الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهؤلاءِ كلُّهم سَمِعُوا مِن مالكِ بنِ أنسٍ، ونقَلُوا قولَهُ إلى المغرِب، يَرْوُونَ عن مالكٍ السُّنَّةَ والأثَرَ والفقه، وكانوا يَكرَهُونَ الكلامَ ومعارَضةَ السُّنَّةِ بالرأيِ، وأصولُهم أصولُ مالك، وفروعُهم فروعُه، وكانوا في العقائدِ يَجرُونَ على أصلٍ وفرعٍ واحدٍ، ولم يكنْ بينهم فيه نزاعٌ، وإنما اختلافُهم في الفروع، وَيدُلُّ على ذلك: أنَّهم لا يكتُبُونَ في العقائدِ إلا تَبَعًا؛ لاستقرارِ الأمرِ على الأمرِ الأوَّل.
ولمَّا بلَغَ أسدَ بنَ الفُرَاتِ قاضيَ القَيْرَوانِ: أنَّ بِشْرًا المَرِيسِيَّ كتَبَ كتابَهُ "التوحيد"، قال:"أَوَجَهِلَ الناسُ التوحيدَ حتى يضعَ لهم بِشْرٌ فيه كتابًا؛ هذه نُبُوَّةٌ ادَّعاها"(1).
وكانوا يَعرِفُونَ مصدرَ البِدَعِ الشرقيَّةِ وأصولَها، وقد كان ابنُ أبي حَسَّانَ صاحبُ مالكٍ قال فيمن يفاضِلُ بين أبي بكرٍ وعُمَرَ:"ليس هذا دِينَ قريشٍ، ولا دِينَ العرَبِ؛ هذا دِينُ أَهْلِ قُمّ"(2).
*
الحديثُ والكلام، وأثرهما في الخلاف:
وأهلُ الكلامِ أكثَرُ نِزَاعًا مِن أهلِ الحديثِ والأَثَر؛ فأهلُ الحديثِ نِزَاعُهم في الفروعِ، وأهلُ الكلامِ نزاعُهم في الأصولِ والفروع، وإذا تنازَعُوا في أصلٍ، تنازَعُوا في فروعِه، والناظِرُ في مذهبِ الأشاعِرةِ: يرى تشديدَهُمْ في الخلافِ في العقليَّات، وأنهم يَرَوْنَ المخالِفَ يتردَّدُ بين الكُفْرِ والابتداعِ والإِثْم، وبين أئمَّتِهم خلافٌ في أصولِهم؛ فقد خالَفَ رؤوسٌ منهم في أصولِهم؛ كأبي المَعَالِي الجُوَيْنِيِّ، والفَخْرِ الرازيِّ، وجَلَالِ الدِّينِ الدَّوَّانيِّ:
(1)"رياض النفوس"(1/ 264).
(2)
"رياض النفوس"(1/ 287).