الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جنس منها بالكلية؛ لئلا ينقطع جنسُ الكلاب، فنهي عن قتل كلِّها وأمر بقتل بعضها.
قوله: "فاقتلوا منها كل أسود بهيم"، (البهيم): الأسود الذي لا بياض فيه، قيل: علته أن الكلب الأسود أكثرُ إضرارًا بالناس، وأقلُّ نفعًا، وأبعدُ من الصيد والحراسة، وأكثرُ نعاسًا.
وروي عن أحمد وإسحاق أنهما قالا: لا يحِلُّ صيدُ الكلب الأسود.
* * *
3138 -
عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التَّحريشِ بين البهائمِ.
قوله: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم"، (التحريش): إغراء الكلب وغيره من الدواب بعضها على بعض، وحَمْلِ بعضها على نَطْح بعض، أو عَضه.
* * *
3 - باب ما يحلُّ أكلُه وما يحرُمُ
(باب ما يحل أكله وما يحرم)
مِنَ الصِّحَاحِ:
3139 -
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ ذِي نابٍ مِنَ السَّباعِ فأكْلُهُ حرامٌ".
قوله: "كلُّ ذي ناب من السِّباع فأكلُه حرام"، ذُكر بحثُه في باب الصيد.
رواه أبو هريرة.
* * *
3144 -
وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: أنْفَجْنا أرنَبًا بمرِّ الظَّهْران، فأَخَذتُها فأَتيتُ بها أبا طَلْحَةَ، فذبحَها وبَعَثَ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بوَرِكِها وفَخِذَيْها فقبلَه.
قوله: "أنفَجْنا"؛ أي: أَثَرْنا وهيَّجنا أرنبًا عن موضعه، بِمَرِّ الظَّهران): اسم موضع.
* * *
3146 -
وعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: أنَّ خالدَ بن الوليدِ أخبَره أنَّه دخلَ معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم على مَيْمونةَ، وهيَ خالَتُهُ وخالَةُ ابن عبَّاسٍ، فوجدَ عِندَها ضَبًّا مَحْنُوذًا، فقدَّمَتِ الضَّبَّ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فرفَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدَهُ عن الضَّبِّ، فقال خالدٌ: أحرامٌ الضَّبُّ يا رسولَ الله؛ قال: "لا، ولكنْ لمْ يكُنْ بأرضِ قَوْمي فأجِدُني أعافُهُ". قال خالد: فاجْتَرَرْتُهُ فأكلْتُهُ ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم ينظرُ إليَّ.
قوله: "محنوذًا"؛ أي: مشويًا.
"أجدني أعافه"؛ أي: أجد نفسي أكرهه وأتقذَّر منه.
* * *
3149 -
عن جابرٍ رضي الله عنه: أنه قال: غَزَوْنا جيْشَ الخَبَط، وأُمِّرَ علينا أبو عُبَيدةَ فجُعْنَا جُوعًا شديدًا، فأَلْقَى لنا البَحرُ حُوتًا ميتًا لم نَرَ مثلَهُ يُقالُ لهُ العَنْبر، فَأَكَلْنا منهُ نِصفَ شَهرٍ، فأخذَ أبو عُبَيدةَ عَظمًا مِنْ عِظامِهِ، فَمَرَّ الراكِبُ تحتَهُ، فلمَّا قَدِمنا ذَكَرْنا للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال:"كلُوا رِزقًا أخرجَهُ الله، أطْعِمُونا إنْ كانَ مَعَكُمْ". قال: فأرْسَلْنا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنهُ فأكلَهُ.
قوله: "غزوت جيش الخبط"، (الخبط) - بفتح الباء -: الورق الذي يسقط من الشجر بالعصا، سمي هذا الجيش الخبط لأنهم كانوا يأكلون في ذلك الخَبَطَ من الجوع.
* * *
3150 -
عن أبي هريرةَ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وَقَعَ الذُّبابُ في إناءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ ليَطْرَحْهُ، فإن في أَحَدِ جَناحَيْهِ شفاءً وفي الآخَر داءً".
قوله: "فليغمسه"؛ أي: فليُدْخِلْه فيما في الإناء من الماء أو غيره، وإن كان طعامًا حارًا، ولا بأس أن يموت فيه؛ لأن مَيتَهُ ليست بنجس؛ لأنه ليس له دم سائل.
* * *
3151 -
وعن مَيْمونةَ: أنَّ فأْرةً وقعتْ في سَمْنٍ فماتتْ، فسُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عنها، فقال:"أَلْقُوها وما حَوْلَها وكُلوهُ".
قوله: "ألقوها وما حولها"؛ يعني خذوا الفأرة وما حولها من السمن إن كان السمن جامدًا، وما بقي من السمن فهو طاهر؛ لأنه لم يَصِلْ إلى الباقي أثرُ الفأرة؛ لكونه جامدًا، فإن كان مائعًا فقد نجَّس الكلَّ، وعلى هذا فقِسْ جميعَ الطعام والشراب.
* * *
3152 -
عن ابن عمرَ رضي الله عنهما: أنَّه سَمِعَ النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "اقتُلُوا الحَيَّاتِ، واقتُلُوا ذا الطُّفْيَتَيْنِ والأبْتَرَ، فإنَّهما يَطْمِسانِ البَصَرَ ويَسْتَسْقِطانِ الحَبَل". وقال
أبو لُبابةَ: إنَّه نَهَى بعدَ ذلكَ عنْ ذَواتِ البُيوتِ، وهنَّ العَوامِرُ.
قوله: "اقتلوا الحيات واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر"؛ يعني اقتلوا جميعَ الحيَّات وبالغوا في قتل ذي الطُّفْيتين، وهي الحية التي على ظهرها خَطَّانِ أسودان.
(والأبتر): قصير الذَّنَب من الحية.
"فإنهما يَطْمِسان البصر"؛ أي: يخطُفانه لخاصِّيَّة في طباعهما إذا وقع بصرُهما على بصر الإنسان.
"ويَستسقطان"؛ أي: يُسقطان الحَبَل؛ أي: الحمل؛ يعني: إذا رأتهما الحاملُ يَسْقُط جنينُها؛ إما لخوفها منهما، وإما لخاصِّيَّة فيهما في إسقاط الحمل.
قوله: "ذوات البيوت"؛ يعني: الحيات التي تكون في البيوت، وهنَّ العوامر. (العوامر): جمع عامرة؛ يعني: هذه الحيات لَسْنَ بحيات، بل صنف من الجِنَّ تسكن البيوت.
* * *
3153 -
ورُوِيَ عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لهذهِ البُيوتِ عَوامِرَ، فإذا رأَيْتُم شيئًا منها فحَرِّجُوا علَيْها ثلاثًا، فإنْ ذهَبَ وإلا فاقتُلُوهُ فإنه كافِرٌ".
قوله: "إنَّ لهذه البيوت عوامِرَ"؛ أي: إن جماعة من الجن تسكن هذه البيوت على صورة الحيات.
"فحرِّجوا عليها"؛ أي: حَلِّفوها ثلاثَ مرات في أوقات متفرقة، فإن ذهب بحيث لا يظهر مرة أخرى فهو المراد، (وإلا)؛ يعني: وإن لم يذهب وعاد بعد ذلك فاقتلوه؛ فإنه إما جنِّيٌّ كافر، وإما حية.
3153/ م - ويُروَى أنّه قال: "إنَّ بالمدينةِ جِنًّا قدْ أسلَمُوا، فإذا رأَيْتُمْ منهمْ شيئًا فآذِنُوهُ ثلاثةَ أيَّامٍ، فإنْ بدا لكمْ بعدَ ذلكَ فاقتُلُوهُ فإنَّما هو شيطانٌ".
قوله: "فآذنوه"؛ أي: فحلِّفوه وقولوا له: بالله عليك أن لا تعود إلينا.
"بدا"؛ أي: ظهر.
"فإنما هو شيطان"؛ أي: فليس بجني مسلم، بل هو إما جني كافر، وإما حية، أو ولدٌ من أولاد إبليس.
* * *
3154 -
وعن أمِّ شَريكٍ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بقتلِ الوَزَغِ، وقال:"كان ينفُخُ على نارِ إبراهيمَ".
