الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب العقِيقةِ
(باب العقيقة)
مِنَ الصِّحَاحِ:
3179 -
عن سلمانَ بن عامِرٍ الضَّبيِّ رضي الله عنه: أنَّه قال: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مع الغُلامِ عَقيقةٌ، فأَهْريقُوا عنه دمًا، وأمِيطُوا عنهُ الأذَى".
قوله: "مع الغلام عقيقة"؛ يعني: مع ولادة الغلام تُذبح شاة ويُصنع بها ما يُصنع بلحم الأضحية.
والعقيقة: اسم تلك الشاة، ويستحب أن تُذبح العقيقةُ يومَ السابع، ويسمِّي المولودَ يوم السابع، ويحلِق رأسَه يوم السابع، ويتصدق بِزِنةَ شعره فضَّة، فإن لم يتيسَّرْ ذَبْحُ العقيقةِ في السابع يَذبح في الرابع عشر، فإن لم يتيسَّرْ فيه ففي الحادي والعشرين.
وقال الحسن البصري: يُطْلى رأسُ الصبي بدم العقيقة. وكرِهَه الأكثرون.
قوله: "وأمِيطوا عنه الأذى"؛ أي: أبعدوا عنه الأذى؛ أي: احْلِقوا رأسَه.
* * *
3180 -
عن عائِشَةَ رضي الله عنها: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يُؤتَى بالصِّبيانِ فيُبَرِّكُ عَلَيْهِمْ ويُحنِّكُهم.
قوله: "فيبرَّك عليهم"؛ أي: يدعو لهم بالبركة بأن يقول: بارك الله عليك.
"ويحنكهم"، (التحنيك): أن يُمْضَغَ تمرٌ ويُمسح بذلك التمر حنكَ الصبيِّ، ويقوم العَسَلُ مقامَ التمر (1).
* * *
3181 -
وعن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رضي الله عنها: أنَّها حَمَلتْ بعبدِ الله ابن الزُّبَيْرِ بمكَّةَ، قالت: فولدتُ بقُباءٍ، ثمَّ أتيتُ بهِ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فوضَعتُهُ في حَجْرِهِ، ثمّ دعا بتَمْرةٍ فمضَغَها ثمَّ تَفَلَ في فيهِ، ثمَّ حنَّكَهُ، ثم دعا لهُ وبَرَّكَ عليهِ، فكانَ أوَّلَ مولودٍ وُلِدَ في الإِسلامِ.
قوله: "تَفَل في فِيه"؛ أي: ألقى ذلك التمرَ في فيه.
"ثم حنَّكه"؛ أي: يمسح بذلك التمر حَنَكَه، و (الحنك): قَعْر الفم.
"وبرَّك عليه"؛ أي: قال: بارك الله عليك.
"وكان أول مولود ولد في الإسلام"؛ أي: أول مولود وُلد من المهاجرين بعد الهجرة إلى المدينة.
* * *
مِنَ الحِسَانَ:
3182 -
عن أمِّ كُرْزٍ: أنَّها قالت: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "أقِرُّوا الطَّيرَ على مَكِناتِها". قالت: وسمعتُهُ يقول: "عنِ الغُلامِ شاتانِ وعنِ الجاريَةِ شاةٌ، ولا يَضُرُّكُمْ ذُكْرانًا كُنَّ أو إناثًا"، صحيح.
"أقرُّوا الطيرَ على مَكِناتها"، (المَكِنات): جمع مَكِنة، وهي بمعنى التمكُّن؛
(1) في "م" زيادة: "وكذلك جميع الحلاوة".
أي: اتركوا الطيور على حالها في موضعها؛ أي: لا تنفِّروها، وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث؛ لأن العرب كانوا إذا سافر واحد منهم ينفِّر في طريقه طائرًا عن موضعه، فإن طار من جانب يساره إلى يمينه سمَّاه سانحًا وتفاءل به = يَمَّنَ السفر؛ لأنه إذا طار من جانب يساره إلى يمينه يكون يمين ذلك الطائر إليه فيعدُّه مَيمونًا، وإن طار من جانب يمينه إلى يساره سَمَّاه بارحًا وتشاءم به؛ لأنه إذا طار من جانب يمينه يكون يسار ذلك الطائر إليه فيعدُّه مشئومًا، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك الفعل.
قوله: "عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة"، يجوز عن الغلام شاتان ويجوز شاة، وعن الجارية شاة، كلاهما قد جاء في الحديث، وصفةُ شاةِ العقيقة كشاة الأضحية، وما لا يجوز في الأضحية لا يجوز في العقيقة.
