الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَقِيلٍ: "عُدتُّ القَهْقَرَى إلى مذهَبِ المَكْتَبِ"(1)، ويقول الشَّهْرَسْتانيُّ:"عليكم بِدِينِ العَجَائِز"(2)، ويقولُ الفخرُ الرازيُّ:"لقد اختَبَرْتُ الطُّرُقَ الكلاميَّة، والمناهجَ الفلسفيَّة، والعلومَ المختلِفةَ؛ فما رأيتُ فيها فائدةً تساوي الفائدةَ التي وَجَدتُّها في القرآنِ العظيمِ؛ لأنه يَسعَى إلى تسليمِ العَظَمةِ والجَلَالِ بالكليَّةِ للهِ تعالى، ويَمنَعُ مِن التمعُّنِ في إيرادِ المعارَضاتِ والمناقَضات"(3).
وقد روى الشاطبيُّ في كتابه "الإفادات والإنشادات"(4) بإسنادِهِ إلى الرازيِّ، أبياتًا بيَّن فيها حَسْرَتَهُ ووَحْشَتَهُ مِن مباحثِهِ العقليَّة.
*
التعرُّف على الله بعلم الكلام يورِثُ الوحشة:
والمتكلِّمونُ يُحاوِلُونَ التعرُّفَ على اللهِ مِن غيرِ طريقِ الله، وما دلَّل اللهُ على نفسِهِ به، ومِن أظهَرِ فسادِ تلك العلومِ الكلاميَّةِ: أنَّ العلمَ الصحيحَ يُورِثُ خشيةً لله؛ كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]، ولا يكادُ داخلٌ في علمِ الكلامِ لِيتعرَّفَ على الله به، إلا ضَعُفَتْ خشيةُ اللهِ في قَلْبِه، ورَقَّ دِينُه؛ لأنه بعلمِ الكلامِ عرَفَ شيئًا غيرَ الله، فلو عرَفَ الله، لازداد له خَشْيةً لا وحشة.
والفلاسفةُ كلَّما تعمَّقوا في الفلسفة، ازدادوا حزنًا وحَيْرة، لا طمأنينةً ويقينًا؛ يَبدَأُ الداخلُ في الفلسفةِ وعلمِ الكلامِ بِنَشْوة، ثم ينتهي بحَيْرة؛ كما كان يقول أرسطوطاليس:"لماذا كلَّما تجاوَزْنا المستوى المتوسِّطَ في الفلسفة، تملَّكَتْنا الأحزان، ولازَمَتْنا الأمراض".
(1)"ذيل طبقات الحنابلة"(1/ 337).
(2)
"نهاية الإقدام"(ص 7).
(3)
"طبقات الشافعية الكبرى"(8/ 91).
(4)
"الإفادات والإنشادات"(ص 84 - 85).