المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌12 - كِتابُ النِّكَاحِ

- ‌2 - باب النَّظَرِ إلى المَخطوبةِ وبيانِ العَورات

- ‌3 - باب الوليَّ في النَّكاح واستِئذانِ المَرأةِ

- ‌4 - باب إعلانِ النكاحِ والخِطبةِ والشَّرطِ

- ‌5 - باب المُحرَّماتِ

- ‌6 - باب المُباشَرةِ

- ‌فصل

- ‌7 - باب الصَّداق

- ‌8 - باب الوَليمةِ

- ‌9 - باب القَسْمِ

- ‌10 - باب عشرةِ النِّساءِ وما لكلِّ واحدةٍ من الحقوقِ

- ‌11 - باب الخُلعِ والطلاقِ

- ‌12 - باب المُطلَّقَةِ ثلاثًا

- ‌فصل

- ‌13 - باب اللِّعَانِ

- ‌14 - باب العِدَّة

- ‌15 - باب الاستبراء

- ‌16 - باب النَّفقاتِ وحَقِّ المَملوكِ

- ‌17 - باب بلوغِ الصَّغيرِ وحضانتهِ في الصِّغَرِ

- ‌13 - كِتابُ العِتْقِ

- ‌2 - باب إعتاقِ العَبْدِ المُشتَرَك وشراءِ القريبِ والعتقِ في المَرَضِ

- ‌3 - باب الأيمانِ والنُّذورِ

- ‌فصل في النُّذورِ

- ‌14 - كِتَابُ القِصَاصِ

- ‌2 - باب الدَّيَاتِ

- ‌3 - باب ما لا يُضْمَنُ من الجنايات

- ‌4 - باب القَسامة

- ‌5 - باب قتلِ أهل الرِّدَّةِ والسُّعاةِ بالفسادِ

- ‌15 - كِتَابُ الحُدُودِ

- ‌2 - باب قَطْعِ السَّرِقَةِ

- ‌3 - باب الشَّفاعةِ في الحُدودِ

- ‌4 - باب حدِّ الخمرِ

- ‌5 - باب لا يُدْعى على المَحدودِ

- ‌6 - باب التَّعْزيرِ

- ‌7 - باب بيانِ الخَمْرِ ووعيدِ شاربها

- ‌16 - كِتابُ الإمَارَة وَالقَضَاءِ

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب ما على الوُلاةِ من التَّيسيرِ

- ‌3 - باب العَملِ في القضاءِ والخَوفِ منهُ

- ‌4 - باب رزق الوُلاةِ وهداياهم

- ‌5 - باب الأقضيةِ والشَّهاداتِ

- ‌17 - كِتابُ الجهَادِ

- ‌2 - باب إعدادِ آلةِ الجِهادِ

- ‌3 - باب آدابِ السَّفَرِ

- ‌4 - باب الكتابِ إلى الكُفَّارِ ودعائِهم إلى الإسلامِ

- ‌5 - باب القِتالِ في الجهاد

- ‌6 - باب حُكْمِ الأُسارى

- ‌7 - باب الأمانِ

- ‌8 - باب قِسْمَةِ الغنائمِ والغُلولِ فيها

- ‌9 - باب الجِزْيَةِ

- ‌10 - باب الصُّلحِ

- ‌11 - باب الجلاء: إخراجِ اليهودِ من جزيرةِ العَرَبِ

- ‌12 - باب الفَيْءِ

- ‌18 - كِتَابُ الصَّيْدِ والذَّبَائِحِ

- ‌2 - باب

- ‌3 - باب ما يحلُّ أكلُه وما يحرُمُ

- ‌4 - باب العقِيقةِ

- ‌19 - كِتَابُ الأَطْعِمَةِ

- ‌2 - باب الضيافَةِ

- ‌فصل

- ‌3 - باب الأشرِبةِ

- ‌4 - باب النَّقيعِ والأنبذةِ

- ‌5 - باب تغطيةِ الأواني وغيرِها

الفصل: ‌8 - باب الوليمة

والجمال والثُّيُوبة والبَكَارة من نساء عصباتها، كأخواتها من الأب والأم أو من الأب أو عمَّتِها أو بنتِ عمِّها.

