المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌18 - كتاب الصيد والذبائح - المفاتيح في شرح المصابيح - جـ ٤

[مظهر الدين الزيداني]

فهرس الكتاب

- ‌12 - كِتابُ النِّكَاحِ

- ‌2 - باب النَّظَرِ إلى المَخطوبةِ وبيانِ العَورات

- ‌3 - باب الوليَّ في النَّكاح واستِئذانِ المَرأةِ

- ‌4 - باب إعلانِ النكاحِ والخِطبةِ والشَّرطِ

- ‌5 - باب المُحرَّماتِ

- ‌6 - باب المُباشَرةِ

- ‌فصل

- ‌7 - باب الصَّداق

- ‌8 - باب الوَليمةِ

- ‌9 - باب القَسْمِ

- ‌10 - باب عشرةِ النِّساءِ وما لكلِّ واحدةٍ من الحقوقِ

- ‌11 - باب الخُلعِ والطلاقِ

- ‌12 - باب المُطلَّقَةِ ثلاثًا

- ‌فصل

- ‌13 - باب اللِّعَانِ

- ‌14 - باب العِدَّة

- ‌15 - باب الاستبراء

- ‌16 - باب النَّفقاتِ وحَقِّ المَملوكِ

- ‌17 - باب بلوغِ الصَّغيرِ وحضانتهِ في الصِّغَرِ

- ‌13 - كِتابُ العِتْقِ

- ‌2 - باب إعتاقِ العَبْدِ المُشتَرَك وشراءِ القريبِ والعتقِ في المَرَضِ

- ‌3 - باب الأيمانِ والنُّذورِ

- ‌فصل في النُّذورِ

- ‌14 - كِتَابُ القِصَاصِ

- ‌2 - باب الدَّيَاتِ

- ‌3 - باب ما لا يُضْمَنُ من الجنايات

- ‌4 - باب القَسامة

- ‌5 - باب قتلِ أهل الرِّدَّةِ والسُّعاةِ بالفسادِ

- ‌15 - كِتَابُ الحُدُودِ

- ‌2 - باب قَطْعِ السَّرِقَةِ

- ‌3 - باب الشَّفاعةِ في الحُدودِ

- ‌4 - باب حدِّ الخمرِ

- ‌5 - باب لا يُدْعى على المَحدودِ

- ‌6 - باب التَّعْزيرِ

- ‌7 - باب بيانِ الخَمْرِ ووعيدِ شاربها

- ‌16 - كِتابُ الإمَارَة وَالقَضَاءِ

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب ما على الوُلاةِ من التَّيسيرِ

- ‌3 - باب العَملِ في القضاءِ والخَوفِ منهُ

- ‌4 - باب رزق الوُلاةِ وهداياهم

- ‌5 - باب الأقضيةِ والشَّهاداتِ

- ‌17 - كِتابُ الجهَادِ

- ‌2 - باب إعدادِ آلةِ الجِهادِ

- ‌3 - باب آدابِ السَّفَرِ

- ‌4 - باب الكتابِ إلى الكُفَّارِ ودعائِهم إلى الإسلامِ

- ‌5 - باب القِتالِ في الجهاد

- ‌6 - باب حُكْمِ الأُسارى

- ‌7 - باب الأمانِ

- ‌8 - باب قِسْمَةِ الغنائمِ والغُلولِ فيها

- ‌9 - باب الجِزْيَةِ

- ‌10 - باب الصُّلحِ

- ‌11 - باب الجلاء: إخراجِ اليهودِ من جزيرةِ العَرَبِ

- ‌12 - باب الفَيْءِ

- ‌18 - كِتَابُ الصَّيْدِ والذَّبَائِحِ

- ‌2 - باب

- ‌3 - باب ما يحلُّ أكلُه وما يحرُمُ

- ‌4 - باب العقِيقةِ

- ‌19 - كِتَابُ الأَطْعِمَةِ

- ‌2 - باب الضيافَةِ

- ‌فصل

- ‌3 - باب الأشرِبةِ

- ‌4 - باب النَّقيعِ والأنبذةِ

- ‌5 - باب تغطيةِ الأواني وغيرِها

الفصل: ‌18 - كتاب الصيد والذبائح

‌18 - كِتَابُ الصَّيْدِ والذَّبَائِحِ

ص: 465

[18]

كِتَابُ الصَّيْدِ والذَّبَائِحِ

(كتاب الصيد والذبائح)