قولها: "أن رسول الله أمر بقتل الوَزَغِ"، (الوزغ): دُويبة مُؤذية يقال لها: سام أبرص، ويقال له بلسان بعض الفارس: مارتورنك، وكان ينفخ على إبراهيم عليه السلام؛ يعني: ينفخ على النار التي ألقى نَمْرودُ اللعينُ فيها إبراهيمَ عليه السلام ليشعل النار عليه؛ يعني: أَظْهَر عداوةَ نبيِّ الله إبراهيمَ عليه السلام، ومَنْ أظهر عداوة نبيٍّ من أنبياء الله فهو كافر يستوفي فيه الإنسُ وغيرُهم.
* * *
3156 -
عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ قتلَ وَزَغًا في أوَّلِ ضَرْبَةٍ كُتِبتْ لهُ مِئَةُ حسنةٍ، وفي الثَّانيةِ دُونَ ذلكَ، وفي الثَّالِثَةِ دُونَ ذلك".
قوله: "من قتل وَزَغًا في أوَّلِ ضَربة كتبت له مئةُ حسنة"؛ يعني: مَنْ قتله بأول ضربة فقد بالغ في ضربه لاشتداد غضبه عليه، وإذا بالغَ في ضرب عدوٍّ من أعداء نبيًّ من أنبياء الله فقد استحقَّ أجرًا كاملًا، ومن قتله بضربتين لم يبالغْ في
ضربه، فلم يكن أجرُه كأجر مَنْ بالغ في قتله.
* * *
3157 -
عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قَرَصَتْ نَمْلة نبيًّا مِنَ الأنبياءِ، فأَمَرَ بقريةِ النَّمْلِ فأُحْرِقَتْ، فأوْحَى الله إليهِ أنْ قَرَصَتْكَ نملةٌ أحْرقْتَ أُمَّةً مِنَ الأُممِ تُسبحُ.
قوله: "قَرَصَت"؛ أي: لَدَغت. (قرية النمل): مَسْكنها.
قوله: "أحرقت أمة"؛ أي: جماعة وجنسًا من مخلوقاتي. هذا صريح بأنَّ قتلَ النملِ غيرُ جائز.
* * *
مِنَ الحِسَان:
3159 -
عن سَفِينةَ قال: أكلتُ مَعَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم لَحْمَ حُبارَى.
قوله: "لحم حبارى"، (الحُبارى): نوع من الطير يقال له بالفارسي: جرز.
* * *
3160 -
عن ابن عمرَ رضي الله عنهما قال: نهى رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عنْ أكل الجَلالَةِ وألْبانِها.
ويُروَى: أنَّه نَهَى عن رُكوبِ الجلالةِ.
قوله: "نهى عن أكل الجلَّالة وألبانِها"، (الجلالة): الدإبة التي تأكل النجاسة، فإن لم يظهر في لحمها نَتَنٌ فلا بأس بأكل لحمها، وإن ظهر في لحمها
نتنُ النجاسةِ حَرُمَ أكلُها إلا أن تُحبس أيامًا، وتَعْلِف من غيرها حتَّى يَطِيبَ لحمُها، وهو قول الشافعي وأبو حنيفةَ وأحمدَ.
ويروى: أن البقر يعلف أربعين يومًا، ثم يؤكل، وكان ابن عمر يَحْبس الدجاجَ ثلاثًا، وكان الحسنُ لا يرى بأسًا بأكل لحوم الجلَّالة، وهو قول مالك.
وقال إسحاق: لا بأس بأكلها بعد أن تُغْسل غسلًا جيدًا، وروى نافع عن ابن عمر قال: نهى عن ركوب الجلالة. وإنما كَرِهَ ركوبَها؛ لأنها إذا عَرِقَت تنتن رائحتها كما ينتن لحمها.
3161 -
وعن عبدِ الرَّحمن بن شِبْلٍ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عنْ أكلِ لحمِ الضَّبِّ.
قوله: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكلِ الضَّبِّ"، قال أصحاب الحديث: إسناد هذا الحديث ضعيف، بل الأحاديث الصحيحة قد جاءت بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الضبُّ لا آكلُه ولا أحرِّمه".
