الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - باب الضيافَةِ
(باب الضيافة)
مِنَ الصِّحَاحِ:
3266 -
عن أبي شُرَيْحٍ الكَعْبيِّ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ كانَ يُؤمِنُ بالله واليومِ الآخِرِ فليُكْرِمْ ضَيْفَهُ، جَائِزَتُهُ يومٌ وليلة، والضيافَةُ ثلاثةُ أيَّامٍ، فما بعدَ ذلكَ فهو صَدَقةٌ، ولا يَحِلُّ لهُ أنْ يَثْوِيَ عندَهُ حتَّى يُحْرِجَه".
قوله: "فليكرم ضيفه جائزته يوم وليلة"، (الجائزة): العطاء؛ يعني: فليكرم ضيفه عطاءه وتُحفته.
قوله: (يوم وليلة) بالرفع؛ أي: وذلك يوم وليلة، و (ذلك) مبتدأ و (يوم وليلة) خبره؛ يعني: إكرامه بتقديم طعامٍ حَسَنٍ إليه سنةٌ مؤكَّدة في اليوم الأول وليلَتِه، وفي اليوم الثاني والثالث يقدِّم إليه ما كان حاضرًا عنده من غير تكلُّف، وفي اليوم الرابع ذهب الأكثر: لا يستحقُّ الضيفُ شيئًا؛ لأن الضيافةَ ثلاثةُ أيام، فإنْ أعطاه في اليوم الرابع وما بعدَه فهو تبرُّعٌ من عنده.
* * *
3267 -
وقال: "إنْ نَزَلْتُمْ بقَوْمٍ فأَمَرُوا لكمْ بما يَنْبغي للضَّيْفِ فاقْبَلُوا، فإنْ لمْ يفعلُوا فخُذُوا منهمْ حقَّ الضَّيْفِ الَّذي يَنْبغي له".
قوله: "إن نزلتُم بقوم فأمَروا لكم
…
" إلى آخره، قد ذكر شرح هذا الحديث وراويه في الحديث الآخر من (باب الجزية).
* * *
3268 -
عن أبي مسعودٍ الأنصاريُّ رضي الله عنه قال: كانَ رجلٌ مِنَ الأنصارِ يُكنَّى: أبا شُعَيْبٍ، وكانَ لهُ غُلامٌ لحَّامٌ، فقال: اصنَعْ طعامًا يَكفي خَمسةً لَعلِّي أدعُو النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم خامِسَ خمسةٍ، فصنعَ طُعَيمًا ثمّ أتاهُ فدعاهُ فتبعَهُمْ رجلٌ، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"يا أبا شُعيبٍ إنَّ رجُلًا تَبعَنا فإنْ شِئْتَ أذِنتَ لهُ وإنْ شِئْتَ تركتَهُ". قال: لا بلْ أذِنتُ لهُ.
قوله: "لحام"؛ أي: بَيَّاع اللحم.
"خامس خمسة"؛ أي: يكون عددُ المجموع مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم خمسةً.
هذا الحديث صريحٌ بأنه لا يجوز أن يدخُلَ أحدٌ في ضيافة قومٍ بغير دعوة، ولا يجوز أيضًا لِمَنْ دعاه المُضيف أن يستصحِبَ أحدًا بغير إذن المُضيف.