مِنَ الصِّحَاحِ:

3103 -

عن عَدِيِّ بن حاتِمٍ رضي الله عنه قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أَرسلْتَ كلبَكَ المعلَّمَ فاذكُرِ اسمَ الله تعالى، فإنْ أَمْسكَ عليكَ فأدْرَكْتَهُ حيًّا فاذبَحْهُ، وإنْ أدْركْتَهُ قد قَتَلَه ولم يأْكُلْ منهُ فكُلْهُ، وإنْ كان أكلَ فلا تأكلْ فإنَّما أَمْسكَ على نفسِه، وإنْ وَجَدْتَ مع كَلْبكَ كلبًا غيرَهُ وقد قَتلَ فلا تأكلْ فإنَّكَ لا تدري أَيُّهُما قَتَلَهُ، وإذا رمَيْتَ بسهمِكَ فاذْكُر اسمَ الله، فإنْ غابَ عنك يومًا فلمْ تَجِدْ فيه إلاّ أثرَ سهمِكَ فكُلْ إنْ شئتَ، وإنْ وجدْتَهُ غريقًا في الماءِ فلا تأكُلْ".

قوله: "فاذكر اسم الله"؛ يعني: فقل: بسم الله عند إرسالك الكلب إلى الصيد، فإنه سنةٌ، "فإن أمسك عليك"؛ يعني: فإذا أمسك الكلب "فأدركته حيًا فاذبحه"؛ يعني: فإن وصلت إلى الصيد الذي أخذه كلبك فإن كان الصيد حيًا لزم ذبحُه، وإن لم تذبحه حتى مات فهو حرام، "وإن أدركته قد قتل"؛ يعني: إن أدركت الصيد وقد قتله الكلب قبل وصولك إليه، فإن لم يأكل منه الكلب فذاك الحَلب معلَّمٌ وذلك الصيد حلال، وإن أكل منه الكلب فلم يكن ذلك الكلب معلمًا، فهو حرام.

ص: 467

لتحليل الصيد المأخوذ بالكلب شرطان:

أحدهما: أن يكون الكلب معلَّمًا.

والثاني: أن يرسله مَن تحلُّ ذبيحتُه.

فإن لم يكن الكلب معلَّمًا، أو كان معلَّمًا ولكن أخذ الصيد لا بإرسالِ أحدٍ، أو كان بإرسالِ أحدٍ ولكن كان ذلك الأحد ممن لم تحلَّ ذبيحته، فذلك الصيد حرام، ومَن حل ذبيحته هو المسلم واليهود والنصارى.

واعلم أن التسمية عند الرمي إلى الصيد وإرسالِ الكلب، وعند ذبح شاة أو غيرها، سنةٌ، فإنْ تَرَكَ التسمية عامدًا أو ناسيًا فلا بأس عند الشافعي ومالك وأحمد، وهو حرام عند أبي ثور وداود سواءٌ ترك التسمية عامدًا أو ناسيًا.

وقال أبو حنيفة: إن تركها عامدًا لم يحل، وإن تركها ناسيًا حل.

وأما كونُ الكلب معلَّمًا فهو شرطٌ عند الشافعي وأبي حنيفة وأحمد، فإن أكل الصيدَ فهو حرام عندهم، وقال مالك: لا بأس به.

وللتعليم ثلاث شرائط: أن يذهب إلى الصيد إذا أرسله مالكُه، وأن لا يأكل إذا أخذ، وأن يرجع إذا دعاه مرسله، وفي هذا خلافٌ فإن الكلب إذا رأى الصيد قلما يرجع.

قوله: "فإنما أمسك على نفسه"؛ يعني: أمسك الكلبُ الصيد لنفسه لا لك، "وإن وجدت مع كلبك كلبًا غيره"؛ يعني: إذا وجدت صيدًا أخذه كلبك وكلبُ غيرك، فإن كان كلب غيرك لم يرسله أحد بل أتى الصيد بنفسه، أو أرسله مَنْ لم تحلَّ ذبيحته، فذلك الصيد حرام، وإن شككت أن هذا الصيد أخذه كلبك منفردًا أو مع كلبٍ آخر لم يرسله أحد، أو أرسله مَن لم تحلَّ ذبيحته، فهو حرام للشك.

