الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
الفعل (نظر) بين التعدي واللزوم
في قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (1)(2).
قال ابن الملقن:
"
…
وخطأُ كونه في الآية بالمعنى الأول -وهو الانتظار- من وجهين:
أحدُهما: أنه عدِّي إلى مفعوله بـ (إلى)، وهو إذا كان بمعنى الانتظار لا يَتعدى بها، وإنما يتعدى بنفسه، قال تعالى:{فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ} (3)، فعدَّاه بنفسه لَمَّا كان بمعنى (ينتظرون)
…
" (4).
بيان المسألة:
ذكر ابن الملقن أن كلمة (ناظرة) في الآية بمعنى النظر والمعاينة من بينِ معانيها الأخرى المحتمَلة لغةً؛ إذ تعني هذه الكلمةُ أكثر من معنى (5)، وبيان ذلك فيما يلي:
خطَّأ ابن الملقن رأيَ من قال بأنَّ معنَى (ناظرة) من الانتظار، وعلَّل ذلك بأن معنى الانتظار يتطلبُ التعديَ أصالةً بلا واسطة! .
لكن ما قاله ابن الملقن غيرُ مطرد، فلا يتعينُ أن يكون معنَى النظر متعديًا بلا حرف جر (6)، إذ وردت آياتٌ كريمة أخرى تخالفُ ذلك، من مثل قوله تعالى:{فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} (7)، فـ (ناظرة) بمعنى: منتظرة مرتقبة (8).
(1) القيامة: 23.
(2)
صحيح البخاري 9/ 127، باب قول الله تعالى:{وُجُوه يَومَئِذ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة} .
(3)
محمد: 18.
(4)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح 33/ 323.
(5)
تهذيب اللغة 14/ 265 - 266، معجم الفروق اللغوية 134، لسان العرب 5/ 217.
(6)
نقعة الصديان فيما جاء على الفعلان 41، التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل 6/ 89، تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد 3/ 1519.
(7)
النمل: 35.
(8)
تفسير القرطبي 13/ 200، التحرير والتنوير 19/ 267، الموسوعة القرآنية 10/ 462.
ومثلُه قوله تعالى: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ} (1)، إذ يحتمل أن يكون (أيكم) موصولة ويكون مفعولًا، والباء زائدة، فيصبح التقدير: فستُبصر ويبصرون الذي هو المفتونُ منكم (2).
ولو أن ابن الملقن اكتفى- حسَبَ رأيي- بما ذَكَره من حيث المعنى، إذ قال: إذا كانت بمعنى الانتظار، فيَحتمِلُ أن يكون المعنى: مرتقبة ربَّها، أو ثوابَه، وهذا لا يليقُ، إذ المنتظِر لِمَا ينتظرُه في تنغيص وتكدير (3)، وبهذا يمكنُ أن يُصرف النظرُ عن كونها للانتظار.
ومما سبق يتبيَّن أن (ناظرة) من النظر بدلالة المعنى، ولا يمكنُ القول بتعيُّن كونها للنظر بمجردِ دلالة تعدِّيها بحرف جر؛ لِمَا في ذلك من الخلاف.
(1) القلم: 6.
(2)
التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل 6/ 89، تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد 3/ 1519.
(3)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح 33/ 324.