فإن طلَّقَها قبلَ الدخول والفَرض، فلها المُتعةُ، وهو شيءٌ يُقدِّرُه الحاكمُ باجتهاده؛ على المُوسِع قَدْرُه، وعلى المُقتِر قَدْرُه، مثل أن يُعطيَها ثوبًا أو خمارًا أو خاتمًا.

* * *

‌8 - باب الوَليمةِ

(باب الوليمة)

مِنَ الصِّحَاحِ:

2391 -

عن أنسٍ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأى على عبدِ الرحمنِ بن عوفٍ أثرَ صُفْرةٍ فقال: ما هذا؟ قال: إني تزوَّجتُ امرأةً على وزنِ نَواةٍ من ذهبٍ، قال:"باركَ الله لكَ، أَوْلِمْ ولو بشاةٍ".

قوله: "رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صُفرة"؛ يعني: رأى على عبد الرحمن بن عوف أثرَ صُفرة الزَّعْفَران، فكرهَ صلى الله عليه وسلم تلك الصُّفرة منه؛ لأنَّ استعمالَ الزَّعْفَران والخَلُوق وما كان له لونٌ لا يجوز للرجال؛ لأنه تشبُّهٌ بالنساء، فقال صلى الله عليه وسلم: ما هو؟! يعني: لِمَ استعملتَ هذه الصُّفرة؟ فقال عبد الرحمن: تزوَّجتُ، فلما قال عبد الرحمن: تزوَّجتُ، سكتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ولم يأمرْه بغسل ذلك الأثر. قال الخطَّابيُّ: لأنَّ ذلك كان قليلًا، فعفا عنه، وقيل: بل استعمالُ الزَّعْفَران عند التزوُّج جائزٌ.

قوله: "على وزن نواة"(النَّواة): خمسةُ دراهم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "بارَكَ الله لك": هذا تصريحٌ منه صلى الله عليه وسلم أنَّ الدعاءَ للمُتزوَّج سُنَّةٌ.

ص: 67

قوله: "أَولِمْ": هذا أمرُ مُخاطَبٍ، من (أَولَمَ يُولِمُ): إذا هيَّأ طعامًا للناس عند العُرس؛ أي: الزَّفاف، وعند الخُرْسِ: وهو السلامة من الولادة، وعند الإعذار: وهو الخِتان، وعند القدوم من السفر، وعندما تحدث له نعمةٌ، وأن يَذبحَ للولد يومَ السابع من ولادته شاتَين للغلام وشاةً للجارية؛ وآكدُها عند العُرس، وقيل: هو واجبٌ.

* * *

2392 -

وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: ما أَوْلَمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على أحدٍ من نسائِه ما أَوْلَمَ على زينبَ، أَوْلَمَ بشاةٍ.

قوله: "ما أَولَمَ"؛ أي: مثلَ ما أَولَمَ، أو قَدْرَ ما أَولَمَ.

"على زينب"؛ يعني: أَولَمَ على زينبَ أكثرَ مما أَولَمَ على سائر نسائه.

* * *

2393 -

وقالَ: أَوْلَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حينَ بني بزينبَ بنتِ جحشٍ فأَشبعَ الناسَ خُبْزًا ولَحْمًا.

قوله: "حين بني بزينب"، (بني بناءً)، و (زَفَّ زَفافًا): إذا دخل الرجلُ بيتَ زوجته، أو أُرسلَتِ الزوجةُ إلى بيت زوجها، يُقال: بني على امرأته، وبنى بامرأته: إذا اجتمع معها أولَ مرة.

* * *

2394 -

وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أعتقَ صفيَّةَ وتزوَّجَها، وجعلَ عِتْقَها صَداقَها، وأَوْلمَ عليها بحَيْسٍ.

ص: 68

قوله: "أَعتَقَ صفيَّةَ وتزوَّجَها، وجعل عِتقَها صداقَها، وأَولَمَ عليها بِحَيْس"، (الحَيس): التمرُ المخلوطُ مع السَّمن.