ص: 468

قوله: "فلم تر فيه إلا أثر سهمك" شرطُ هذا أن يعلم يقينًا أن سهمه أصاب الصيد، ثم غاب عنه ووجده بعد يوم أو يومين ولم يكن غريقًا في الماء ولا ساقطًا من علو، ولا أثر عليه من حجر أو سهم آخر، فإذا كان كذلك حلَّ أكلُه، فأما إذا لم يعلم يقينًا أن سهمه أصابه، أو علم إصابة سهمه ولكن وجده غريقًا في ماء، أو ساقطًا من علو، أو وجد عليه أثر حجر أو سهم آخر، فلم يحل أكله.

* * *

3103/ م - ورُوِيَ عن عَدِيٍّ قال: قلتُ: يا رسولَ الله! إنَّا نُرْسلُ الكِلابَ المُعَلَّمةَ، قال:"كُلْ ما أَمْسكْنَ عليكَ"، قلتُ: وإنْ قَتَلْن؟ قال: "وإن قَتَلْنَ"، قلتُ: إنا نَرْمي بالمِعْراضِ، قال:"كُلْ ما خَزَقَ، وما أصابَ بِعَرْضهِ فقتلَ فإنَّه وَقيذٌ فلا تأْكُلْ".

قوله: "بالمعراض"، (المعراض): سهمٌ نصلُه عريض.

و"خزق": بالزاي المعجمة؛ أي: شقَّ وجرح الصيد.

"وما أصاب بعرضه"؛ يعني: إن لم يُصِبِ الصيدَ نصلُ سهمه بل وسطه "فإنه وقيذ"، و (الوقيذ): الموقوذ، وهو المقتول بضرب الخشب، وهو حرام.

* * *

3104 -

عن أبي ثَعْلَبةَ الخُشَنيِّ: أنَّه قال: قلتُ: يا نبيَّ الله! إنَّا بأرضِ قَوْمٍ منْ أهلِ الكتابِ أفنَأْكُلُ في آنِيَتِهم؟ وبأرضِ صيدٍ أَصِيدُ بقَوْسي وبكلبي الذي ليسَ بِمُعلَّمٍ، وبكلبي المُعلَّم، فما يَصْلحُ لي؟ قال: "أمَّا ما ذكَرْتَ منْ آنية أهلِ الكتابِ، فإنْ وَجَدْتُم غيرَها فلا تأْكُلُوا فيها، فإنْ لم تَجِدوا فاغْسِلُوها وكُلُوا فيها، وما صِدْتَ بقَوْسِكَ فذَكرْتَ اسمَ الله فكُلْ، وما صِدْتَ بكلْبكَ

ص: 469

المُعَلَّمِ فذكرتَ اسمَ الله فكُلْ، وما صِدْتَ بكلبكَ غيرَ مُعَلَّمٍ فأَدْرَكْتَ ذَكاتَه فَكُلْ".

قوله: "فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها": هذا على طريق الاستحباب؛ لأن طعامهم حلال بنص القرآن، فإذا كان طعامهم حلالًا فكيف تكون آنيتهم نجسةً؟!

"وما صدت بكلبك غير معلَّمٍ فأدركت ذكاته فكُلْ"، (الذكاة): الذبح؛ يعني: فإن أدركته حيًا وذبحته حَلَّ، وإن أدركته ميتًا لم يحلَّ؛ لأن الكلب غير معلَّمٍ.

* * *

3105 -

وقال: "إذا رَمَيْتَ بسَهْمِكَ فغابَ عنكَ فأَدْركْتَهُ فكُلْ ما لم يُنْتِنْ".

3106 -

عن أبي ثَعْلَبةَ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الذي يُدْرِكُ صَيدَهُ بعدَ ثلاثٍ:"فكُلْهُ ما لم يُنْتِنْ".

قوله: "إذا رميت بسهمك فغاب عنك فأدركته فكُلْ ما لم يُنْتِنْ"؛ يعني: إذا جرحت الصيد فغاب عنك، ثم أدركته ميتًا ولم تر فيه غير سهمك كما ذكر فهو حلال.

وقوله: "ما لم ينتن" هذا على طريق الاستحباب؛ لأن صيرورة اللحم منتنًا لا تحرِّمُه، وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل إهالةً سَنِخةً؛ أي: وَدَكًا متغير الريح وهو المنتن، فلو كان اللحم المنتن حرامًا لكان الودك المنتن أيضًا حرامًا، ولو كان حرامًا لم يأكله النبي صلى الله عليه وسلم.