* * *
3269 -
عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ أو ليلةٍ، فإذا هو بأبي بكرٍ وعُمرَ، فقال:"ما أخْرجَكُما مِنْ بُيُوتِكُما هذِهِ السَّاعَةَ؟ " قالا: الجُوعُ. قال: "أنا والذي نفسي بيدِهِ لأخرَجَني الذي أخرجَكُما، قُومُوا". فقامُوا معَهُ، فأتَى رجُلًا مِنَ الأنصارِ، فإذا هو ليسَ في بيتِهِ فلمَّا رأَتْهُ المرأَةُ قالتْ: مَرْحبًا وأهلًا، فقالَ لها رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أينَ فُلانٌ؟ " قالت: ذهبَ يَسْتَعذِبُ لنا مِنَ الماءِ، إذْ جاءَ الأنصارِيُّ فنظرَ إلى رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وصاحِبَيْهِ، ثُمَّ قال:"الحمدُ لله، ما أَحَدٌ اليومَ أكرمَ أَضْيافًا مِنِّي". قال: فانطلقَ فجاءَهُمْ بعِذْقٍ فيهِ بُسْرٌ وتَمرٌ ورُطَبٌ، فقال: كلوا مِنْ هذِهِ. وأخذَ المُدْيَةَ، فقالَ لهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إيَّاكَ والحَلُوبَ". فذبحَ لهمْ، فأكَلُوا مِنَ الشَّاةِ ومِنْ ذلكَ العِذْقِ وشَرِبُوا، فلمَّا أَنْ شَبعُوا ورَوُوا قالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لأبي بَكْرٍ وعُمرَ:"والذي نفسي بيدِه لتُسْأَلُنَّ عنْ هذا النَّعيم يومَ القيامَةِ، أخرجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ الجُوعُ ثمَّ لمْ تَرجِعُوا حتَّى أَصَابَكُمْ هذا النَّعيمُ".
قوله: "فإذا هو بأبي بكرٍ وعُمَرَ"؛ أي: فإذا هو حصل بأبي بكر وعمر؛ أي: اتفق خروجُهم من بيوتهم قاصدين ضيافةً.
قولها: "يستعذب"؛ أي يطلبُ لنا ماء عذبًا؛ أي: حُلْوًا.
"بعذق"؛ أي: بعُنقود.
"المدية": السكين.
"وإيَّاك والحَلُوب"؛ أي: احذِرْ مِنْ ذبح شاة ذاتِ حَلْب.
"لتسألن عن هذا النعيم"؛ يعني: ستُحاسبون يومَ القيامة عما أكلتُم وشربتم؛ لأنَّ من الحلال حسابًا ومن الحرام عذابًا.
* * *
مِنَ الحِسَان:
3270 -
عن المِقْدام بن مَعْدِ يَكرِبَ رضي الله عنه: أنه سمعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "أيُّما مُسلمٍ ضافَ قومًا فأصبحَ الضَّيفُ مَحرومًا كانَ حقًّا على كُلِّ مُسلمٍ نصَرُهُ حتَّى يأْخُذ لهُ بقِراهُ مِنْ مالِهِ وزَرْعِهِ".
وفي روايةٍ: "أيُّما رجُلٍ أضافَ قومًا فلمْ يَقْرُوهُ كانَ لهُ أنْ يُعقِبَهُمْ بمثلِ قِراهُ".
قوله: "ضَافَ قومًا"؛ أي: نَزَلَ على قوم وهو يحتاج إلى ضيافةٍ لكونه على غاية الجُوع.
"حتَّى يأخذَ له بِقِراهُ"؛ أي: حتى يأخذ كلُّ أحدٍ لذلك الضيف بقَدْر قِرى الضيف.
(القِرى): الضيافة؛ أي: بقدر شبعه من مال المضيف، فمن كان مضطرًا إلى الطعام ونزل على أحد وجَبَتَ عليه ضيافةُ ذلك المضطر لحفظ رُوحه، وإن لم يُطْعِمه كان عاصيًا، ويجوز لذلك المضطر أن يأخذ قَدْرَ حاجته من مال المضيف سرًّا وعلانِيَة.
* * *
3271 -
عن أبي الأحُوَصِ الجُشَميِّ، عن أبيه قال: قلتُ يا رسُولَ الله! أرأيتَ إن مررتُ برجلٍ فلمْ يَقْرِني ولمْ يُضفْني؟ ثمّ مرَّ بي بعدَ ذلكَ أَقرِيه أمْ أجْزِيه؟ قال: "بلِ اقْره".
قوله: "أجزيه"؛ أي: أكافئه بما فَعَل بي؛ أي: أمنعُه الطعامَ كما منعَ الطعامَ منِّي.
