الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قولَهُ؛ لإنصافِهم مِن هذا الوجه، وحمَلُوا قولَهُ على ظاهِرِهِ بلا تكلُّفٍ؛ كأبي بكرِ بنِ العربيِّ (1)، والعِزِّ بنِ عبد السلامِ (2)، والسُّبْكيِّ (3)، وابنِ جَمَاعةَ (4)، وأبي عبد الله العِكْرِميِّ (5).
وقد استعمَلَ لفظةَ الذاتِ للهِ عندَ استوائِهِ جماعةٌ قبلَ ابنِ أبي زَيْدٍ؛ كالمُزَنِيِّ صاحبِ الشافعيِّ (6)، وابنِ جَرِيرٍ الطَّبَريِّ (7)، وأبي أحمدَ الكَرَجيِّ القَصَّابِ (8)، ويَحيَى بنِ عَمَّارٍ السِّجِسْتانيِّ (9)، وغيرِهم.
*
الكُرْسِيّ:
ويُثبِتُ أنَّ للهِ كرسيًّا؛ كما قال عز وجل: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255]، وفَهْمُ ذلك على ما تَفهَمُهُ العرَبُ الأولى مِن كلامِها مِن أهلِ الصدرِ الأوَّل، وقد قال ابنُ عبَّاس:"الكُرْسِيُّ مَوْضِعُ القَدَمَيْنِ"(10).
وصحَّ هذا القولُ عن وَهْبِ بنِ منبِّه (11)، ويُروَى عن أبي موسى (12)،
(1)"العواصم"(2/ 290).
(2)
"النوازل" للبرزالي (6/ 20).
(3)
"طبقات الشافعية"(6/ 143).
(4)
"ايضاح الدليل"(ص 107).
(5)
"أزهار الرياض، في أخبار عياض" للمقَّري (3/ 58).
(6)
"شرح السُّنَّة" له (ص 75).
(7)
تقدَّم.
(8)
"العلو"(ص 236).
(9)
"الحجة في بيان المحجة"(2/ 109)، و "العلو"(564).
(10)
"السُّنَّة" لعبد الله (586 و 1020 و 1021)، و "التوحيد" لابن خزيمة (1/ 248 و 249).
(11)
"السُّنَّة" لعبد الله (1092)، و "العظمة"(4/ 1399).
(12)
"السُّنَّة" لعبد الله (588 و 1022)، و "تفسير الطبري"(4/ 538).
وأبي مالك (1)؛ وبهذا فسَّره ابنُ أبي زَمَنِينَ الأندلسيُّ في "أصول السُّنَّة"(2).
ولا يجوزُ تكييفُ فِعْلِ اللهِ فيه، ولا تشبيهُهُ؛ فاللهُ ليس كمثلِهِ شيءٌ، وقد ورَدَ في بيانِ حجمِ الكرسيِّ في الحديثِ:(مَا السَّمَوَاتُ السَّبْعُ مَعَ الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلاةٍ، وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلاةِ عَلَى الْحَلْقَةِ)(3).
ورُوِيَ: أنَّ الكُرْسِيِّ: هو عِلْمُ اللهِ (4)، وقيل: قُدْرَتُهُ (5)، وقيل: هو العَرْشُ (6).
والأصحُّ: أنه مَوضِعُ القَدَمَيْنِ على ما يليقُ بالله، لا على ما يليقُ بالمخلوق.
وأمَّا القولُ بأنَّ الكرسيَّ: عِلْمُ اللهِ؛ فقد رُوِيَ هذا عن ابن عبَّاس، وفيه عن ابن عبَّاس لِينٌ، واستدَلَّ بعضُهم عليه بقولِ الشاعِر:
مَا لِي بِأَمْرِكَ كُرْسِيٌّ أُكَاتِمُهُ
…
وَلَا يُكَرْسِئُ عِلْمَ اللهِ مَخْلُوقُ (7)
وهذا مخالِفٌ لوضعِ العرَبِ عند إطلاقِ الكُرْسِيِّ، والكُرْسِيُّ لا يُهمَز (8).
(1)"السُّنَّة" لعبد الله (589 و 1023).
(2)
"أصول السُّنَّة"(ص 96).
(3)
"العرش وما روي فيه"(58)، و "صحيح ابن حبان"(361).
(4)
رُوِي ذلك عن ابن عباس. انظر: "السُّنَّة" لعبد الله (1156 و 1184)، و "تفسير الطبري"(4/ 537).
(5)
"معاني القرآن" للنحاس (1/ 264)، و "تفسير القرطبي"(4/ 276).
(6)
رُوِي ذلك عن الحسن. انظر: "تفسير الطبري"(4/ 539).
(7)
لا يُعرَفُ قائلُ هذا البيت. انظر: "تأويل مختلف الحديث"(ص 119)، و "معاني القرآن" للنحاس (1/ 263)، و "البحر المحيط"(2/ 290)، و "اللباب في علوم الكتاب"(4/ 322).
(8)
انظر: "تأويل مختلِف الحديث" لابن قُتَيْبة (ص 119 ط. المكتب الإسلامي).