المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألةوجه النصب في: (يا ليتني فيها جذعا) - المسائل النحوية في كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح

[داود بن سليمان الهويمل]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌أولًا- التعريفُ بالموضوع:

- ‌ثانيًا- أهميةُ الموضوع وأسبابُ اختياره:

- ‌ثالثًا- مشكلةُ البحث وتساؤلاتُه:

- ‌رابعًا- أهدافُ البحث:

- ‌خامسًا- الدراساتُ السابقة:

- ‌سادسًا- منهجُ البحث:

- ‌سابعًا- خطة البحث:

- ‌التمهيد

- ‌أولًا: ابنُ الملقن (حياتُه وآثارُه)

- ‌أ- اسمُه ونسبُه:

- ‌ب- مولدُه ونشأتُه:

- ‌ج- آثارُه ومؤلفاتُه:

- ‌د- وفاتُه:

- ‌ثانيًا: كتابُ (التوضيح لشرح الجامع الصحيح)المحتوى والقيمة

- ‌ثالثًا: الحديثُ النبوي وأثرُه في التقعيد النحوي

- ‌القسمُ الأولدراسةُ المسائل

- ‌الفصلُ الأول:مسائلُ الأسماء

- ‌المبحثُ الأول: الأسماءُ المبنية

- ‌مسألةاستعمالُ (مَن) و (ما) الموصولتَينِ للعاقل وغيرِ العاقل

- ‌مسألة(ما) الاستفهاميةُ، وزيادةُ هاء الوقف عليها عند الوقف

- ‌مسألةالرفعُ والنصبُ للمنادى العلمِ المعرفة

- ‌مسألةانفصالُ ثاني الضميرَينِ مع إمكانِ الاتصال

- ‌مسألةتوكيدُ المتصل المنصوبِ بالمنفصل المرفوع

- ‌مسألةأسماءُ الأفعال والأصواتُ بين البناء والإعراب

- ‌مسألةإضافةُ الاسم إلى ما هو بمعناه في النداء

- ‌مسألةالتقارُضُ بين (إذْ) و (إذا)

- ‌مسألةما جاء على وزن (فَعَالِ) بين الإعراب والبناء

- ‌المبحثُ الثاني: الأسماءُ المُعرَبة

- ‌مسألةالتقدير عند اتحاد الشرط والجزاء، أو المبتدأ والخبر

- ‌مسألةوجه النصب في: (يا ليتني فيها جَذَعًا)

- ‌مسألةحذف المضاف إليه وترك المضاف على هيئته قبل الحذف

- ‌مسألةوجه الإعراب في قوله: (عليك ليلٌ طويلٌ) بالرفع والنصب

- ‌مسألةحذف المنعوت وإقامة النعت مكانَه

- ‌مسألةإضافة العدد المركَّب إلى تمييزِه

- ‌مسألةضبط (أمَّا بَعْدُ) بين الإعراب والبناء

- ‌مسألةعلة منع (مَثْنَى) من الصَّرْف

- ‌مسألةورود (فِعَلاء) وصفًا

- ‌مسألةوجه الإعراب في (والوضوء أيضًا) بالرفع والنصب

- ‌مسألةأسماء الأماكن بين المنع والصرف

- ‌مسألةالفعل (نظر) بين التعدي واللزوم

- ‌مسألةأوجُه الإعراب في (رجل آتاه الله مالًا)

- ‌مسألةأوجُه الإعراب في (لا سَهْل فيرتقى)

- ‌مسألةنصب المفعول به بعد الفعل المبنيِّ للمجهول

- ‌مسألة(نوح) بين الصرف والمنع

- ‌مسألةالنصب في الاستثناء المفرَّغ

- ‌مسألة(صَفَر) بين الصرف والمنع

- ‌مسألة(حِرَاء) بين الصرف والمنع

- ‌مسألة(هذه مكان عمرتك) بين الرفع والنصب

- ‌مسألة(أيٌّ) غير المضافة

- ‌مسألةسقوط ميم (فم) في حال الإضافة

- ‌مسألةاستعمال اسم المفعول من فعلٍ لازم دون حرف جر

- ‌الفصلُ الثانيمسائلُ الأفعال

- ‌المبحثُ الأول: الأفعالُ المبنيَّة

- ‌مسألة(نِعْمَ) و (بِئسَ) بين التصرُّف وعدمِه

- ‌مسألة(قيل) و (قال) بين الفعلية والاسمية

- ‌مسألة(سَمِع) بين التعدي إلى مفعول واحد ومفعولين

- ‌مسألةبين زيادة (كان) وتقدير (كاد)