اعلمْ أنَّ أحمدَ قال: لو أَعتَقَ أحدٌ أَمَتَه على أن يَتزوَّجَها، ويكون عِتقُها صَداقَها، جاز، فإذا قال السيد: أُعتقُك على أن تَكوني زوجتي، ويكون عِتقُك صَداقَك، صحَّ النكاحُ عنده، ولا يحتاج إلى لفظٍ آخرَ، بل صارت بهذا اللفظ زوجةً له، وصار عتقُها صَداقَها.

وقال مالكٌ وأبو حنيفةَ: لم يَجُزْ هذا الشَّرط، بل إذا قال: أَعتقتُك على أن أتزوَّجَك، ويكونَ عتقُك صَداقَك، عَتَقَتْ، ولكن لو أراد تزوُّجَها، يجب استئنافُ النكاح بمَهرٍ جديدٍ، ولا يجوز أن تكونَ قيمتُها إصداقَها، وقال الشافعي: عتقت إذا أَعتَقَها بهذا الشَرط، ولكنْ يجب استئنافُ النكاح، فإنْ تزوَّجَها بقيمتها، ويكون الزوجانِ راضيَين بذلك، جاز، وإن لم تفِ الأَمَةُ بهذا الشَّرط؛ يعني: لم ترضَ بأن تتزوَّجَ به، لم تُجبَرْ، ولكنه يَرجعُ السيدُ عليها بقيمتها.

وتأويلُ الحديث عند مالكِ وأبي حنيفةَ والشافعيِّ رضي الله عنهم: أنَّ الإعتاقَ وجعلَ العَتق صَداقًا من خواصِّ النبي صلى الله عليه وسلم.

* * *

2395 -

وقال: أقامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بينَ خيبرَ والمدينةِ ثلاثَ ليالٍ، يبنى عليهِ بصَفيّةَ، فدعوتُ المسلمينَ إلى وليمتِهِ وما كانَ فيها من خبزٍ ولا لَحْمٍ، وما كانَ فيها إلا أن أَمرَ بالأنطاعِ فبُسِطَتْ فأُلقيَ عليها التمرُ والأقِطُ والسَّمْنُ.

"وقال: أقامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم"؛ يعني: قال أنس.

"الأقط": الرائب الذي يُجعَل في كيسٍ أو زَنبيلٍ، حتى يذهبَ ماؤه ويصير غليظًا مثل العجين، ثم ربما يُجعَل قطعًا، ويُجعَل يابسًا.

* * *

ص: 69

2397 -

عن عبدِ الله بن عُمرَ رضي الله عنهما أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دُعي أحدُكم إلى الوَليمةِ فليأتِها".

وفي روايةٍ: "فليُجِبْ، عُرْسًا كانَ أو نحوَه".

قوله: "فَلْيُجِبْ، عرسًا كان أو نحوه"؛ يعني: فَلْيُجبِ الداعيَ إلى أيِّ ضيافةٍ كانت؛ إذا لم تكنْ هناك معصيةٌ.

قال مُحيي السُّنَّة رحمه الله: إجابةُ الداعي إلى ضيافةٍ غيرِ الوليمةِ مُستحبَّةٌ، وفي إجابة الوليمة قولانِ في أنها: واجبةٌ أو مُستحبَّةٌ، والوجوبُ والاستحبابُ إنما يكون إذا لم يكنْ هناك معصيةٌ، ولم يكنْ هناك مَن يتأذَّى بحضوره.

* * *

2399 -

وقال: "شرُّ الطَّعامِ طَعامُ الوَليمةِ، يُدعَى لها الأغنياءُ ويُترَكُ الفقراءُ، ومَنْ تركَ الدَّعوةَ فقد عصَى الله ورسولَه".

قوله: "شرُّ الطعام طعامُ الوليمة": إنما كان طعامُ الوليمة شرَّ الطعام إذا دُعِي لها الأغنياءُ وتُرِك الفقراءُ، أما إذا دُعِي لها الأغنياءُ والفقراءُ جميعًا، لم تكنْ شرَّ الطعام؛ بل تكون رضًا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

قوله: "ومَن ترك الدعوةَ فقد عصى الله ورسولَه"؛ أي: مَن ترك إجابةَ الدعوة؛ يعني: مَن دعاه صاحبُ الوليمة إليها، ولم يُجبْ مِن غير عذرٍ فقد خالَفَ أمرَ الرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا خالَفَ أمرَ الرسول صلى الله عليه وسلم فقد خالَفَ أمرَ الله، فمَن قال: إجابةُ الوليمة واجبة، تمسكَ بظاهر هذا الحديث، ومَن قال: هي سُنَّةٌ، تأوَّلَ هذا الحديثَ على تأكيدِ الاستحبابِ.

