الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روى هذا الحديث حرب بن عبيد الله (1) عن جده أبي أمه.
* * *
3082 -
عن عُقْبةَ بن عامِرٍ قال: قلتُ يا رسُولَ الله! إنَّما نمرُّ بقومٍ فلا هُمْ يُضَيفُوننا، ولا هُمْ يُؤَدُّونَ ما لنا عليهمْ مِنَ الحق، ولا نحنُ نأخُذُ منهمْ، فقالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إنْ أَبَوْا إلَّا أنْ تأخُذُوا كَرْهًا فخُذُوا".
قوله: "فلا هم يضيفوننا ولا هم يؤدون ما لنا عليهم من الحق" قال أبو عيسى: معنى هذا الحديث أنهم كانوا يخرجون في الغزو فيمرون بقومٍ ولا يجدون من الطعام ما يشترون بثمن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن أبوا أن يبيعوا إلا أن تأخذوا كرهًا فخذوا"، هكذا روي في بعض الحديث مفسرًا، وقد روي عن عمر ابن الخطاب أنه كان يأمر نحو هذا.
قال محيي السنة رحمه الله: وقد يكون مرورهم على جماعة من أهل الذمة، وقد شرط الإمام عليهم ضيافة مَن يمر بهم، فإن لم يفعلوا، أخذوا منهم حقهم كرهًا، وأما إذا لم يكن شرط عليهم والنازل غير مضطر، فلا يجوز أخذُ مال الغير بغير طِيْبةِ نفسٍ منه.
* * *
10 - باب الصُّلحِ
(باب الصلح)
مِنَ الصِّحَاحِ:
3083 -
عن المِسْوَر بن مَخْرَمَة ومَرْوانَ بن الحَكَمِ قالا: خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم
(1) في "م": "جرير بن عبيد الله"، وفي "ش" و"ق":"جرير بن عبد الله"، والصواب ما أثبت.
عامَ الحُدَيْبيَةِ في بِضْعَ عَشْرَةَ مئةً منْ أصحابهِ، فلما أَتَى ذا الحُلَيْفةِ قلَّدَ الهَدْي وأَشْعَرَه وأحرمَ منها بعُمرةٍ، وسارَ حتَّى إذا كانَ بالثَّنيَّةِ التى يُهبَطُ عليهمْ مِنها بَرَكَتْ به راحلتُه، فقال النَّاسُ: حَلْ حَلْ خَلأَتِ القَصْواءُ خلأَتِ القَصْواءُ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"ما خلأتِ القَصْواءُ وما ذاكَ لها بخُلُقٍ، ولكنْ حَبَسَها حابسُ الفيلِ"، ثم قال:"والذى نَفْسي بيدِهِ لا يَسْألوني خُطَّةً يُعَظِّمون فيها حُرُماتِ الله إلا أعْطَيْتُهم إيَّاها". ثمَّ زَجَرَها فوثَبتْ، فعَدَلَ عنهمْ حتَّى نَزَلَ بأقصَى الحُدَيْبيةِ على ثَمَدٍ قليلِ الماءِ يتَبَرَّضه النَّاسُ تَبرُّضًا، فلم يُلَبثْهُ الناسُ حتَّى نزَحوهُ وشُكِيَ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم العَطَشُ، فانتَزَعَ سَهْمًا من كِنانتِهِ ثمّ أمرَهمْ أنْ يَجعلوهُ فِيهِ، فَوَالله ما زالَ يَجيشُ لهم بالرِّيِّ حتَّى صَدَروا عنهُ، فبَيْنما هُمْ كذلك إِذْ جاءَ بُدَيْلُ ابن وَرْقاءَ الخُزاعيُّ في نَفَرٍ مِنْ خُزاعةَ، ثم أتاه عُرْوةُ بن مسعودٍ وساقَ الحديثَ إلى أنْ قال: إذْ جاء سُهيلُ بن عَمْرٍو، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"اكتُبْ هذا ما قاضى عليهِ مُحمدٌ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم". فقال سُهيلٌ: والله لو كنَّا نَعلمُ أنَّكَ رسولُ الله ما صَدَدْناكَ عن البيتِ ولا قاتَلْناك، ولكن اكتُبْ محمدُ بن عبْدِ الله، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"والله إنِّي لَرسولُ الله وإن كَذَّبتُموني، اكتُبْ محمدُ بن عبدِ الله". فقال: سُهيلٌ: وعلى أنْ لا يأْتِيكَ منَّا رجُلٌ وإنْ كانَ على دينِكَ إلَّا ردَدْتَهُ علينا. فلما فَرَغَ مِنْ قضيَّةِ الكِتابِ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأصْحابهِ: "قوموا فانحَرُوا ثمَّ احْلقُوا". ثم جاء نِسوةٌ مؤْمِناتٌ، فأنزلَ الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ
…
} الآية. فنهاهُم الله عز وجل أنْ يَردُّوهُنَّ وأَمَرهُم أَنْ يَرُدُّوا الصَّداقَ. ثم رَجَعَ إلى المدينةِ فجاءَهُ أبو بَصيرٍ رجلٌ منْ قُرَيْشٍ وهو مُسلمٌ فأرسَلوا فى طَلَبهِ رَجُلَيْنِ، فدفعَهُ إلى الرَّجُلَين، فخَرجا بهِ حتَّى بَلَغا ذَا الحُلَيْفة نزلُوا يأكُلونَ منْ تمرٍ لهمْ، فقال أبو بَصيرٍ لأحدِ الرجُلَين: والله إنِّي لأَرى سَيفَكَ هذا يا فُلانُ جيدًا، فَأَرِني أنظُرْ إليهِ، فأَمْكَنَهُ منهُ، فضَرَبَهُ حتَّى
بَرَدَ، وفرَّ الآخَرُ حتَّى أتى المدينةَ، فدخَلَ المَسجدَ يَعْدو، فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لقد رأَى هذا ذُعْرًا". فقالَ: قُتِلَ والله صاحِبي وإنِّي لَمقتولٌ. فجاءَ أبو بَصيرٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وَيلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَربٍ لو كانَ لهُ أحدٌ". فلمَّا سمعَ ذلكَ عَرَفَ أنَّهُ سيَرُدُّهُ إليهمْ، فخَرَجَ حتَّى أَتَى سِيْفَ البحرِ، قال: وتَفَلَّتَ أَبو جَنْدَلِ بن سُهيلٍ فلَحِقَ بأبى بَصيرٍ، فجعلَ لا يخرجُ من قُرَيشٍ رجلٌ قد أَسْلَمَ إلَّا لَحِقَ بأَبى بَصيرٍ، حتَّى اجتمعَتْ منهُمْ عِصابةٌ، فوالله ما يَسْمعونَ بعِيرٍ خَرَجَتْ لقُرَيْشٍ إلى الشّامِ إلَاّ اعترَضُوا لها، فقَتَلُوهم وأَخَذوا أموالَهم، فأرسلَتْ قُريشٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم تُناشِدُهُ الله والرَّحِمَ لمَّا أرسلَ، فمنْ أتاهُ فهوَ آمِنٌ، فأرسلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إليهم.
قوله: "بالثنية التي يُهبط عليهم منها"، (الثنية): الجبل الذي يكون عليه الطريق، (يُهبط)؛ أي: ينزل (عليهم)؛ أي: على قريش؛ أي: أهل مكة، (منها)؛ أي: من تلك الثنية.
"بركت به راحلته"؛ أي: استناخت؛ أي: اضطجعت به؛ أي: بالنبي صلى الله عليه وسلم والباء للمصاحبة؛ أي: في الحال التي كان النبي صلى الله عليه وسلم على ظهرها.
"حَلْ" بفتح الحاء المهملة وكسر اللام وتنوينها: كلمةٌ يقولها الرجل ليقوم الجمل؛ أي: ليسير.
