الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنْ يُقتَلَ منهم قابلًا مثلُهم"، قالوا: الفِداءُ ويُقتَلُ مِنَّا. غريب.
قوله: "خيرهم"؛ يعني قل لأصحابك: أنتم مخيرون بين أن تقتلوا أُسراء بدر ولا يلحقكم ضرر، وبين أن تأخذوا منهم الفداء وتخلُّوهم، ولكن يكون الظفر للكفار في السنة القابلة، فيقتلون منكم بعدد مَن تخلى من أسراء بدر.
* * *
3024 -
عن عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه قال: خرجَ عِبْدَانٌ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، يعني يومَ الحُدَيْبيَةِ قبلَ الصُّلحِ، فكتبَ موالِيهِم قالوا: يا محمدُ! والله ما خَرَجوا إليكَ رَغبةً في دينِكَ، وإنَّما خَرجُوا هَرَبًا مِنَ الرِّقِّ، فقال ناسٌ: صدَقُوا يا رسولَ الله! رُدَّهُم إليهم، فغضبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال:"ما أُراكُم تَنْتَهونَ يا معشَرَ قريشٍ! حتى يبعثَ الله عليكم مَن يَضْرِبُ رِقابَكم على هذا، وأَبَى أن يَرُدَّهُم وقال: هُمْ عُتَقَاءُ الله".
قوله: "خرج عُبْدان" وهي جمع عبد، يعني: فر عبيدٌ من مكة من مواليهم وجاؤوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأسلموا.
قوله: "ما أراكم تنتهون"؛ يعني: لا تنتهون من تعصُّب أهل مكة.
* * *
7 - باب الأمانِ
(باب الأمان)
مِنَ الصَّحاحِ:
3025 -
عن أُم هانئٍ بنتِ أبي طالبٍ قالت: ذهبتُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم -
عامَ الفتحِ فوجدتُهُ يغتسلُ، وفاطمةُ ابنتُهُ تَستُرُه بثوبٍ، فَسَلَّمْتُ فقال:"مَن هذهِ؟ "، فقلتُ: أنا أمُّ هانئٍ بنتُ أبي طالبٍ، فقالَ:"مرحبًا بأمِّ هانئٍ"، فلمَّا فرغَ مِن غُسْلِهِ قامَ فصلَّى ثمانيَ رَكَعاتٍ مُلْتَحِفًا في ثوبٍ ثم انصرفَ، فقلتُ: يا رسولَ الله! زَعَمَ ابن أُمي عليٌّ أنهُ قاتِلٌ رجلًا أَجَرْتُه فلانُ بن هُبَيرةَ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"قد أَجَرْنَا من أَجَرْتِ يا أمَّ هانئٍ! "، وذلك ضُحَى.
ورُوِيَ عن أمِّ هانئٍ قالت: أجرْتُ رَجُلَينِ من أحمائي، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"قد أَمَّنَّا مَن أَمَّنْتِ".
قوله: "ملتحفًا في ثوب"؛ أي: ملفوفًا في ثوب. "ابن أمي"؛ أي: أخي. "أنه قاتل رجلًا"؛ أي: يريد أن يقتل رجلًا "أجرته"؛ أي: أمنته.
"أَجَرْنا من أَجَرْت"؛ يعني: أمَّنَّا مَن أمَّنْتِ، وهذا تصريحٌ بأن أمان المرأة للكافر صحيح، ولا يجوز لأحد قتل كافر أجارته امرأة؛ أي: أمَّنتْه.
"من أحْمائي" وهو جمع حَمًا، وهو أبو زوج المرأة، تعني بـ (الأحماء) هنا: أقارب زوجها.
* * *
مِنَ الحِسَان:
3026 -
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "المسلمونَ تَتكافَأُ دماؤُهم ويَسْعَى بذِمَّتِهم أَدْناهُم".
قوله: "المسلمون تتكافأ دماؤهم" ذُكر هذا الحديث في (كتاب القصاص).
* * *
3027 -
وعن أبي هريرةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ المرأةَ لتأخُذُ للقَومِ"، يعني: تُجِيرُ على المسلمينَ.