رَوى هذا الحديثَ أبو هريرة رضي الله عنه.

* * *

ص: 70

2400 -

عن أبي مسعودٍ الأنصاريِّ رضي الله عنه قال: كانَ رجلٌ من الأنصارِ يُكْنَى أبا شُعيبٍ، كانَ له غلامٌ لحَّامٌ فقال: اِصنَعْ لي طعامًا يكفي خمسةً، لَعَلِّي أَدعو النبيَّ صلى الله عليه وسلم خامسَ خمسةٍ، فصنعَ له طُعَيمًا ثم أتاهُ فدعاهُ، فتبعَهم رجلٌ فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"يا أبا شُعَيبٍ إنَّ رَجُلًا تبعَنا، فإنْ شئتَ أذِنْتَ له وإنْ شئت تركتَه" قال: لا بل أذنتُ له.

قوله: "لَحَّام"؛ أي: بائع اللحم.

قوله: "خامس خمسة"؛ يعني: يكون دونَه أربعةُ أنفس، ويكون عددُهم مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم خمسةً.

قوله: "إن شئتَ أذنتَ له، وإن شئتَ تركتَه": هذا تصريحٌ منه صلى الله عليه وسلم على أنه لا يجوز لأحدٍ أن يَدخلَ دارَ أحدٍ بضيافةٍ أو غيرها إلا بإذنه، ولا يجوز لأحدٍ دعاه المُضيفُ أن يدعوَ أحدًا بغير إذن المُضيف.

* * *

مِنَ الحِسَان:

2402 -

وعن سَفِينَة: أنَّ رَجُلاً ضافَ عليَّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه فصنَعَ له طعامًا، فقالَتْ فاطمةُ رضي الله عنها: لو دَعَوْنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأكلَ مَعَنا، فدَعَوْهُ، فجاءَ فوَضَعَ يَدَيْه على عِضادَتَيْ البابِ، فرأى القِرامَ قد ضُرِبَ في ناحيةِ البيتِ فرجعَ، قالت فاطمةُ رضي الله عنها: فتَبعتُه، فقلتُ: يا رسولَ الله! ما رَدَّكَ؟ قال: "إنَّه ليس لي أو لنبيٍّ أنْ يدخلَ بيتًا مُزَوَّقًا".

قوله: "إن رجلًا ضاف عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه"، معنى الضيافة هنا: أنَّ ذلك الرجلَ أَهدَى طعامًا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وليس معناه: أنه دعا عليًّا إلى بيته؛ لأنه لم يُذكَرْ أنَّ ذاك الرجلَ دعا عليًّا وفاطمةَ، ولم يُذكَرْ أيضًا: أنه أَذنَ لعليٍّ أن

ص: 71

يدعوَ فاطمةَ، ولم يُذكَرْ أيضًا: أنه أَذنَ لعليًّ وفاطمةَ أن يَدعُوَا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.

فثبت بهذه الدلائل أنَّ معنى الضيافة هنا: أنه صنع طعامًا، وأَرسلَ ذلك الطعامَ إلى بيت عليٍّ رضي الله عنه، فلما حصل ذلك الطعامُ في بيت علي، صار ملكًا لعلي وفاطمة رضي الله عنهما، فلهما أن يَدعُوَا النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

قولها: "لو دعونا رسول الله صلى الله عليه وسلم"، جوابُ (لو) محذوفٌ، وتقديره: لو دعوَنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، لَكان حسنًا، ولَكان خيرًا.

قوله: "عِضَادتَي الباب" هذا تثنية: عِضَادة، وهي عَضُد الباب.

قوله: "فرأى القِرَام"؛ أي: السَّتر.