- ‌مسألة(كاد) بين النفي والإيجاب

- ‌مسألة(أَرَى) بين التعدِّي إلى مفعول واحد والتعدي إلى مفعولَيْن

- ‌مسألةحذف أحدِ مفعولَيِ (اتخَذَ)

- ‌المبحثُ الثاني: الأفعالُ المعربة

- ‌مسألةسدُّ (أنْ والمضارعِ) مسدَّ اسمِ (يُوشِكُ) وخبرِها

- ‌مسألةجزم المضارع بـ (لن)

- ‌مسألةورود النفي بمعنى النهي في المضارع

- ‌مسألةالمضارع بعد (حتى) بين الرفع والنصب

- ‌مسألةالمضارع بعد الطلب بين الرفع والجزم

- ‌مسألةالمضارع بين البناء للمعلوم والمجهول

- ‌مسألةالمضارع بعد (حتى) بين الجزم والنصب

- ‌مسألةاحتمال المضارع والأمر في الفعل

- ‌الفصلُ الثالثمسائلُ الحروف

- ‌المبحثُ الأول: الحروفُ العاملة

- ‌مسألةأوجُه الإعراب في (لا) النافيةِ للجنس عند التَّكرار

- ‌مسألةمجيء (في) لغير الظرفية

- ‌مسألةاختصاص (الباء) بخبر (ما) النافية دون الاستفهامية

- ‌مسألةمجيء (إلا) بمعنى الواو

- ‌مسألةمجيء (اللام) الجارةِ بمعنى (في) الظرفيةِ

- ‌مسألة(ما) النافية بين الحجازيِّين والتَّمِيميين

- ‌مسألةالتقارُض بين (على) و (عن)

- ‌مسألةدلالة (مِنْ) بين بيانِ الجِنْس والتبعيض

- ‌مسألةتَكرار (لا) الناهية

- ‌مسألةفتح الهمزة وكسرها في (أنْ كان ابنَ عمَّتِك)

- ‌مسألةمجيء (إلا) بمعنى (لكنْ)

- ‌مسألةمجيء (مِن) للمكان والزمان

- ‌مسألةسقوط الهمزة قبل (أم) العاطفة

- ‌مسألة(أو) بين العطف والغائيَّة

- ‌مسألة(حتى) العاطفة

- ‌المبحثُ الثاني: الحروفُ المهملة

- ‌مسألةمجيء (إلا) لغير الاستثناء

- ‌مسألة(لا) بين الزيادة وإفادة النفي

- ‌مسألةجواز حذف حرف النداء

- ‌مسألةدلالة (إنما) على الحصر بن المنطوق والمفهوم

- ‌مسألة(إنْ) بين المخففة من الثقيلة والنافية

- ‌مسألة(لا) المحتمِلة للزيادة

- ‌مسألة(ما) بين المصدرية والنفي والزيادة

- ‌مسألةمجيء (لَمَّا) بمعنى (إلا)

- ‌مسألةلام الابتداء في خبر (إنَّ) و (أنَّ) المشدَّدتين

- ‌القسم الثانيالدراسة المنهجية

- ‌الفصلُ الأولمصادرُه

- ‌المبحث الأول: الرجال

- ‌المبحث الثاني: الكتب

- ‌الفصلُ الثانيمنهجُه في عرض المسائل

- ‌المبحث الأول: طريقتُه في عرض المسائل

- ‌المبحثُ الثاني: الإيجازُ والإطناب لديه

- ‌المبحثُ الثالث: عرضُه للخلاف النحوي، وموقفُه من النحويين

- ‌الفصلُ الثالثأصولُ الاستدلال في دراستهللمسائل النحوية

- ‌المبحثُ الأول: السَّماع

- ‌المبحثُ الثاني: القياسُ

- ‌المبحث الثالث: الإجماع

- ‌المبحثُ الرابع: أصولٌ أخرى

- ‌المبحثُ الخامس: استعانتُه بالتعليل

- ‌الفصلُ الرابعالتقويمُ

- ‌المبحثُ الأول: الوضوحُ والغموض

- ‌المبحثُ الثاني: الدقةُ في النقل، وعدمها

- ‌المبحثُ الثالث: التبعيَّة والاستقلال

- ‌المبحثُ الرابع: تأثيرُ آرائه في مَن جاء بعده

- ‌المبحثُ الخامسُ: أثرُ بحثه النحوي في دلالة الحديث

- ‌الخاتمة

- ‌النتائج:

