الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
حذف المنعوت وإقامة النعت مكانَه
في قوله عليه السلام: "
…
ثم يُضرَب بمِطرقة من حديدٍ ضربةً بين أذنَيْه
…
" (1).
قال ابن الملقن:
"وقوله: (ثم يُضرَب بمطرقة من حديد ضربةً)، وفي رواية: (بمطارقَ من حديد)، وفي أخرى: (ضربةً مِن حديدٍ) أي: من رجلٍ حديد، فحذفَ الموصوفَ وأقامَ الصفة مُقامَه، قال أبو الحسن: معناه: من حَنِقٍ شديدِ الغضبِ"(2).
بيان المسألة:
ذكر ابن الملقن رواياتٍ ثلاثًا لهذا الحديث؛ أحدُها: بإفراد مطرقة (3)، وثانيها بجمعها (4)، وروايةٌ ثالثة (ضربة من حديد) (5) وتوجيهُها: يُضرب بمطرقة ضربةً من رجل حديد، ومعنى ذلك كما قال أبو الحسن: من رجل حنق شديد الغضب، (6) فحُذف الموصوف وهو (رجل) وأُقيمت الصفة مكانَه.
وبيانُ المسألة: أن حذف النعت أو المنعوت جائزٌ عند النحويين (7)، قال ابنُ مالك:
(1) صحيح البخاري 2/ 90، باب الميت يسمع خفق النعال.
(2)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح 10/ 40. ووقع في المطبوع (خنق) بالخاء، وسيأتي على الصواب في الكتاب نفسه 10/ 153.
(3)
صحيح البخاري 2/ 90.
(4)
صحيح البخاري 2/ 98، باب ما جاء في عذاب القبر.
وقال الكرماني: (مطارق) مؤذن بأن كل جزء من أجزاء تلك المطرقة مطرقة برأسها مبالغة. نقلا: فتح الباري 3/ 239.
(5)
لم أجد -فيما قرأت- من روى هذه الرواية، غير ما ذكره ابن الملقن هنا، وتوجيه ابن الملقن لهذه الرواية صحيح حسب القواعد النحوية.
(6)
كثيرًا ما ينقل ابن الملقن عنه بهذا الاسم، أو قال الشيخ أبو الحسن، وربما يقصد أبي الحسن القابسي؛ لأنه في مواضع أخرى يقول: قال الشيخ أبو الحسن القابسي، وهو: علي بن محمد المعافري القابسي، ت: 403 هـ، وفيات الأعيان 3/ 320، سير أعلام النبلاء 17/ 158، وكذلك ينقل عنه النووي بهذا الاسم 10/ 20، وابن حجر 15/ 245.
(7)
شرح الكافية الشافية 3/ 1165، اللمحة في شرح الملحة 2/ 735، توضيح المقاصد 2/ 964، شرح الأشموني 2/ 328.
والنعتُ والمنعوتُ ربما حُذِفْ
…
ما منهما يُعلمُ حين ينحذفْ (1)
وقال في ألفيته:
وما من المنعوتِ والنعتِ عُقِلْ
…
يجوزُ حذفُه، وفي النعت يقِلْ (2)
ويدل ذلك على أن المنعوت يكثُر حذفه بشرطِ أن يُعلمَ جنسُه، وأن يكون صالحًا لمباشرة العمل، كما في قوله تعالى:{أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} (3) أي: دروعًا سابغاتٍ، أو أن يكون المنعوتُ بعضَ اسمٍ مخفوض بـ (من) أو (في)(4).
كقول الراجز (5):
لو قلتَ: ما في قومِها لم تِيثَمِ
…
يَفضُلُها في حسبٍ ومِيسَمِ (6)
أي: ما في قومها أحدٌ يفضلُها.
وإذا لم يكن النعتُ صالحًا لمباشرة العمل، أو كان المنعوتُ ليس بعضَ اسم مخفوض؛ امتنع حذفُ المنعوت -غالبًا- إلا في الشعر ضرورة، ومنه قولُ الشاعر (7):
كأنكَ مِن جِمالِ بَنِي أُقَيْشٍ
…
يُقعقَعُ بين رِجْلَيْه بِشَنِّ (8)
أي: كأنك جملٌ مِن جمالٍ.
وأما النعتُ فحذفُه قليل، ومثالُ ذلك كما في قوله تعالى:{يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} (9) أي: صالحةٍ.
وبعد بيان أقوالِ النحاة السابقة في حذف النعت والمنعوت، ودراسةِ توجيه الحديث؛ حيث
(1) شرح الكافية الشافية 3/ 1163.
(2)
ألفية ابن مالك 45.
(3)
سبأ: 11.
(4)
شرح التسهيل 3/ 333، أوضح المسالك 3/ 286.
(5)
نسب للنابغة الذبياني، وحكيم بن معية الربعي، الكتاب 2/ 345، الخصائص 2/ 372، وبلا نسبة في خزانة الأدب 5/ 62.
(6)
الكتاب 2/ 345، الخصائص 2/ 372، المفصل 154، خزانة الأدب 5/ 62.
(7)
النابغة الذبياني، زياد بن معاوية الذبياني 3/ 54.
(8)
البيت من الوافر، الكتاب 2/ 345، المقتضب 2/ 138، شرح أبيات سيبويه 2/ 70، خزانة الأدب 5/ 69.
(9)
الكهف: 79.
حُذف المنعوت، تبيَّن أن حذفَ المنعوت في هذا الحديث جائزٌ؛ لكون المنعوت معلومَ الجنس، والنعتُ صالحٌ لمباشرة العمل.