المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ اللغة وعلم الكلام، وأسباب انتشار البدعة: - المغربية في شرح العقيدة القيروانية

[عبد العزيز الطريفي]

فهرس الكتاب

- ‌ فضلُ العلم وأفضَلُه:

- ‌ حفظُ العقلِ والنقلِ:

- ‌ فضلُ قُرْبِ الزمانِ والمكانِ الأوَّلِ:

- ‌ المَغرِبُ في زمَنِ الصحابةِ والتابعين:

- ‌ السُّنَّةُ والأثَرُ وعلمُ الكلامِ في المَغرِب:

- ‌ أثَرُ المَشرِقِ على المَغرِب:

- ‌ فلسفة اليُونان وأثَرُها على المتكلِّمِين:

- ‌ اعتقاد أهلِ المغرب:

- ‌ وجودُ الاعتزالِ في المغرِبِ، وموقفُ العلماءِ منه:

- ‌ بدايةُ رَدِّ المغاربةِ على المشارِقةِ في الفروعِ لا في الأصول:

- ‌ أسبابُ تأخُّرِ ذيوعِ علمِ الكلامِ في المَغرِب:

- ‌ أسبابُ انتشارِ علمِ الكلامِ في المَغرِب:

- ‌ أثَرُ الاعتزالِ في قَبُولِ علمِ الكلامِ على طريقةِ الأشاعِرةِ:

- ‌ مراتبُ المخالفينَ تقتضي مدحَ الأقرَبِ واللِّينَ معه:

- ‌ كتابةُ أهلِ المَغرِبِ في العقائد:

- ‌ أصولُ مالكٍ وفروعُهُ، وأحوالُ أصحابِهِ في المَغرِب:

- ‌ الحديثُ والكلام، وأثرهما في الخلاف:

- ‌ ثباتُ أهلِ المغربِ، وامتحانُهم بعلمِ الكلام:

- ‌ التأويلُ والتفويضُ في كلامِ بعضِ أهلِ السُّنَّة:

- ‌ علمُ الكلامِ والإمامُ مالكُ بن أَنَس:

- ‌ الرأيُ وعِلْمُ الكلام:

- ‌ نهيُ مالكٍ عن علمِ الكلامِ، ومرادُه:

- ‌ الاسترسالُ في علمِ الكلامِ وأثُره:

- ‌ التعرُّف على الله بعلم الكلام يورِثُ الوحشة:

- ‌ اعتقادُ السلفِ في الصفاتِ:

- ‌ اللغةُ وعلمُ الكلام، وأسبابُ انتشارِ البِدْعة:

- ‌ خطأ المتكلِّمينَ في استعمال اللغة:

- ‌ سَعَةُ الحلال، وضِيقُ الحرام:

- ‌ بيانُ المؤلِّفِ لمُوجِبِ التأليف:

- ‌ فضلُ الصلاةِ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومَواضِعُه:

- ‌ حكمُ الصلاةِ على غيرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ مُجمَلُ اعتقِادِ أهلِ السُّنَّةِ في اللهِ تعالى:

- ‌ حكمُ التفكُّرِ في ذات الله:

- ‌ أنواعُ ظاهرِ الصفاتِ:

- ‌ معرِفةُ اللهِ بآياتِه الكونية:

- ‌ سببُ الوقوع في الشِّرك:

- ‌ عقيدةُ التفويض:

- ‌ تاريخ مَذهَبِ التفويض:

- ‌ نسبةُ التفويضِ للسَّلَفِ:

- ‌ الغُلُوُّ في التنزيهِ يؤدِّي إلى توهُّم التعظيم في التفويضِ والتعطيل:

- ‌ روايةُ الأئمة لأحاديث الصِّفات، واحترازُهم مِن سوء فهمِها:

- ‌ توهُّمُ اللوازمِ الباطِلةِ يُفضِي إلى التفويضِ والتأويلِ والتعطيل:

- ‌ العلوُّ والمَعِيَّة:

- ‌ نفيُ بعضِ الصفات لأجل توهُّم إحاطةِ المخلوقاتِ بالخالق:

- ‌ الاستواءُ على العَرْش:

- ‌ الكُرْسِيّ:

- ‌ إحاطةُ عِلْمِ اللهِ بكلِّ شيء:

- ‌ عودةٌ إلى الكلامِ على استواءِ اللهِ على العَرْش:

- ‌ الحذرُ مِن التشبيه، وحكمُ التعبيرِ عن الصفات بما لم يَرِدْ في الشريعةِ مِن الإشارةِ والكَلَام:

