الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
(قيل) و (قال) بين الفعلية والاسمية
في قوله عليه السلام: "وكره لكم قيل وقال"(1).
قال ابن الملقن:
"قال أبو عبيد: كناية عن قيل وقول، يُقال: قلتُ قَولًا وقِيلًا وقَالًا، وقرأ ابنُ مسعود: {ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَالَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34)} (2)، يعني: قولَ الحق. وقال ابنُ السِّكِّيت: هما اسمان لا مصدران، وقيل: هما فعلان "(3).
بيان المسألة:
ذكر ابن الملقن اختلافَ العلماء في (قيل) و (قال)، وبيان ذلك فيما يلي:
من العلماء مَن عَدَّ (قيل) و (قال) اسمين (4)، ومنهم مَن عدَّهما مصدرين (5)، ومنهم من عدَّهما فعلين (6).
فحجةُ مَن عدَّهما اسمين: دخولُ (أل) التعريف وحرف الجر عليهما، إذ هما يميِّزان الاسمَ عن غيره، قال ابنُ مالك (7):
بالجرِّ والتنوينِ والندا وألْ
…
ومسندٍ للاسمِ تمييزٌ حصَلْ
فتقول: نُهِينا عن القيلِ والقالِ، ونهينا عن قيلٍ وقالٍ.
ومما ورد فيهما على أنهما اسمان: قولُ ابن مقبل (8):
(1) صحيح البخاري 3/ 120، باب ما ينهى عن إضاعة المال.
(2)
مريم: 34.
(3)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح 15/ 460.
(4)
إصلاح المنطق 92، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية 5/ 1806.
(5)
نقلًا عن: تفسير الطبري 5/ 600.
(6)
نقلًا عن: تفسير الطبري 5/ 600، الإنصاف في مسائل الخلاف 2/ 426، إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث 147، إرشاد الساري 9/ 7.
(7)
ألفية ابن مالك 9.
(8)
هو: تميم بن أبي بن مقبل، شاعر جاهلي أدرك الإسلام، وشهد صفين مع معاوية، وترجمته في: بغية الطلب في تاريخ حلب 10/ 4694، مختصر تاريخ دمشق 29/ 167، الأعلام 2/ 87.
أصبحَ الدهرُ وقد ألوى بِهمْ
…
غيرَ تَقْوالِك مِن قيلٍ وقالِ (1)
وعُورض هذا بأنهما لو كانا اسمين لَما كان لعطفِ أحدِهما على الآخر مزيدُ فائدة، لكن قال المُحِبُّ الطبري: إن الاسم الثاني يكون توكيدًا (2).
وإذا عُدَّا مصدرين فيجيئان بالتنوين أيضًا؛ يقال: قلتُ قولًا وقالًا وقيلًا، ومنه قوله تعالى:{ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَولَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34)} (3)، قرأ ابن مسعود:(قالَ الحقِّ): أي قولَ الحقِّ (4).
وحجةُ مَن عدَّهما فعلين في الأصل أن هذا هو المستعمل؛ فإذا نُقلا إلى الاسمية بقِيا على حالهما؛ وقد نقَل سيبويه: (إن الله ينهاكم عن قيلَ وقالَ)(5).
ويرى ابنُ الحاجب (6) أن انتقالَ الفعل إلى اسم الجنس قليلٌ، والأشهرُ عدم التنوين فيهما (7)، وذكر سيبويه أن بيت ابن مقبل لم يسمع بالنصب (8).
أما كونُهما فعلين مبنيين، فعُورض بدخول حرف الجر عليهما، والجوابُ عن ذلك: أنهما فعلانِ محكيانِ بالقول (9).
والذي يترجحُ لديَّ أنهما فعلان.
(1) البيت من الرمل، ولم أجد البيت في ديوانه، نقلًا عن: الكتاب 3/ 269.
(2)
نقلًا: فتح الباري 11/ 306.
(3)
مريم: 34.
(4)
المصاحف لابن أبي داود 179، التبيان في إعراب القرآن 2/ 874.
(5)
الكتاب 3/ 268.
(6)
شرح شافية ابن الحاجب 1/ 37.
(7)
إرشاد الساري 9/ 7.
(8)
نقلًا: الكتاب 3/ 269.
(9)
ذُكر الجواب عن هذا الاعتراض في مسألة تعدي (نعم وبئس) بغير حرف الجر.