- ‌التوصيات:

- ‌ فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌مسألةوجه النصب في: (يا ليتني فيها جذعا)

‌مسألة

وجه النصب في: (يا ليتني فيها جَذَعًا)

في قول ورقةَ بنِ نوفل: "

يا ليتني فيها جذعًا

" (1).

قال ابن الملقن:

"قوله: (جَذَعًا) هكذا الروايةُ المشهورة هنا وفي (صحيح مسلم)؛ بالنصب، ووقع للأصيلي هنا وابنِ ماهان في (صحيح مسلم):(جَذَعٌ)؛ بالرفع، فعلى الرفع لا إشكال، وفي النصب اختلفوا في وجهه على ثلاثة أوجُه:

أحدها: نصبُه على أنه خبر (كان) المقدرةِ، تقديرُه: ليتني أكونُ جذعًا، قاله الخطَّابي والمازَري وابنُ الجوزي في مُشكِله، وهي تجيءُ على مذهب الكوفيين، كما قالوا في قوله تعالى:{انتَهُوا خَيْرًا لَّكُم} (2)؛ أي: يكُنِ الانتهاءُ خيرًا لكم، ومذهبُ البصريين أن (خيرًا) في الآية منصوبٌ بفعل مضمر يدلُّ عليه (انتهوا)، تقديره: انتهوا وافعلوا خيرًا لكم. وقال الفراءُ: انتهوا انتهاءً خيرًا لكم، وضُعِّفَ هذا الوجهُ بأنَّ (كان) الناصبةَ لا تُضمَر إلا إذا كان في الكلام لفظٌ ظاهرٌ يقتضيها؛ كقولهم:(إنْ خيرًا فخيرٌ).

ثانيها: أنه منصوبٌ على الحال، وخبر (ليت) قوله:(فيها)، والتقديرُ: ليتني كائنٌ فيها -أي: مدة الحياة- في هذا الحال شَبِيبةً وصحةً وقوةً لنصرتك، إذ قد كان أسَنَّ وعمِي عند هذا القول، ورجَّح هذا القاضي عياضٌ، وقال: إنه الظاهرُ، وقال النووي: إنه الصحيحُ الذي اختاره المحققون.

ثالثُها: أن تكون (ليت) عمِلت عملَ (تمنَّيت) فنصبت اسمين كما قال الكوفيون؛ وأنشدوا:

يا ليتَ أيامَ الصِّبا رواجِعَا" (3).

بيان المسألة:

(1) صحيح البخاري 1/ 7، كتاب بدء الوحي.

(2)

النساء: 171.

(3)

التوضيح لشرح الجامع الصحيح 2/ 292. وسيأتي تخريج البيت.

ص: 55

ذكر ابن الملقن الأوجُهَ الإعرابية لـ (جذعًا)، وبيانُ ذلك فيما يلي:

أما روايةُ الرفع فظاهرةُ التوجيه، فتُعرب (جذع) خبرَ (ليت)، ولا إشكالَ في هذا الوجه من جهة النحو (1).

وأما روايةُ النصب (جذعًا)؛ فالعامل فيها عند الكوفيين (كان) المقدرةُ، والتقدير: يا ليتني أكونُ جذعًا؛ كما قالوا في قوله تعالى: {انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ} (2)؛ أي: يكن الانتهاءُ خيرًا لكم (3).

وهذا خطأٌ في تقدير العربية كما يراه المبردُ؛ لأنه يُضمِر الجوابُ ولا دليلَ عليه (4)، وعند البصريين أنها منصوبة بفعل مُضمَر، والتقديرُ: يا ليتني جُعِلت فيها جذعًا، كما قالوا في قوله تعالى:{انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ} (5) أي: انتهوا وائتوا خيرًا لكم (6)؛ وذاك لأنك حين قلت: (انتَهِ) فأنت تريدُ أن تُخرجَه من أمرٍ وتدخلَه في أمر، وقال الخليل:(كأنك تحملُه على ذلك المعنى؛ كأنك قلت: انتَهِ وادخُل فيما هو خيرٌ لك، وحذفوا الفعلَ لكثرة استعمالهم إياه في الكلام)(7).