"خلأت القصواء"؛ أي: ساء خلقُ هذه الناقة وصارت حَرونًا؛ لأنها بركت ولا تسير.
"حبسها حابس الفيل"؛ أي: منعها من السير مَن منع فيلَ أصحاب الفيل وهو الله تعالى؛ يعني: إنما منع الله هذه الناقة عن السير كيلا تدخل مكة، وإنا لو دخلنا مكة لظهر بيننا وبين أهل مكة محاربةٌ، ويراق دماء في الحرم، وقد حرم الله إراقة الدماء في الحرم، فبروك القصواء إشارة إلى أن لا يدخل مكة.
قوله: "لا يسألوني خطة"، (الخطة) بضم الخاء: الخصلة؛ يعني: لا يطلب أهل مكة مني شيئًا "إلا أعطيتهم" إلا شيئًا ليس فيه تعظيم الله.
"ثم زجرها"؛ أي: زجر رسول الله تلك الناقة. "فعدل عنهم"؛ أي: انحرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصحابة وذهب إمامهم حتى نزل في آخر الحديبية "على ثَمَدٍ"، (الثمد): الماء القليل، والمراد به ها هنا البئر. "يتبرَّضُه الناس"؛ أي: يأخذون ذلك الماء قليلًا قليلًا، "فلم يُلْبثه الناس" بضم الياء وكسر الباء؛ أي: فلم يجعل الناس مكث ذلك الماء طويلًا في تلك البئر؛ أي: أفنوه عن قريب.
"نزحوه"؛ أي: نزعوه وأفنوه.
"يجيش لهم بالري"، (يجيش)؛ أي: يخرج ويكثر "لهم"؛ أي: للصحابة "بالرِّيِّ"؛ أي: بما هو سببُ ريهم، و (الري) في الماء بمنزلة الشبع في الطعام، "حتى صدروا عنه"؛ أي: حتى رجعوا عن ذلك الماء راضين.
"إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي" هذا الرجل ومن معه وسهيل بعثهم أهل مكة بالرسالة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله عليه الصلاة والسلام: "سهل الأمر" هذا تفاؤل منه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمع اسمًا حسنًا فرح به وتفاءل به خيرًا؛ يعني: إذا كان اسم هذا الرجل سهيل يَسْهُلُ بسببه أمرنا هذا.
"ما قاضى"، (قاضى): إذا فَصَلَ بين الخصمين؛ أي: ما صالح عليه رسول الله؛ يعني: صالح به رسول الله مع أهل مكة.
"صددناك"؛ أي: منعناك عن زيارة الكعبة؛ يعني: أخرجناك من مكة ومنعناك الآن عن العمرة ودخول مكة؛ لأنا نكذِّب رسالتك.
"وعلى أن لا يأتيك منا رجل" هذا معطوف على لفظٍ ليس في هذه الرواية،
وقد جاء في رواية أخرى وهو قوله: على أن تأتينا من العام المقبل؛ يعني: لا نخليك أن تدخل مكة في هذه السنة، لكن ارجع إلى المدينة على أنه تأتي في العام القابل؛ أي: في السنة التي تأتي بعد هذه السنة.
"من قضية"؛ أي: من حكم كتبه كتاب الصلح.
"قوموا فانحروا"؛ يعني: من أُحصر - أي: مُنع عن إتمام حجته أو عمرته بعد الإحرام - فعليه أن يذبح شاةً ويفرقَ لحمها على مساكين الموضع الذي أُحصر فيه، ثم يحلق ويتحلل من إحرامه.
"فنهاهم الله أن يردُّوهن" اختلفوا في أن النساء: هل دخلن في شرطهم مع رسول الله: (على أن لا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته)؟
في قولٍ: أنهن لم يدخلن في ذلك الشرط، بل المراد من ذلك الشرط الرجال، فعلى هذا القول لا إشكال في عدم ردهن.
