الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدِ نَبِيِّه، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا):
تُشرَعُ الصَّلاةُ على النبيِّ -صلي الله عليه وسلم- في الخُطَب، والصَّلاةُ على النبيِّ -صلي الله عليه وسلم- مِن تعظيمِ اللهِ؛ لأنَّ تعظيمَ الرسولِ مِن تعظيمِ المُرسِل والرِّسَالة، وتعظيمُ النبيِّ مِن تعظيمِ النبوَّةِ والمُنبِئ؛ وبهذا يَعمَلُ الخلفاءُ الراشِدونَ؛ ففي "المسنَد" عن أبي جُحَيْفَةَ؛ قال:"صَعِدَ عَلِيٌّ المِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللهَ تَعَالَى، وَأَثْنَى عَلَيْه، وَصَلِّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وقَالَ: خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، وَالثَّانِي عُمَرُ رضي الله عنه، وقَالَ: يَجعَلُ اللهُ تَعَالَى الخَيْرَ حَيْثُ أَحَبَّ"(1).
*
فضلُ الصلاةِ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومَواضِعُه:
وللصلاةِ على النبيِّ -صلي الله عليه وسلم- بَرَكةٌ على قائِلِها، وهي مؤثِّرةٌ في قَبُولِ العمَلِ والدعاء؛ ففي "السُّنَن" مِن حديثِ فَضَالةَ بنِ عُبَيْدٍ؛ أنَّ النبيِّ -صلي الله عليه وسلم- قال لمن صلَّى ودَعَا، ولم يُمَجِّدْ ولم يُصَلِّ عليه:(عَجِلْتَ أَيُّهَا المُصَلِّي)، وقال لمن صلَّى فمجَّد اللهَ وحَمِدَهُ، وصلَّى على النبيِّ -صلي الله عليه وسلم-:(ادْعُ تُجَبْ، وَسَلْ تُعْطَ)(2).
وقد تواتَرَتِ الأحاديثُ والآثارُ في فضلِ الصلاةِ على النبيِّ -صلي الله عليه وسلم- عامَّةً، وصحَّت في مواضعَ خاصَّةٍ:
فتُشرَعُ كسائرِ الذِّكْرِ لغيرِ سبَبٍ؛ لِمَا في "صحيح مسلم" مِن حديثِ
(1)"زيادات المسند"(1/ 106 رقم 837).
(2)
أبو داود (1481)، والترمذي (3476 و 3477)، والنسائي (1284).
أبي هُرَيْرةَ؛ قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بهَا عَشْرًا)(1).
وهي مِن أعظَمِ أسبابِ مكفِّراتِ الذنوبِ وجِلَاءِ الهمومِ؛ ففي "المسنَد" مِن حديثِ أبي طلحةَ رضي الله عنه؛ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتْ، وَحَطَّ عَنْهُ عَشْرَ خَطِيئَاتْ، وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتْ)(2).
وتُشرَعُ عند أسبابٍ، وآكَدُها: في الصلاةِ عند التشهُّد (3)، وعند ذكرِ النبيِّ -صلي الله عليه وسلم- (4)، وبعدَ الأذانِ (5)، وفي صلاةِ الجَنَازةِ (6)، وعند الهَمِّ والحاجات (7)، وفي مَجَالِسِ الذِّكْرِ عامَّةً (8)، وعند الدعاءِ (9)، وكان بعضُ الصحابةِ يَختِمُ قُنُوتَهُ بالصلاةِ على النبيِّ -صلي الله عليه وسلم- (10)، ورُوِيَ فيه مرفوعاتٌ يومَ الجمعةِ ولَيْلَتَها (11).
(1) مسلم (408).
(2)
"المسند"(4/ 29 رقم 16352)، وهو في "شعب الإيمان"(1455) من حديثِ أَنَس.
(3)
البخاري (3369)، ومسلم (407) من حديث أبي حُمَيْدٍ الساعدي. والبخاري (3370)، ومسلم (406) من حديث كَعبِ بن عُجْرة. وورد عن عددٍ من الصحابة في الصحيحينِ وغيرهما.
(4)
الترمذي (3545) من حديث أبي هريرة، و (3546) من حديث الحسين بن علي.
(5)
مسلم (384) من حديث عبد الله بن عمرو.
(6)
"مسند الشافعي"(1/ 210 - 211) من حديثِ رجلٍ من الصحابة.
(7)
الترمذي (2457) من حديثِ أُبَيِّ بن كعبٍ. وأبو نُعَيْمٍ في "معرفة الصحابة"(3/ 1413) من حديث جابر بن سَمُرَة.
(8)
الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(1672) من حديث أبي هريرة.
(9)
الترمذي (593) من حديث ابن مسعود.
(10)
"فضل الصلاة على النبي"(107).
(11)
النسائي (1374) من حديثِ أَوْسِ بن أوس. وابن ماجه (1637) من حديث أبي الدرداء. والبيهقي (3/ 249) من حديث أنس وأبي الدرداء.
ويُروَى الصلاةُ عليه عند دخولِ المسجِد، وعند الخروجِ منه؛ وهو معلول (1).
وإذا ذُكِرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في مجلسٍ، تأكَّدَتْ.
وتُجْزِئُ مَرَّةٌ واحدةٌ، وتَكْرارُها عند ذكرِهِ أَوْلى وأَحْوَط؛ وذلك لأنَّ جبريلَ دعا على مَن ترَكَها بالبُعْدِ، وأمَّن عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ كما في حديثِ جابرِ بنِ سَمُرةَ؛ قال: صَعِدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المِنْبَرَ، فقال:(آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ)، قال:(أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه الصلاة والسلام، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! مَنْ أَدْرَكَ أَحَدَ أَبَوَيْهِ، فَمَاتَ، فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: "آمِينَ"، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ، فَمَاتَ، فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَأُدْخِلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: "آمِينَ"، قَالَ: وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَمَاتَ، فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: "آمِينَ")؛ صحيحٌ رواه الطَّبَرانيُّ (2)، ورُوِيَ نحوُهُ مِن حديثِ أبي هريرةَ، ومالكِ بنِ الحُوَيْرِثِ، عند ابنِ حِبَّانَ (3)، وعن كَعْبِ بنِ عُجْرةَ عند الحاكِمِ (4)؛ وكلُّها معلولة.
ورُوِيَ مِن حديثِ أنسٍ بنحوِه، ولكنْ فيه:(رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ)(5).
وجاء مِن حديثِ حسينِ بنِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ عند أحمدَ والتِّرْمِذيِّ مرفوعًا: (البَخِيلُ: مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ)(6).
(1) انظر: "نتائج الأفكار"(1/ 275 - 277).
(2)
"المعجم الكبير"(2/ 243 - 244 رقم 2022).
(3)
في "صحيحه"(409 و 907 و 908).
(4)
في "المستدرك"(4/ 153 - 154).
(5)
البزار (6252).
(6)
أحمد (1/ 201 رقم 1736)، والترمذي (3546) من حديث حسين بن علي.