصب خبر (إن) النافية، فإنها تعملُ عمل (ما) عند الحجازيين، وعلى التميمية: هو مرفوعٌ على أنه خبرُ المبتدأ الذي هو (أحد) "(2).
بيان المسألة:
ذكر ابن الملقن رواية مسلم (3): (إنْ من أحد أغير من الله)، وبيَّن أنها بمعنى (ما من أحد أغير من الله)، وذكر أن لـ (ما) النافيةِ عملَين: عند الحجازيين وعند التميميين، وبيان ذلك فيما يلي:
(ما) عند الحجازيين تدخلُ على الجملة الاسمية فترفعُ الاسمَ بعدها وتنصبُ الخبر، أما عند التميميين فهي غيرُ عاملة، فيبقى ما بعدها على حاله.
أما كونُها عاملةً عند الحجازيين؛ فلشَبَهِها بـ (ليس)؛ إذ أشبهتها بالدخول على الجملة الاسمية، وبالنفي، وبنفي ما في الحال، وبدخول الباء في خبرها (4).
وأما كونُ (ما) غيرَ عاملة عند التميميين، فلأنها غيرُ مختصة؛ كحرف الاستفهام الذي يدخل على الجملتين الاسميةِ والفعلية، وحقُّ غيرِ المختص ألا يعملَ، وهو القياسُ (5).
(1) صحيح البخاري 2/ 34، باب الصدقة في الكسوف.
(2)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح 8/ 316.
(3)
صحيح مسلم 2/ 618، باب صلاة الكسوف.
(4)
المقتضب 4/ 188، الإيضاح العضدي 110، أمالي ابن الشجري 2/ 555، اللباب في علل البناء والإعراب 1/ 175.
(5)
الكتاب 1/ 28، المقتضب 4/ 188، الإيضاح العضدي 110، أمالي ابن الشجري 2/ 555.
ولغةُ القرآن الكريم إعمالُ (ما)؛ نحو قوله تعالى: {مَا هَذَا بَشَرًا} (1)، وقولِه في سورة المجادلة:{مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} (2).
ويقول سيبويه: "وبنو تميم يرفعونها إلا مَن دَرَى كيف هي في المصحف"(3)، وبهذا فلا يُلتفت إلى قلة الشواهد النحوية، إذ لم يُحفظ إلا شاهدٌ نحوي واحد فيه نصبُ فيه خبر (ما) (4)؛ وهو (5):
أبناؤها مُتَكنِّفونَ أباهُمُ
…
حنِقُو الصُّدُورِ وما هُمُو أولادَها (6)
ويمكنُ أن تُرجَع قلةُ نقل الشواهد النحوية على لغة الحجازيين إلى اشتهارِ ذلك في لغتهم؛ كما علَّل ذلك أبو حيان (7).
وبعد دراسة المسألة يتضحُ أن ما ذكره ابنُ الملقن مقررٌ عند النحويين، ولم يقتصرْ على لغةٍ دون ما سواها.
(1) يوسف: 31.
(2)
المجادلة: 2.
(3)
الكتاب 1/ 59.
(4)
المصدر السابق.
(5)
لم أقف على قائله.
(6)
البيت من الكامل، الحماسة البصرية 1/ 86، ارتشاف الضرب 3/ 1197، منهج السالك 61، الأشباه والنظائر 3/ 123، المعجم المفصل في شواهد العربية 2/ 173.
(7)
منهج السالك 61.