وبهذا قال الشافعي ومالك؛ فإنهما يُبيحان أكلَ الضب، وحرَّمه أبو حنيفة.
* * *
3162 -
عن جابرٍ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عنْ أكلِ الهرَّةِ وَعن ثمنِها.
قوله: "نهى عن أكل الهرة وأكل ثمنها"، أكل الهرِّ حرامٌ بالاتفاق، وأما جواز بيعها وأكل ثمنها: فيه خلاف ذكرناه في (كتاب البيوع).
* * *
3164 -
عن خالدِ بن الوَليدِ رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عنْ أكلِ لحُومِ
الخَيْلِ والبغالِ والحَميرِ.
قوله: "نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير"، لحم البغل والحمار حرام بالاتفاق، وأما لحم الخيل - أي: الفرس - فحلال عند الشافعي وأحمد، وحرام عند أبي حنيفة ومالك.
* * *
3165 -
وقال: "ألا لا تحِلُّ أموالُ المُعاهِدينَ إلَّا بحقِّها".
قوله: "لا تحل أموال المُعاهِدين إلا بحقِّها"، إن أراد بالمعاهِدين أهلَ الذِّمة فحقُّ أموالِهم الجزيةُ، فإذا أعطونا الجزيةَ لا يجوز لنا أخذُ شيء من أموالهم غيرِ الجزية، وإن أرادوا بالمعاهِدين الكفارَ والذين جاءوا من دار الحرب إلى دار الإسلام لتجارةٍ فحقُّ أموالهم أخذُ عُشْرِ تجاراتهم.
روى هذا الحديثَ "خالدُ بن الوليد".
* * *
3167 -
ورُوِيَ عن أبي الزُّبَيرِ عن جابرٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما ألقاه البحرُ أو جَزَرَ عنهُ فكُلوهُ، وما ماتَ فيهِ وطَفا فلا تأكُلوه"، والأكثرون على أنَّه موقوفٌ على جابرٍ.
قوله: "جزر عنه الماء"؛ أي: ذهب عنه الماء وبقيَ على وجه الأرض.
قوله: "وطفا"؛ أي: ظهر على وجه الماء بعد أن مات، ومذهب أبي حنيفة أنَّ السمكَ إذا مات في البحر وطَفَا فهو حرام.
* * *
3168 -
ورُوِيَ عن سلمانَ رضي الله عنه قال: سُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الجرادِ فقال: "أكثرُ جُنودِ الله، لا آكُلُهُ ولا أُحَرِّمُه"، ضعيف.
قوله: "أكثر جنود الله"؛ يعني: إذا أراد الله أن يعذِّبَ في الدنيا خَلْقًا أرسل إليهم جرادًا ليأكل زُروعَهم وأشجارَهم ويظهر فيهم القَحْط، وأكل الجراد حلال بالاتفاق، وقيل: ما مات منه قبل أن يُؤخذ فمكروهٌ أكلُه.
* * *
3170 -
وعن عبدِ الرَّحمنِ بن أبي ليلى رضي الله عنه قال: قال لي أبو ليلى: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ظَهَرتِ الحيَّةُ في المَسْكَنِ فقولوا لها: إنّا نسألُكِ بعهدِ نُوحٍ وبعهدِ سُليمانَ بن داودَ أنْ لا تُؤْذِيَنا، فإنْ عادتْ فاقْتُلُوها".
قوله: "إذا ظهرت الحيَّةُ في المَسْكن فقولوا لها: إنَّا نسألك بعهد نوحٍ وبعهد سليمانَ بن داودَ أن لا تؤذينا".
* * *
3171 -
ورَوَى أيوبُ عن عِكرمةَ، عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: لا أعلَمُهُ إلّا رفعَ الحديثَ أنَّه كانَ يأْمُرُ بقتلِ الحَيَّاتِ، وقَال:"مَن تَرَكَهُنَّ خَشْيةَ ثائِرٍ فليسَ مِنَّا".