* * *
3272 -
عن أنسٍ رضي الله عنه، أو غيرِه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم استأْذَنَ على سعدِ بن عُبادَةَ فقال: "السَّلامُ عليكُمْ ورحمةُ الله وبركاتُهُ"، فقال سَعدٌ: وعليكُمُ السَّلامُ ورحمةُ الله وبركاتُهُ، ولم يُسمِعِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، حتَّى سلَّمَ ثلاثًا وردَّ عليهِ سَعدٌ ثلاثًا ولمْ يُسمِعْهُ، فرجَعَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فاتَّبَعَهُ سَعدٌ فقال: يا رسُولَ الله! بأبي أنتَ وأُمِّي ما سلَّمْتَ تسليمَةً إلّا هيَ بأُذُني، ولقدْ ردَدْتُ عليكَ ولمْ أُسْمِعْكَ، أحببتُ أنْ أَسْتَكثِرَ من سلامِكَ ومنَ البَرَكَةِ. ثمَّ دخلُوا البيتَ فقرَّبَ لهُ زَبيبًا، فأكلَ منهُ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا فَرَغَ قال:"أكلَ طعامَكُمُ الأبرارُ وصلَّتْ عليكُمُ المَلائِكةُ، وأفطَرَ عِندَكُمُ الصائِمُون".
قوله: "أكل طعامكم الأبرار"، يجوز أن يكون هذا دعاء منه عليه الصلاة والسلام للمُضيف، ويجوز أن يكون إخبارًا عنه، وهذان الوصفانِ
موجودان في حقِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فإنَّه أبرُّ الأبرار، وأصحابُه الأبرار الأخيار، وأما إذا تلفَّظ غيرُه بهذه الألفاظ عند أكل طعام أحدٍ تكون هذه الألفاظ دعاءً منه للمُضيف، ولا يجوز أن يكون إخبارًا؛ لأنه لا يجوز لأحدٍ أن يخبر عن نفسه أنَّه بَرٌّ.
* * *
3273 -
وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"مثلُ المؤمنِ ومثلُ الإِيمانِ كمثلِ الفَرَسِ في آخِيَّتِهِ يجُولُ ثُمَّ يرجِعُ إلى آخِيَّتِهِ، فإن المؤمِنَ يَسْهُو ثمَّ يرجعُ إلى الإِيمانِ، فأطعِمُوا طعامَكُم الأتقياءَ وأَوْلُوا مَعروفَكُم المؤمنِينَ".
قوله: "مَثَلُ المؤمنِ ومَثَلُ الإيمان كَمَثلِ الفَرَيسِ في آخِيَّته"، (الآخية) - بتشديد الياء -: ما يُشَدُّ به الفرس وغيره مِنْ وَتَد وغيره، والمراد بالإيمان هنا: شعب الإيمان؛ كالصلاة والزكاة والصوم وغيرها؛ يعني: كما أن الفرس يبعُد عن آخِيَّته ثم يعود، فكذلك المؤمن قد يترك بعضَ شعب الإيمان ثم يتدارك ما فات عنه ويَنْدَم على ما فعل من التقصير، ولا تحكموا بكُفْرِ واحدٍ بأَنْ تركَ شيئًا من شعب الإيمان، ولا تتركوا إطعامَ طعامِكم إيَّاه، بل أطعموا طعامَكم المؤمنين والمتَّقين الشِّركَ، ولا تطعموا الكفارَ.
و"أولوا" أصله: أوليوا، فنُقلت ضمةُ الياء إلى اللام ثم أسكنت، ومعناه: أطعموا. (المعروف): الإحسان والعَطِيَّة.
* * *
3274 -
عن عبدِ الله بن بُسْرٍ قال: كانَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم قَصْعةٌ يحمِلَها أربعةُ رجالٍ، يقال لها الغَرَّاءُ فلمَّا أضْحَوْا وسجَدُوا الضُّحَى أُتيَ بتلكَ القَصْعَةِ - يعني وقد ثُرِدَ فيها - فالتفُّوا عليها، فلمَّا كَثُروا جثَا رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال