الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
حذف أحدِ مفعولَيِ (اتخَذَ)
في قوله عليه السلام: "ولو كنتُ متخِذًا خليلًا من أمتي لاتخذتُ أبا بكر"(1).
قال ابن الملقن:
"و (اتخذ) تتعدى إلى مفعولين أحدُهما بحرف الجر، فيكون بمعنى: اختارَ واصطَفَى، وهنا سكتَ عن أحدِ مفعولَيْها، وهو الذي دخل عليه حرفُ الجر، فكأنه قال: لو كنتُ متخذًا من الناس خليلا لاتخذتُ منهم أبا بكر، وقد تتعدى (اتخذ) لأحد المفعولين بحرف الجر، وقد تتعدى إلى مفعول واحدٍ، وكلُّ ذلك في القرآن"(2).
بيان المسألة:
ذكر ابنُ الملقن أن الفعل (اتخذ) يتعدى إلى مفعول واحد وإلى مفعولين، وبيان ذلك فيما يلي:
يختلفُ تعدِّي الفعل (اتخذ) باختلافِ معناه، فإن كان بمعنى (اكتسب) كان متعديًا إلى مفعول واحد، وإلا كان متعديًا إلى مفعولين، قال ابن مالك (3):
فكانَ منها وتَخِذْتُ واتَّخَذْ
…
إنْ أفهَمَا معنًى عن الكسبِ انتَبَذْ
وورد هذا في القرآن، منه قولُه تعالى:{وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (6)} (4).
أما إذا كان بمعنى (صيَّر)، فيتعدى إلى مفعولين، قال ابن مالك (5):
وهَبْ تَعلَّمْ والتي كصَيَّرَا
…
أيضًا بها انصبْ مبتدًا وخبرَا
وورد مثلُ هذا في القرآن الكريم، ومنه قوله تعالى:{لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ} (6).
(1) صحيح البخاري 1/ 100، باب الخوخة والممر في المسجد.
(2)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح 5/ 617.
(3)
شرح الكافية الشافية 2/ 541.
(4)
البقرة: 116.
(5)
ألفية ابن مالك 23.
(6)
آل عمران: 28.
هذا، وقد يتعدى إلى مفعولين أحدُهما بحرف الجر، قال تعالى:{فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ} (1)، وقال تعالى:{وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89)} (2).
أما عن حذفِ أحد المفعولين -كما في الحديث- فالأصلُ ألا يُقتصَر على أحدهما؛ لأنه إن حُذف الأول بقِي الثاني بلا مُخبَر عنه، وإن حُذف الثاني بقِي الأول بلا خبر.
غير أن ما دلَّ عليه دليلٌ جائزٌ حذفُه، قال ابنُ مالك (3):
وحذفُ ما بيَّنه دليلُ
…
هناك ههنا له سبيلُ
وجائزٌ سقوطُ جُزأين هنا
…
إن كان ذكرُ ما تبقَّى حسَنَا
ومما سبق يتبيَّن جوازُ مجيء (اتخذ) متعديًا إلى مفعول واحد وإلى مفعولين؛ سواء أكان أصلهما المبتدأ والخبر، أم كان متعديًا لأحدهما بحرف جر.
(1) النساء: 89.
(2)
النساء: 89.
(3)
شرح الكافية الشافية 2/ 552.