الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 - كِتابُ العِتْقِ
[13]
كِتابُ العِتقِ
(باب العتق)
مِنَ الصِّحَاحِ:
2529 -
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "من أعتقَ رقبةً مُسلمةً أعتَقَ الله بكلِّ عُضوٍ منها عُضْوًا منه من النارِ، حتى فَرْجَهُ بفَرجِهِ".
قوله: "حتى فرجه بفرجه"، (حتى) ها هنا: حرف عطف؛ أي: حتى أعتق الله فرج المعتق من النار بإعتاق فرج المملوك من الرقِّ، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم (حتى) ها هنا للتحقير؛ لأن الفرج حقير بالنسبة إلى باقي الأعضاء.
قال الخطَّابي: يستحبُّ عند بعض أهل العلم أن لا يكون العبد المعتق خصيًا، فيكون ناقص العضو؛ ليكون معتِقُهُ قد نال الموعود في عتق أعضائه كلها من النار بإعتاقه إياه من الرقِّ في الدنيا.
* * *
2530 -
وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أيُّ العملِ أَفضلُ؟ قال: "إيمانٌ بالله وجِهادٌ في سبيلِهِ"، قالَ: قلتُ: فأيُّ الرِّقابِ أَفضلُ؟ قال: "أَغلاها ثَمَنًا وأنفَسُها عندَ أهلِها"، قلتُ: فإنْ لم أَفعَلْ؟ قال: "تُعِينُ صانِعًا، أو تَصنعُ لأخْرَقَ"، قلتُ: فإنْ لم أَفعَلْ؟ قال: "تَدَع الناسَ مِن الشرِّ، فإنها صدقةٌ تَصَّدَّقُ
بها على نفسِك".
قوله: "وأَنْفَسُها عند أهلها"، (الأَنفَسُ): الأحبُّ والأكرمُ، يُقال: هذا أنفسُ مالي؛ أي: أحبُّه وأكرمُه عندي، الضمير في (أنفسها) و (أهلها) يعود إلى (الرِّقاب).
قوله: "تُعينُ صانعًا، أو تَصنعُ لأخرقَ"، قيل: الصنعة: ما يُصنَع، وحاصله: ما يَحدث ويتبيَّن، كما في جميع الصنائع.
قال في "شرح السُّنَّة": (الأَخرَق): الذي ليس في يده صنعةٌ.
حاصل الحديث: أفضلُ الأعمال الإيمانُ بالله سبحانه والجهادُ في سبيله، ثم إعتاقُ مملوكٍ أحبَّ إلى أهله وقيمتُه أرفعُ، ثم معاونةُ ذوي الحاجات والضعفاء، ثم دفعُ شرِّك عن الناس، فإنك إذا دفعتَ شرَّك عنهم، تصدَّقتَ به على نفسك.
* * *
مِنَ الحِسَان:
2531 -
عن البَراءِ بن عازِبٍ رضي الله عنه قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: علِّمني عَمَلًا يدخِلُني الجنةَ، قال:"لئنْ كنتَ أَقْصَرْتَ الخُطبةَ لقد أَعْرَضْتَ في المسألةَ، اِعتِقْ النَّسمةَ، وفُكَّ الرَّقَبَةَ"، قال: أَوَلَيْسا واحدًا؟ قال: "لا، عِتْقُ النَّسمةِ أنْ تَفرَّدَ بعِتْقِها، وفَكُّ الرقبةِ أنْ تُعينَ في ثمنِها، والمنحةَ الوَكُوفَ، والفيءَ على ذي الرَّحمِ الظَّالمِ، فإنْ لم تُطِقْ ذلكَ فأَطعِمَ الجائعَ، واسقِ الظَّمآنَ، وَأْمُرْ بالمعروفِ، وَانْهَ عن المنكرِ، فإنْ لم تُطِقْ ذلكَ فَكُفَّ لسانَكَ إلا مِن خيرٍ".
"أقصَرتَ الخُطبة"؛ أي: جئتَ بها قصيرةً، و"أَعرَضتَ المسألةَ"؛ أي: جئتَ بها عريضةً؛ يعني: لفظُها قصيرٌ، ومعانيها كثيرةٌ.
قوله: "أوليسا واحدًا"؛ يعني: أوليسَ إعتاقُ النَّسَمة وفكُّ الرَّقبة واحدًا؟
"النَّسمة": النفس والإنسان.
قوله: "لا؛ عتقُ النسمة أن تَفرَّدَ بعتقها، وفكُّ الرَّقبة أن تُعينَ في ثمنها"؛ يعني: ليس إعتاقُ النَّسمة وفكُّ الرَّقبة واحدًا، بل المراد بالنسمة ها هنا: التفردُ بإعتاق الرقبة، وفك الرقبة في سائر مواضع: الإعتاق، وفي هذا: الشَّرِكة في إعتاق الرَّقبة.
قوله: "والمِنْحة الوَكُوف، والفَيءُ على ذي الرَّحِم الظالم
…
" إلى آخره، مِنْحة اللَّبن كالناقة والشاة: تُعطيها غيرَك يحلبُها، ثم يردُّها عليك، ذكره في "الصِّحاح".
(الوَكُوف)؛ أي: غزيرةُ اللَّبن، ومنه: وَكَفَ البيتُ والدمعُ، ذكره في "شرح السُّنَّة".
(الفيء): الرجوع.
يعني: من جملة الأعمال المُؤدِّية صاحبَها إلى الجنة: إعطاءُ المِنْحة الفقراءَ؛ لينتفعوا بلبنها وصوفها ووبرها مدةً، ثم يردُّها على صاحبها، وكذلك الرجوعُ إلى ذي الرَّحم الظالم عليك بالإحسان والشفقة والصِّلة.
قيل: الروايةُ في (المِنْحة) و (الفَيء) بالنَّصب على أنهما مفعولٌ به، تقديره: أعطِ المِنْحةَ والفَيءَ، وإن رُوي بالرفع، فهما مبتدآن، تقديره: ومنها المِنْحةُ والفَيءُ.
* * *