قوله: "إن المرأة لتأخذ للقوم"؛ يعني: جاز أن تأخذ المرأة الأمان؛ يعني: جاز لها أن تقول لكافر دخل دار الإسلام: فإني قد أمَّنتك.
* * *
3029 -
وعن سُلَيْمِ بن عامرٍ قال: كانَ بينَ معاويةَ وبينَ الرُّومِ عَهْدٌ، فكانَ يسيرُ نحوَ بلادِهم حتى إذا انقضَى العهدُ أغارَ عليهم، فجاءَ رجلٌ على فرسٍ أو بِرْذَوْنٍ وهو يقولُ: الله أكبرُ، الله أكبرُ، وفاءٌ لا غَدْرٌ، فنَظَروا فإذا هو عمرُو بن عَبَسَةَ، فسأَلَهُ معاويةُ عن ذلكَ، فقالَ: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "مَن كانَ بينَهُ وبينَ قومٍ عَهْدٌ فلا يَحُلَّنَ عَهْدًا ولا يَشُدَّنه حتى يَمضيَ أمدُه أو يَنْبذَ إليهم على سواءٍ"، قال: فرجعَ معاويةُ بالناسِ.
قوله: "يسير نحو بلادهم"؛ يعني كان يذهب قبل انقضاء مدة العهد ليقرب من بلادهم حين انقضاء مدة العهد، ليُغِير عليهم على غفلةٍ منهم.
"على فرس"؛ أي: فرسٍ عربي، "أو برذون" يعني: أو فرس تركي.
"وفاء لا غدر"؛ يعني: ليكن منكم وفاءٌ بالعهد لا غدرٌ، أو: الواجب عليكم وفاء لا غدر.
"فلا يَحُلَّن عهدًا ولا يشُدَّنه"؛ يعني: لا يجوز نقضُ العهد ولا الزيادة على تلك المدة إلا بعد أن يخبر خصمه بذلك.
"أمَدَه"؛ أي: غايته، "أو ينبذ إليهم على سواء"؛ يعني: أو يخبرهم بأنه نَقَض؛ ليكون خصمه متساويًا في نقض العهد كي لا يكون ذلك منه غدرًا.
* * *
3030 -
عن أبي رافعٍ قال: بَعَثَتْنِي قُرَيشٌ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أُلقيَ في قلبي الإسلام، فقلتُ: يا رسولَ الله! إنَّي والله لا أَرجِعُ إليهم أبدًا، قال:"إنِّي لا أَخِيسُ بالعهدِ ولا أحبسُ البُرُدَ، ولكنْ ارجعْ فإنْ كانَ في نفسِكَ الذي فى نفسِكَ الآنَ فارجِعْ"، قال: فذهبتُ ثم أَتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأَسلمْتُ.
قوله: "لا أخيس"؛ أي: لا أنقض العهد ولا أغدر، "ولا أحبس البرد"، (البُرُد): جمع بريد، وهو الرسول، "فإن كان في نفسك الذي في نفسك الآن"؛ يعني: إن كان في قلبك الإسلام كما كان في قلبك الإسلام الآن "فارجع" يعني: ارجع من بين الكفار إلينا ثم أسلم؛ لأني لو قبلت منك الإسلام الآن ولم أَرُدَّك إليهم لغدرتُ.
* * *
3032 -
عن عمرو بن شُعيبٍ، عن أبيه، عن جِّده: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ في خُطبتِهِ: "أَوْفُوا بحِلْفِ الجاهليةِ فإنه لا يزيدُه - يعني: الإسلامَ - إلا شِدَّةً، ولا تُحْدِثُوا حِلْفًا في الإسلامِ".
قوله: "أوفوا بحلف الجاهلية فإنه لا يزيده"؛ يعني: الإسلام "إلا شدة"؛ يعني: إن كنتم حلفتم في الجاهلية بأن يعين بعضكم بعضًا ويرث بعضكم عن بعض، فإذا أسلمتم أوفوا بذلك الحلف، فإن الإسلام يحرضكم على الوفاء بالعهد والحلف، ولا يأمركم بنقض العهد وترك الوفاء، ولكن لا تُحدثوا محالفةً في الإسلام بأن يرث بعضكم من بعض.
* * *