"مُزوَّقًا"؛ أي: مُزيَّنًا، قال الخطَّابي: كان ذلك القِرَامُ مُزيَّنًا؛ أي: مُنقَّشًا. وقيل: بل لم يكن ذلك السَّترُ مُنقَّشًا، ولكن ضُرِبَ مثلَ حَجَلَةِ العَروس، سُتِرَ به الجدارُ، وهذا شيءٌ فيه رُعونةٌ يُشبهُ أفعالَ الجَبَابرة، فلهذا لم يَدخلْ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك البيتَ، وهذا تصريحٌ منه صلى الله عليه وسلم: أنه لا تُجاب دعوةٌ يكون فيها منكرٌ.

* * *

2403 -

عن عبدِ الله بن عمرَ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ دُعي إلى وليمةٍ فلم يُجبْ فقد عَصَى الله ورسولَه، ومن دخلَ على غيرِ دعوةٍ دخلَ سارقًا، وخرجَ مُغِيرًا".

قوله: "ومَن دخل على غير دعوةٍ دخل سارقًا، وخرجَ مُغِيرًا"؛ يعني: مَن دخل ضيافةَ أحدٍ من غير أن يَأذنَ له المُضيفُ في الدخول فكأنه سارقٌ؛ يعني: فكما أنَّ السارقَ آثمٌ في دخول بيت غيره، فكذلك هذا الرجلُ، فإنْ أكلَ من تلك الضيافة شيئًا، أو حملَ منها، فهو كالذي يُغِيرُ؛ أي: يأخذ مال أحدٍ بالغصب. بل لا يجوز للضيف أخذُ الزَّلة (1) إلا إذا عَرف رضا المالك يقينًا بقرينةٍ، فإنْ عَرف

(1) الزَّلة: اسم لما تحملُ من مائدة صديقك أو قريبك. انظر "القاموس المحيط" مادة (زلل).

ص: 72

عدمَ الرضا، فهي حرامٌ، وإنْ شكَّ في أنه راضٍ أم لا؟ فالظاهرُ التحريمُ.

وقيل: إذا وَضعَ المُضيفُ عند الضيف طعامًا، صار ملكَ الضيف؛ إن شاء أكله، وإن شاء أطعمَه أحدًا، وإن شاء حملَه إلى بيته، وإن أَجلسَ المُضيفُ الضيفَ على مائدته [فـ]ـلا يجوز للضيف أن يأخذَ، ويجوز أن يأكلَ أو يُطعمَ أحدًا، بشرط أن يكونَ ذلك الرجلُ من أهل تلك المائدة، ولا يجوز لذلك الأحد أن يحملَ ما أعطاه، بل له أن يأكلَه لا غير.

* * *

2404 -

ورُوِيَ عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اجتمعَ الدَّاعيانِ فأَجِبْ أقربَهما بابًا، وإنْ سبقَ أحدُهما فأجبْ الذي سبقَ".

قوله: "إذا اجتمعَ الداعيانِ"؛ يعني: إذا دعاك اثنان؛ كلُّ واحد منهما إلى ضيافته، فإنْ دَعَوَاك معًا، فأَجِبْ مَن دارُه أقربُ إليك؛ لأنَّ مَن دارُه أقربُ إليك حقُّه آكدُ، وإنْ دعاك أحدُهما قبلَ الآخر، فالذي دعاك أولًا أَولى بالإجابة، وإن كان داره الأبعد منك.

رَوى هذا الحديثَ حُمَيدُ بن عبد الرحمن الحُمَيدي.

* * *

2405 -

وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "طعام أولِ يومٍ حقٌّ، وطعامُ اليومِ الثاني سُنةٌ، وطعامُ اليومِ الثالثِ سُمعةٌ، ومن سَمَّعَ سَمَّعَ الله به".

قوله: "طعامُ أولِ يوم حقٌّ، وطعامُ اليومِ الثاني سُنَّةٌ، وطعامُ اليومِ الثالثِ سُمعةٌ؛ ومَن سَمَّعَ سَمَّعَ الله به"؛ يعني: إذا جعلَ أحدٌ ضيافةَ الوليمة أو غيرها ثلاثةَ أيامٍ، فضيافةُ اليومِ الأولِ حقٌّ؛ أي: واجبٌ في قولٍ، وسُنَّةٌ مُؤكَّدةٌ في

ص: 73