وفي القول الثاني: كن داخلات في الشرط؛ لأن قول سهيل: (على أن لا يأتيك منا أحد) لفظة (أحد) تتناول الرجال والنساء، فعلى هذا القول عدمُ ردِّهن لكون الآية ناسخةً لشرط ردِّ النساء، وأمرهم أن يردُّوا الصَّداق؛ يعني: إذا جاء أزواجهن في طلبهن لا يجوز ردُّهن عليهم، ولكن يجب ردُّ ما أعطَوْهنَّ من الصَّداق إن كانوا قد سلَّموا الصداق إليهن، وإن لم يسلِّموا الصداق إليهن لا يعطون شيئًا.
"ثم رجع إلى المدينة"؛ يعني: ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
"فأرسلوا"؛ أي: فأرسل أهل مكة.
"فأمكنه منه"؛ أي: فدفع السيف إليه، "فضربه"؛ أي: ضرب أبو بصير ذلك الكافر "حتى بَرَد"؛ أي: حتى مات.
"ذعرًا"؛ أي: خوفًا.
"وإني لمقتول"؛ أي: وإني لأخاف القتل، أو دنوت من أن يقتلني.
"مسعر حرب لو كان له أحد"، (مسعر) بكسر الميم وفتح العين: كثير السَّعْر، وهو إيقاد الحرب والنار؛ يعني: هو كثير الحرب إن كان له مددٌ وناصر.
"حتي أتى سيف البحر" بكسر السين؛ أي: ساحله.
"وينفلت"؛ أي: يفر.
"عصابة"؛ أي: جماعة.
"بعير"؛ أي: بسيارة.
"اعترضوا لها"؛ أي: أجمعوا واستقبلوا عليها بالمحاربة.
"تناشده الله والرحمَ"؛ أي: أحلفوه بالله وبحق القرابة التي بينهم وبينه صلى الله عليه وسلم "لما أرسل"؛ أي: إلا أن يرسل على أبي بصير وأتباعه أحدًا، ويدعوهم إلى المدينة، وأجازوا أنَّ مَن أتاه صلى الله عليه وسلم من المسلمين لا يرده إليهم.
* * *
3084 -
عن البراءِ بن عازِبٍ قال: صالحَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المُشْرِكينَ يومَ الحُدَيْبيةِ على ثلاثةِ أشياءَ: على أَنَّ مَنْ أتاهُ مِنَ المُشركينَ ردَّهُ إليهِمْ، ومَنْ أتاهُمْ مِنَ المُسلمينَ لم يَرُدُّوه. وعلى أنْ يدخُلَها مِنْ قابلٍ ويُقيمَ بها ثلاثةَ أَيَّامٍ، ولا يدخُلَها إلَّا بجُلُبَّانِ السِّلاحِ: السَّيْفِ والقَوسِ ونحوه. فجاءَ أبو جَندَلٍ يَحْجُلُ فِي قُيودِهِ فردَّهُ إليهم.
قوله: "بجلبان السلاح"، (الجلبان) بضم الجيم واللام وتشديد الباء: جرابٌ من أَدَمٍ يُلقي الراكب فيه سيفه مغمودًا ثم يعلقه من الرحل، وأراد بقوله:(جلبان السلاح) أنهم لا يسلُّوا سيوفهم من الغمد، بل تكون سيوفهم وقسيُّهم مستورةً. "يحجل في قيوده"، (يحجل)؛ أي: يمشي كمشي الأعرج لقيدٍ في رجليه.
يعني: أسلم أبو جندل بمكة، فأخذه أهل مكة وقيدوه، فانفلت مع قيده وجاء إلى النبي، فردَّه النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة وفاءً بشرطه، ثم انفلت مرةً أخرى وجاء سيف البحر ولحق أبا بصير كما ذكر قبيل هذا.