وقال ربيعة ومحمد بن إبراهيم التيمي: تجوز العقيقة ولو بعُصْفور، ولا يضرُّكم ذكرانًا كنَّ أو إناثًا؛ يعني: شاة العقيقة جاز أن تكون ذكرًا أو أنثى.
* * *
3183 -
وعن الحَسَنِ، عن سَمُرةَ: أنَّه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الغُلامُ مُرْتَهَنٌ بعقيقتِهِ يُذبَحُ عنهُ يومَ السابعِ ويُسمَّى ويُحْلَقُ رأْسُه"، ورَوى بعضُهم:"ويُدَمَّى" مكانَ "ويُسمَّى".
قوله: "الغلام مرتهن بعقيقته"، (مرتهن) - بفتح الهاء - يعني: مرهون؛ أي: المولود معلَّق ومَحْبوس بعقيقته؛ أي: تحصل سلامته من الآفة إذا ذُبح له عقيقة، وقيل: معلَّق شفاعته لأبويه بعقيقته؛ أي: إن لم يذبحا عقيقته - مع القدرة - لا يشفع لهما يومَ القيامة لأنَّهما لم يقضيا حقَّه.
قوله: "ويُدَمَّى"؛ أي: يُلَطَّخ موضعٌ من الصبي بدم العقيقة، وكان قَتادةُ يقول: يؤخذ قطعة صوف ويوضع على أوداج العقيقة إذا ذُبحت لينصبَّ الدمُ عليها،
ثم توضع على يافوخ الصبي. والأوداج: عُروق الحَلْق. واليافوخ: مؤخرة الرأس عند القَفَا.
* * *
3186 -
عن عمرِو بن شُعَيْب رضي الله عنه، عن أبيه، عن جدِّه قال: سُئِلَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عنِ العَقِيقةِ فقال: "إن الله تعالى لا يُحبُّ العُقُوقَ". كأنَّه كرِهَ الاسمَ. وقال: "مَنْ وُلِدَ لهُ فأَحبَّ أنْ يَنسُكَ عنهُ فلْيَنْسُكْ، عنِ الغُلامِ شاتانِ، وَعنِ الجارِيَةِ شاةٌ".
قوله: "لا يحب الله العقوق"، قال أبو حنيفة: العقيقة ليست سنة لهذا الحديث.
وقال غيره: بل هي سنة وتأويل هذا الحديث: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم ما أحبَّ أن يسميَ العقيقة عقيقةً كيلا يظنَّ أحدٌ أنها مشتقةٌ من العقوق، وكيلا يتلفظَ الناسُ بلفظ فيه حروف العُقوق - والعقوق: العصيان -، بل أحبَّ أن تُسمى الشاة التي تذبح عند ولادة الولد باسمٍ غيرِ العقيقة بأن تسمَّى نسَيكة أو ذَبيحة، وكراهيتُه صلى الله عليه وسلم اسمَ العقيقة مثلَ كراهيتِه صلى الله عليه وسلم الأسماءَ القبيحة كما يأتي في (باب الأسماء).
قوله: "كأنه كره الاسم"، هذا التفير ظَنٌّ من الراوي في أنَّ رسول الله كره أن يسمِّي تلك الشاةَ عقيقةً، فيحتمل أن يكون ما ذكر كما قررناه، ويحتمل أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم:"لا يحبُّ الله العقوق" معناه: لا يحب الله عقوق الوالد الولد بترك العقيقة؛ أي: لا يحب الله أن يترك الوالدُ ذبحَ شاةٍ للمولود، ويحتمل أن يكون معناه: لا يحبُّ الله عقوقَ الولدِ الوالدَ بعد أن أثبت الوالدُ حقوقًا على الولد حتى ذبحَ العقيقةِ له.
قوله: "من ولد له ولد". هذا من تمام الحديث؛ أعني: من تمام ما رواه عمرو بن شعيب.
* * *
3187 -
وعن أبي رافِعٍ عنه قال: رأيتُ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَذَّنَ في أُذُنِ الحسنِ ابن عليٍّ حينَ ولدَتْهُ فاطِمةُ بالصَّلاةِ. صحيح.
قوله: "أذَّن في أُذُن الحسنِ بن علي"؛ يعني: السنة أن يؤذن في أذن المولود حين يولد أذانًا كأذان الصلاة، وكان عمر بن عبد العزيز يؤذن في الأُذن اليمنى، ويُقيم في الأذن اليسرى حين ولد الصبي.
° ° °