- ‌ الأسماء والصفات:

- ‌ ما وَرَدَ مِن الأسماءِ والصفاتِ عن الصحابةِ والتابِعِين:

- ‌ أسماءُ اللهِ:

- ‌ حقيقةُ الصفاتِ:

- ‌ الإقرار بإثبات الصفة يُبطِلُ التفويض:

- ‌ كلامُ اللهِ:

- ‌ شِدَّة مالك وأصحابِه على القول بخَلْقِ القرآن:

- ‌ ظهورُ القول بخَلقِ القرآن في المغرب:

- ‌ أصلُ فِتنة خَلْق القرآن، والكلام النَّفْسي:

- ‌ الحَرْفُ والصَّوْت:

- ‌ من حُجَجِ نُفَاةِ الصوت والحرف لله:

- ‌ الواقفةُ في خَلْقِ القرآن، وسببُ التشديد عليهم:

- ‌ مِن أدلة القائلينَ بخَلقِ القرآن:

- ‌ صفةُ التَّجَلِّي للهِ تعالى:

- ‌ صِفَةُ نُزولِ الله تعالى:

- ‌ القرآنُ كلامُ اللهِ غيرُ مخلوق:

- ‌ الإيمانُ بالقَدَرِ:

- ‌ تقديرُ الخَيْرِ والشَّرّ:

- ‌ لا يُنسَبُ الشرُّ إلى الله:

- ‌ الجدالُ في القَدَرِ:

- ‌ أفعالُ العِبَادِ وخَلْقُها:

- ‌ أمرُ اللهِ ونهيُهُ وقدَرُهُ، وتوهُّمُ بعضِ النفوسِ الظُّلْمَ:

- ‌ العلمُ بالأسباب لا يُخرِجُ صاحبَه مِن قَدَرِ الله:

- ‌ عِلْمُ اللهِ بكلِّ شيءٍ:

- ‌ مشيئةُ اللهِ وقدرتُهُ على خلقِ أفعالِ العِبَادِ:

- ‌ المُخالِفونَ في القَدَر:

- ‌ الحتميَّةُ السَّبَبِيَّةُ:

- ‌ نفيُ القَدَر يَلزَمُ منه العجز:

- ‌ رسالةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكتابُه:

- ‌ خِتَامُ رسالةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم للرِّسالات:

- ‌ حكمُ اتِّباعِ دِينٍ غيرِ الإسلام:

- ‌ والكفرُ -حينئذٍ- جاء مِن جهاتٍ، أعظَمُها:

- ‌ الإسلامُ وحُرِّيَّةُ الدِّين:

- ‌ شُبُهاتٌ في حُرِّيَّةِ تَركِ الإسلام:

- ‌ الإيمانُ بالكُتُبِ السماويَّة، والحِكْمةُ مِن إرسالِ الرسلِ:

- ‌ مصدرُ تفسير القرآن:

- ‌ الإيمانُ بالقيامةِ وما فيها:

- ‌ النَّفْخ في الصُّور:

- ‌ بعثُ الأجسادِ وجزاؤُها:

- ‌ أشراطُ الساعةِ:

- ‌ تنزيلُ أشْراطِ الساعةِ عَلَى الواقعِ:

- ‌ الحسابُ والعقابُ:

- ‌ حكمُ مَن ماتَ ولم يَتُبْ مِن ذَنْبِه:

- ‌ مصيرُ مَن دخَلَ النارَ مِن عُصاةِ المُسلِمِين:

- ‌ وخالَفَ في هذا الخوارجُ والمعتزِلةُ، والمرجِئةُ:

- ‌ الشفاعةُ وأحكامُها:

- ‌ رؤيةُ اللهِ في الآخِرة:

- ‌ الجَنَّةُ والنَّارُ، ولِمَنْ أَعَدَّهُما اللهُ:

- ‌ خَلْقُ الجَنَّةِ والنارِ:

- ‌ خُلود الجَنَّة والنار:

- ‌ صفةُ المجيءِ للهِ:

- ‌ المِيزَانُ والوَزْن:

- ‌ صحائفُ الأعمال، وكيفيَّةُ استلامِها يومَ القيامة:

- ‌ الصراطُ وأحوالُ الناسِ فيه:

- ‌ الحَوْضُ المورودُ:

- ‌ حقيقةُ الإيمان:

- ‌ والطوائِفُ المخالِفةُ في هذا البابِ على سبيلِ الإجمالِ طائفتان:

- ‌ أسبابُ الافتتانِ برَأْيِ الخوارِج:

- ‌ الصِّفَةُ الجامِعةُ للخَوارجِ:

- ‌ الموقِفُ عند اجتماع الضلالات:

- ‌ المُوازنةُ بين المُرجِئَةِ والخَوارجِ:

- ‌ زيادةُ الايمانِ ونقصانُه:

- ‌ زوال الإيمان وكماله:

- ‌ نُقصان الإيمان عند مالك:

- ‌ الاستثناءُ في الإيمانِ:

- ‌ الإيمانُ قولٌ وعمَل:

- ‌ حكمُ تاركِ العمل كلِّه:

- ‌ أَثَرُ إِخْرَاجِ العَمَلِ مِن الإِيمانِ:

- ‌ التكفيرُ بالذنوبِ، وأحوالُ الطوائفِ:

- ‌ أرواحُ المَوْتَى وأحوالُها:

- ‌ القَبْرُ وفِتْنَتُهُ:

- ‌ كتابةُ الأعمالِ على المكلَّفين

- ‌ الأرواحُ وقَبْضُها:

- ‌ فضلُ خيرِ القُرُون:

- ‌ معنى القَرْن:

- ‌ فضلُ الصحابةِ، وتفاضُلُهُمْ:

- ‌ الوقوعُ في الصَّحَابةِ:

- ‌ التفاضُلُ بين الصحابةِ:

- ‌ التوسُّع في التفضيل بين الصحابة:

- ‌ ظُهورُ الطَّعْنِ في الصحابةِ في المَغْربِ:

- ‌ ما شجَرَ بين الصحابة:

- ‌ امتحانُ أهلِ المَغْربِ بالصحابةِ:

- ‌ فِتْنةُ الرَّافضةِ إذا تمكَّنُوا:

- ‌ الطاعةُ لأئمَّةِ المسلِمِينَ بالمعروفِ:

- ‌ الخُرُوجُ على الأَئِمَّةِ وأحوالُه:

- ‌ نُصحُ الأَئِمَّةِ:

- ‌ الخطأُ في نُصوص السَّمْع والطاعة:

- ‌ ابتلاءُ المُصلِح:

- ‌ تجرُّد المُصلِح:

- ‌ فضلُ السَّلَفِ واتِّباعِهم:

- ‌ سببُ تَفْضِيلِ السَّلفِ:

- ‌ تعظيمُ فقه الصَّحَابَةِ:

- ‌ الاستدلالُ بحديثٍ يخالِفُ الصحابةَ:

- ‌ حقيقةُ العملِ الذي يقدَّمُ عَلى الحديثِ:

- ‌ تركُ المِرَاءِ والجِدَالِ:

- ‌ طُرُقُ معرفةِ حقِّ الله:

- ‌ المجتهِدُ ببِدْعة:

- ‌ التحذيرُ مِن الجِدَالِ والمِرَاءِ في الدِّين:

- ‌ حسنُ القصدِ وسُوءُهُ، وأثَرُهُ على فهمِ القرآن:

- ‌ هَجْرُ الجِدَالِ والمِرَاءِ وأهلِهِ:

- ‌فهرس الآثار وأقوال الأئمة والعلماء

- ‌فهرس القواعد والكليات

- ‌معجم الموضوعات ورؤوس المسائل

- ‌فهرس المذاهب والأقوال

- ‌فهرس حكمة التشريع ومقاصد الشريعة

- ‌فهرس الحكم والأمثال ومأثور الأقوال

- ‌فهرس الفوائد

الفصل: ‌ اللغة وعلم الكلام، وأسباب انتشار البدعة:

بالتفكُّرِ في خَلقِه الدالِّ عليه" (1)؛ لأنَّ التفكُّرَ في الأسماءِ يؤدِّي لمعرِفةِ معناها وآثارِها، والعمَلِ بمقتضاها، وهو الإحصاءُ المقصودُ بقولِهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا؛ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ)(2).

*‌

‌ اللغةُ وعلمُ الكلام، وأسبابُ انتشارِ البِدْعة:

كان اللسانُ العَرَبيُّ الأوَّلُ حاميًا مِن الخروجِ عن وضعِ الشريعةِ، ومرادِ اللهِ سبحانه، ولمَّا انتشَرَتِ العُجْمةُ في الناس، ظنَّ أولادُ العرَبِ أنَّهم كآبائِهم يَرِثُونَ اللسانَ، كما يَرِثُونَ النسَب؛ ففسَدَتْ أفهامُ بعضِهم للنصوصِ لفسادِ اللسان؛ وقد صحَّ عن الحسَنِ البصريِّ قولُه:"أهلَكَتْهُمُ العُجْمةُ؛ يتأوَّلون القرآنَ على غيرِ تأويلِه"(3).