ومثلُ ذلك قولُ القُطامي (8):

فَكَرَّتْ تَبْتَغِيهِ فَوَافَقَتْهُ

عَلَى دَمِهِ وَمَصْرَعِهِ السِّبَاعَا (9)

(1) لم أجد هذه الرواية في المظان، ووجدتها في مصادر وسيطة، منها: إعراب الحديث النبوي 331، شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى 1/ 161، فتح الباري 1/ 26، مطالع الأنوار 2/ 104.

(2)

النساء: 171.

(3)

إعراب القرآن للنحاس 219، إعراب القرآن الكريم وبيانه 2/ 160، المقتضب 3/ 283، مغني اللبيب 827، شرح شذور الذهب للجوجري 2/ 421.

(4)

المقتضب 3/ 283، شرح التصريح على التوضيح 1/ 473، شرح التسهيل 2/ 159.

(5)

النساء: 171.

(6)

المصادر السابقة.

(7)

نقلًا: الكتاب 1/ 282.

(8)

هو: عمير بن شييم بن عمرو بن عباد بن بكر بن عامر بن أسامة بن مالك بن بكر بن حبيب بن بكر بن غنم بن تغلب بن حبيب، شاعر أموي، ديوان القطامي 6، الخزانة 2/ 370.

(9)

في ديوانه بلفظ: فكرت عند فيقتها إليه فألفت عند مربضها السباعا 41، البيت من الوافر، شرح أبيات سيبويه 158، الخصائص 2/ 474، الكتاب 1/ 284.

ص: 56

ومثله قولُ ابن الرُّقَيَّات (1):

لَنْ تَرَاهَا وَلَوْ تَأَمَّلْتَ إلا

وَلَهَا فِي مَفَارِقِ الرَّأْسِ طِيبَا (2)

وإنما نصَبَ هذا لأنه حين قال: (وافقته) وقال: (لن تراها)، فقد عُلم أن الطيبَ والسباعَ قد دخلا في الرؤية والموافقة، وأنهما قد اشتملا على ما بعدهما في المعنى (3).

وقدَّر الفراءُ: انتهوا انتهاء خيرًا لكم، على أنها نعتٌ لمصدر محذوف (4)، وضعَّف ابنُ الملقن هذا الرأيَ؛ لظنه أن الفراءَ بناه على إضمار (كان) لغيرِ دليل يدل عليها، وصحيحٌ أنَّ (كان) الناصبةَ لا تُضمر إلا إذا كان في الكلام لفظٌ ظاهر يقتضيها؛ كقولهم:(إن خيرًا فخير)، لكنَّ الفراء إنما بنى النصبَ على أنه نعتٌ لمصدر محذوف، ومع هذا فقد رُدَّ قولُ الفراء بقولهم:(حسبُك خيرًا لك)؛ فإن تقدير مصدرٍ ههنا لا يحسُن، وبقولهم:(وراءَك أوسعَ لك)؛ فإن (أوسع) صفةٌ لمكان لا لمصدر. وعلى هذا فلا يصلحُ أن يراد به المصدرُ.

وخلاصةُ القول: إن جعلت (خيرًا) خبرًا لـ (كان) المقدرةِ فهذا خطأٌ في تقدير العربية، وإن قُدرت نعتًا لمصدر محذوف كما يرى الفراءُ، فالمعنى لا يناسبُ ذلك، لأنه يكون المعنى:(انتهوا الانتهاء الذي هو خير لكم)(5)، فتعين القولُ بأن يكون المقدرُ فعلًا مضمرًا (6).

هذا، وقد أجاز ابنُ مالك إضمارَ (كان) الناقصةِ وإن لم تكن بعد (إنْ) و (لَوْ)، وذلك على قلة، بقوله:"وربما أُضمرت الناقصة بعد (لدن) وشبهِها"(7)، فمثالُ إضمارها بعد (لدُن): قولُ الشاعر (8):

مِنْ لَدُ شَوْلًا فَإِلَى إتِلَائِها (9)

(1) عبد الله بن قيس الرقيات، شاعر أموي ت 75 هـ، ديوانه 5.

