الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
(حِرَاء) بين الصرف والمنع
في قول عائشة رضي الله عنها: "وكان يخلو بغارِ حِراء"(1).
قال ابن الملقن:
" (حِرَاء): بكسر المهملة وتخفيفِ الراء والمدِّ، وهو مصروفٌ على الصحيح، ومنهم مَن منعَ صرفَه، مذكرٌ على الصحيح أيضًا، ومنهم مَن أنَّثه، ومنهم مَن قصره أيضًا؛ فهذِه ستُّ لغات"(2).
بيان المسألة:
ذكر ابن الملقن أن في (حراء) لغاتٍ ستًّا، وبيانُ ذلك فيما يلي:
يمكن تقسيم اللغات في (حراء) إلى أقسام ثلاثة: منها قسمان قد يمتزجان وهما:
1 -
الصرف ومنعه،
2 -
والتذكير والتأنيث:
وقد اشتهر عند النحويين، فيما يُمنع من الصرف: أنه الاسمُ الذي يكون فيه علتان أو علةٌ تقوم مقامَ العلتين (3)؛ وعليه فـ (حراء) يُصرف ويُمنع من الصرف.
فيصرفُ (حراء) إذا ذُكِّر وكان المرادُ به اسمَ المكان، والأصل في أسماء البلدان التأنيث، وإنما جاء التذكيرُ فيها لأن تأنيثها غير حقيقي.
أما إن أُنِّثت وأريد بها اسمُ البقعة، فتُمنع من الصرف، وعلةُ منعها من الصرف: التأنيث والعلمية.
فـ (حراء) مما يجوزُ فيه التذكيرُ والتأنيث، والصرف والمنع (4).
فمن التأنيث والمنع قولُ جرير:
(1) صحيح البخاري 1/ 7، باب بدء الوحي.
(2)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح 2/ 249.
(3)
الكافية في علم النحو 12، شرح الكافية الشافية 1/ 179.
(4)
الكتاب 3/ 246، علل النحو 470، معجم ما استعجم 2/ 432، تمهيد القواعد 8/ 4031.
ستعلمُ أيُّنا خيرٌ قديمًا
…
وأعظمُنا ببطنِ حِراءَ نارَا (1)
فـ (حراء) هنا ممنوعة من الصرف.
ومنه كذلك قول رؤبة:
ورُبَّ وجهٍ مِن حراءٍ مُنحَنِ (2)
فـ (حراء) هنا لم تُمنع من الصرف.
3 -
المد والقصر في (حراء):
المشهور في (حراء) المدُّ، بل إن بعض المحدثين يُلحِّنون من يقول بقَصْرها (3)، ولم أقف -حسب اطلاعي- على من نصَّ على لغة القصر؛ غير ما أشار إليه ابن الملقن.
ومما سبق يتبيَّنُ أن في (حراء) لغاتٍ خمسةً مشهورة معروفة، وأما اللغة السادسةُ فقد اعترض عليها بعضُ المحدثين، ولم أقف عليها.
(1) البيت من الوافر، ولم أجد البيت في ديوانه، نقلا: الكتاب 3/ 245، المقتضب 3/ 359، المعجم المفصل في الشواهد العربية 2/ 86.
(2)
البيت من الرجز، ديوانه 163، الكتاب 3/ 245، معجم ما استعجم 2/ 432، المعجم المفصل في العربية 12/ 281.
(3)
المقصور والممدود 33، إصلاح غلط المحدثين 45، درة الغواص في أوهام الخواص 165، الفائق في غريب الحديث والأثر 1/ 272، الأماكن أو ما اتفق لفظه وافترق مسماه 230، معجم البلدان 2/ 223.