وكان مالكٌ يحذِّرُ مِن تفسيرِ القرآنِ وتأويلِهِ مِن غيرِ معرِفةٍ بلسانِ العرَبِ ولغاتِها، ويدعو إلى تأديبِ فاعلِهِ؛ لأنَّ ذلك يؤدِّي إلى حملِ كلامِ اللهِ على غيرِ مرادِه؛ قال:"لا أُوتَى برَجُلٍ يفسِّرُ كتابَ اللهِ غيرَ عالِمٍ بلغاتِ العرَبِ، إلا جعَلْتُهُ نَكَالًا"(4).

ويكفي في رَدِّ البدعِ الكلاميَّةِ معرِفةُ مَنْشَئِها اللسانيّ، وبُعْدِها المكانيِّ والزمانيّ؛ ولهذا لم يكنِ العرَبُ الذين سَمِعُوا القرآنَ يَستشكِلُونَ مِن الصفاتِ ما استشكَلَهُ المتكلِّمونَ حتى كفَّارُ قريش، ولم يكنِ الصحابةُ يَسألُونَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن أنواعِ الصفاتِ الذاتيَّةِ والفعليَّة؛ لأنَّ لسانَهم وبيانَهم لا يحتاجُ لِمِثْلِ هذا التقسيم.

(1)"جامع بيان العلم"(1769).

(2)

البخاري (2736)، ومسلم (2677) من حديث أبي هريرة. وسيأتي بيانُ أنواعِ ظاهرِ الصفاتِ عند السلَفِ في شرحِ كلامِ ابنِ أبي زَيْد؛ بإذنِ الله.

(3)

"تفسير القرآن" لابن وهب (85/ الجامع).

(4)

"شعب الإيمان"(2090)، و"ذم الكلام"(882).

ص: 62

وقد بيَّن ابنُ أبي زيدٍ القَيْرَوانيُّ: أنَّ البِدَعَ في الدِّينِ كانت بسبَبِ تصديرِ بني العبَّاسِ للعجَمِ مِن الفُرْسِ وغيرِهم، ولم يكنْ ذلك في بني أُميَّة (1).

ولما تمكَّن علمُ الكلامِ مِن بعضِ الناسِ، التمَسُوا مِن علمِ العربيَّةِ وأشعارِ العرَبِ ما يؤيِّدُ قولَهم، ولو كان مخالِفًا للوضعِ العرَبيِّ الأوَّل، ولسانِ قريش؛ فهم اعتقَدُوا بدليلِ علمِ الكلامِ، ثم استأنسُوا بالعربيَّة، حتى أصبَحَ هناك مَن يَقصِدُ تعلُّمَ العربيَّةِ، لتقريرِ علمِ العقائدِ على طريقةِ أهلِ الكلام.

وأهلُ السُّنَّةِ يُرجِعُونَ فهمَ مسائلِ الدِّينِ إلى ما تواضَعَ عليه أهلُ الصدرِ الأوَّلِ، واشتهَرَ الأخذُ به مِن زمنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والصحابةِ والتابِعِينَ خاصَّةً الحجازيِّين، ولا يَعتمِدُونَ على كلِّ لغةٍ واستعمال، ويتثبَّتون في النقلِ، ولا يَستدِلُّونَ بكلِّ شيءٍ مِن شواهدِ العرَبِ وأشعارِهم، بل بما تَفهَمُهُ عامَّةُ العرَبِ عند الإطلاق.

وقد نبَّه على هذا جمعٌ مِن الأئمَّةِ؛ كالشافعيِّ في "الرسالة"(2)، وعبدِ العزيزِ الكِنَانيِّ في "الحَيْدة"(3)؛ وهو الذي يَجرِي عليه في استعمالِهِ ونهجِهِ أئمَّةُ العربيَّةِ؛ كأبي عمرِو بنِ العَلَاءِ، وحمَّادِ بنِ سَلَمةَ، والخليلِ بنِ أحمدَ، وسِيبَوَيْهِ، والكِسَائِيِّ، والأَصمَعيِّ، وأبي عُبَيدٍ القاسمِ بنِ سلَّامٍ، وابنِ قُتَيْبةَ، وثَعْلَبٍ، وأبي منصورٍ الأَزْهَريِّ، وغيرِهم.

(1) انظر: "صَوْن المنطق"(ص 756).

(2)

"الرسالة"(ص 40 - 53).

(3)

"الحيدة"(ص 54 - 58).

ص: 63