* * *
3085 -
وعن أنسٍ: أنَّ قُرَيْشًا صالَحُوا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فاشْتَرَطُوا عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَنْ جاءَنا منكُمْ لم نَرُدَّهُ عليكُمْ، ومَنْ جاءكُمْ منَّا رَدَدْتُمُوهُ علينا، فقالوا يا رسُولَ الله! أَنكتُبُ هذا؟ قالَ:"نَعَمْ، إنَّهُ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إليهمْ فَاَبْعَدَهُ الله، ومَنْ جاءَنا مِنْهُمْ سَيَجْعَلُ الله لهُ فَرَجًا ومَخْرَجًا".
قوله: "فقالوا يا رسول الله"؛ أي: قالت الصحابة.
"مَن ذهب منا إليهم"؛ يعني: مَن ذهب منا إلى الكفار واختار دينهم فهو مرتدٌ "فأبعده الله، ومَن جاءنا منهم"؛ يعني: من أسلم من أهل مكة وجاءنا ثم رددناه إلى مكة وفاز بالعهد "فسوف يجعل الله له مخرجًا"؛ أي: سوف يخلصه الله من أيدي الكفار.
* * *
3087 -
عن المِسْوَرِ ومروانَ: أنَّهم اصْطَلَحُوا على وضْعِ الحَرْبِ عَشْرَ سنين يأمَنُ فيهِنَّ النَّاسُ، وعلى أنَّ بَيْننا عَيْبةً مَكفوفةً، وأنَّهُ لا إسْلالَ ولا إغلالَ.
قوله: "أنهم اصطلحوا على وضع الحرب"؛ يعني صالح أهل مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يتركوا حرب رسول الله ويتركَ رسول الله حربهم عشر سنين، فصالحوا على ترك الحرب عشر سنين، فلما مضى بعد هذا الصلح ثلاثُ سنين أعان أهل مكة بني بكر على حرب خزاعة، وكان خزاعة حلفاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنقض أهل مكة العهد الذي بينهم وبين رسول الله بإعانتهم أعداء خزاعة، ومَن حارب
حليف أحد فكأنما حارب ذلك الأحد.
قوله: "وعلى أن بيننا عيبةً مكفوفةً"، (مكفوفة)؛ أي: ممنوعة مشدودًا رأسها؛ يعني: يحفظ العهد والشرط ولا ينقضه كما يُحفظ ما في العَيْبةِ بشدِّ رأسها؛ يعني: لا نذكر العداوة التي كانت بيننا قبل هذا ولا ينتقم بعضنا بعضًا.
"لا إسلال ولا إغلال"، (الإسلال): السرقة، والإغلال: الخيانة؛ أي: لا يأخذ بعضنا مالَ بعضٍ لا في السر ولا في العلانية.
وقيل: (الإسلال) مِنْ سَلَّ السيف، و (الإغلال): لبس الدروع؛ أي: لا يحارب بعضنا بعضًا.
* * *
3088 -
وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ألا مَنْ ظَلَمَ مُعاهدًا أو انتقَصَهُ، أو كلَّفَهُ فوقَ طاقتِهِ، أو أخذَ منهُ شيئًا بغيرِ طيبِ نَفْسٍ، فأنا حَجِيجُهُ يومَ القِيامَةِ".
قوله: "ألا من ظلم معاهدًا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته"، (الانتقاص): نقصُ حقِّ أحدٍ، قوله:(كلفه فوق طاقته)؛ يعني: إن كان ذميًا لا يؤخذ منه الجزيةُ أكثر مما يطيق أداءها، وإن كان حربيًا وجرى بيننا وبينه عهدٌ لا يؤذيه أحد، ولا يجوز أن يؤخذ منه شيء إلا عُشْرُ ماله إن جاء لتجارةٍ وبَحْثُ أخذِ العشر من الكفار ذُكر في (باب الجزية).
روى هذا الحديث [صفوان بن سليم عن عدَّةٍ من أبناء الصحابة].
* * *
3089 -
عن أُمَيْمةَ بنتِ رُقَيقةَ قالت: بايعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في نِسْوَةٍ، فقال