(2)

البيت من الخفيف، الكتاب 1/ 285، الخصائص 2/ 431، الانتخاب لكشف الأبيات المشكلة الإعراب 1/ 20.

(3)

الكتاب 1/ 284.

(4)

مشكل إعراب القرآن لمكي 1/ 214، المعلم بفوائد مسلم 1/ 327، ولم أجد هذا التخريح في معاني القرآن للفراء.

(5)

إعراب القراب الكريم للنحاس 219.

(6)

شرح التسهيل 2/ 160.

(7)

المصدر السابق 1/ 364.

(8)

من الخمسين بيتا المجهول قائلها في الكتاب 1/ 264، همع الهوامع 1/ 443، شواهد التوضيح 190.

(9)

البيت من الرجز المشطور الكتاب 1/ 265، همع الهوامع 1/ 443، شواهد التوضيح 190.

ص: 57

والتقديرُ: من لدُ أن كانت شولًا فإلى إتلائها.

ومثالُ إضمار (كان) بعد شبهِ (لدن): قولُ الراعي (1):

أَزْمَانَ قَوْمِي وَالْجَمَاعَةُ كَالَّذِي

منعَ الرِّحَالَةَ أَنْ تَمِيلَ مَمِيلَا (2)

والتقدير: أزمانَ كان قومي والجماعةُ.

وأما كونُها منصوبة على الحال، فهذا الذي رجَّحه القاضي عياض (3)، وقال النووي:(إنه الصحيح الذي اختاره المحققون)(4)؛ لأنه حين قال: (يا ليتني فيها جذعًا) كان قد أسَنَّ وعمِي، ويصبح التقدير: في هذا الحال شبيبةً وصحةً وقوةً لنُصرتك (5).

وأما كونُ (جذعًا) خبرًا لـ (ليت) العاملةِ عملَ (تمنَّيت) الناصبةِ للجزأين، فقولٌ منسوب لبعض الكوفيين، وحكى ابنُ السِّيدِ: أن ذلك لغةٌ لقوم من العرب دون تحديد (6)، كما سُمع:(لعل زيدًا أخانا)(7).

ويرى الفراءُ جوازَ نصب الجزأين بـ (ليت) خاصة (8)، تشبيهًا لها بفعل التمني، فقولُك:(ليت زيدًا قائمًا)، مثل (تمنيتُ زيدًا قائمًا)، وكأنه لَمَح فيه معنَى الفعلِ الذي ناب الحرفُ عنه (9)، ومن ذلك قولُ الراجز (10):

يا ليت أيامَ الصِّبا رواجعَا (11)

(1) عبيد بن حصين بن معاوية بن جندل بن قطن بن ربيعة بن عبد الله بن الحارث بن نمير بن عامر بن صعصعة، الخزانة 3/ 145، ضياء السالك 1/ 250.

(2)

البيت من الكامل، الخزانة 3/ 145، الكتاب 1/ 305، التذييل والتكمييل 4/ 231.

(3)

إكمال المعلم بفوائد مسلم 1/ 489،

(4)

مسلم بشرح النووي 2/ 203.

(5)

شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى 1/ 161، التوضيح شرح الجامع الصحيح 2/ 292.

(6)

نقلًا: الجنى الداني 393، همع الهوامع 1/ 490.

(7)

همع الهوامع 1/ 491.

(8)

معاني القرآن للفراء 1/ 410، شرح المفصل 8/ 84، الجنى الداني 1/ 394، همع الهوامع 1/ 490.

(9)

المسائل النحوية في كتاب فتخ الباري بشرح صحيح البخاري 1/ 416.

(10)

للعجاج في طبقات فحول الشعراء 1/ 78، لرؤبة في شرح المفصل 1/ 104.

(11)

البيت من الرجز، الكتاب 1/ 142، الأصول في النحو 1/ 148، مغني اللبيب 376، شرح الأشموني 1/ 295.

ص: 58

ومن خلال دراسة المسألة السابقة، يتبيَّنُ أنَّ ابنَ الملقن ذكر الأوجُه الإعرابيةَ لـ (جذعًا) كما وردت عند شراح الحديث قبلَه، وعند أهل الصناعة، مع عزوِ هذه الآراء إلى أصحابها، وذلك يدلُّ على سَعة اطلاعِ ابن الملقن ومنزلتِه العلمية.

ص: 59