قوله: "من تركهن خشية ثائر فليس منا"، (الثائر): الانتقام، عادة الناس جرت بأن يقولوا: لا تقتلوا الحيات فإنكم لو قتلتم حية لجاء زوجُها ويَلْسَعُكم للانتقام، فنهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن هذا القول والاعتقاد وقال هذا الحديث؛ يعني: لا تتركوا قتل الحيات من خوفِ انتقامِ أزواجهنَّ، فإنه لا أصلَ لهذا القولِ والاعتقاد.
* * *
3172 -
عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما سالمناهُمْ منذُ
حاربناهُمْ، ومَنْ تركَ منهُمْ شيئًا خِيفةً فليسَ مِنَّا".
قوله: "ما سالمناهم منذ حاربناهم"، (سالم)؛ أي: صَالَح؛ يعني: ظهرت بيننا وبين الحيَّات عداوةٌ بأن أدخلْنَ إبليس الجنة ليوسوِس أبانا آدمَ وأمَّنا حواءَ عليهما السلام، ولم يَجْرِ بيننا وبينهنَّ صلحٌ بعد تلك العداوة، وحقُّ قوله:"ما سالمناهم" أن يقول: (ما سالمناهنَّ)؛ لأن لفظ (هم) إنما يقال لجماعة المذكَّرين من العقلاء، وليست الحيات من العقلاء، وإنما قال صلى الله عليه وسلم:"ما سالمناهم"؛ لأن المسالمة هي المصالحة، والمصالحة إنما تجري بين العقلاء، فلما عبَّرَ عن الحيات بالمسالمة جعل ضميرَهم كضمير العقلاء.
* * *
3174 -
وقال العبَّاسُ رضي الله عنه لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم: إنَّا نريدُ أنْ نكْنُسَ زمزَمَ وإنَّ فيها مِنْ هذهِ الجِنَّانِ - يعني الحيَّاتِ الصِّغارَ - فأمرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقَتْلِهِنَّ.
قوله: "أن نَكْنُس"؛ أي: أن نظهر بئر زمزم.
* * *
3175 -
عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: اقتُلُوا الحيّاتِ كُلَّها إلَّا الجانَّ الأبيضَ الذي كأنَّه قضيبُ فِضَّةٍ.
قوله: "كأنه قضيب فضة"؛ أي: كأنه سَوط من فضة؛ أي: أبيض كله، ولعل النهي عن مثل هذا النوع من الحيات لأنه لا سُمَّ له.
* * *
3176 -
عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وَقَعَ الذُّبابُ في إناءِ أحدِكُمْ فامْقُلُوهُ ثمَّ انقُلُوه، فإنَّ في أحدِ جناحَيْهِ داءً وفي الآخرِ شِفاءٍ، وإنّه يتَّقي بجناحِهِ الذي فيهِ الدَّاءُ، فلْيغمِسْهُ كُلَّهُ".
قوله: "يتقي بجناحه الذي فيه الداء"، تَقِيَ زيدٌ لحق عمرو: إذا استقبله؛ أي: قدَّم إليه حقَّه؛ يعني هنا بقوله: (يتقي): أنه يقدَّم جناحه الذي فيه الداء ويَغْمِسه في الإناء، ولا يغمس جناحَه الذي فيه الشفاء.
* * *
3177 -
ويرويه أبو سعيدٍ الخُدريُّ رضي الله عنه، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا وقعَ الذُّبابُ في الطَّعامِ فامقُلُوهُ، فإن في أحدِ جناحَيْهِ سُمًّا وفي الآخرِ شِفاءً، وإنَّهُ يُقَدِّمُ السُّمَّ، ويُؤخرُ الشِّفاءَ".
قوله: "فامقُلوه"؛ أي: فاغمِسوه.
* * *
3178 -
عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: نَهَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عنْ قتلِ أربعٍ مِنَ الدَّوابِّ: النَّملةِ والنَّحْلةِ والهُدْهُدِ والصُّرَدِ. والله المُستعان.
قوله: "الصُّرَد"، هو طائر أبْقَع، ضخم الرأس والمِنْقار، له ريش عظيم نصفُه أبيضُ ونصفه أسود.
* * *