* * *

ص: 470

3107 -

عن عائِشَةَ رضي الله عنها قالت: قالوا: يا رسولَ الله! إنَّ ها هنا أقوامًا حَديثٌ عهدُهم بشِرْكٍ، يأْتُوننا بلُحْمانٍ لا ندري يذكرونَ اسمَ الله عليها أَمْ لا؟ قال:"اذْكُروا أنتُم اسمَ الله وكُلُوا".

قولها: "إن هنا أقوامًا حديثٌ عهدُهم بشركٍ يأتوننا بلُحْمانٍ لا ندري يذكرون اسم الله عليها أم لا؟ قال: اذكروا أنتم اسم الله وكلوا (1) ".

* * *

3108 -

وسُئِلَ عليٌّ رضي الله عنه: أَخَصَّكُمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بشئٍ؟ فقال: ما خصَّنا بشيءٍ لم يَعُمَّ بهِ الناسَ إلَّا ما في قِرابِ سيَفْي هذا، فأخرجَ صحيفةً فيها: لعنَ الله مَنْ ذَبَحَ لغيرِ الله، ولعنَ الله مَنْ سَرَقَ مَنارَ الأرضِ - ويُرْوى: مَنْ غَيَّرَ مَنارَ الأرضِ - ولعنَ الله مَنْ لعنَ والدَيْهِ، ولعنَ الله مَنْ آوَى مُحْدِثًا.

قوله: "أخصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء فقال: ما خصنا بشيء لم يعم به الناس".

قوله: "القراب": الغمد.

"من ذبح لغير الله"؛ يعني: مَن ذبح بغير (2) اسم الله، كقول الكفار عند الذبح: باسم الصنم.

"ومن سرق منار الأرض"، (مَنَار الأرض): العلامة التي يمشي الناس بها على الأرض وهي الطريق؛ يعني: لعن مَن غصب الطريق وجعله في ملكه؛ يعني: مَن أبطل طريق الناس.

(1) كذا وقع في جميع النسخ دون شرح، وجاء بعده في "م" بياض بمقدار سطر.

(2)

في "ق": "لغير".

ص: 471

"من آوى محدثًا"؛ أي: من ترك مبتدعًا في بيته أو بلده وأعانه.

* * *

3109 -

عن رافعِ بن خَدِيجٍ رضي الله عنه أنّه قال: قلتُ: يا رسُولَ الله! إنَّا لاقُو العَدُوِّ غدًا وليْسَتْ معَنا مُدًى، أفنذبحُ بالقَصَبِ؟ قال:"ما أَنهَرَ الدمَ وذُكِرَ اسمُ الله عليه فكُلْ، ليسَ السِّنَّ والظُّفُرَ، وسأُحَدِّثُكُ عنه: أمَّا السِّنُّ فعَظْمٌ، وأمَّا الظُّفُرُ فمُدَى الحُبْشِ". وأصَبنا نَهْبَ إبلٍ وغنَمٍ فندَّ منها بعيرٌ فرماهُ رجلٌ بسَهْمٍ فحبَسَهُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إنَّ لهذِهِ الإِبلِ أوابدَ كأوابدِ الوَحْشِ، فإذا غَلَبَكُمْ منها شيءٌ فافعلُوا بهِ هكذا".

قوله: "لاقو العدو غدًا وليست معنا مدى"، (المُدى): جمع مدية، وهي السكين.

"أنهر"؛ أي: أَجْرَى؛ يعني: كلُّ شيء له حدٌّ يجوز الذبح به إذا أُمِرَّ على حلق الذبيح، فلو ضرب به ولم يمر لم يجز، ولا يحلُّ الذبح بالظفر والعظم سواءٌ كان العظم والظفر منفصلين عن الحيوان أو متصلين به، وسواءٌ كانا من مأكولٍ أو غيرِ مأكولٍ عند الشافعي.

وقال أبو حنيفة: إن كان العظم والظفر منفصلين عن الحيوان حل الذبح بهما.

وقال مالك: حل الذبح بالعظم إذا قطع بإمراره.

وقال بعض أصحاب الشافعي: حل الذبح بعظمِ مأكولِ اللحم.

قوله: "أما السن فعظم"؛ يعني: السن عظمٌ ولا يجوز الذبح بالعظم.

"وأما الظفر فمُدَى الحبش"؛ يعني: لا يجوز الذبح بالظفر؛ لأن أهل الحبشة يذبحون بالظفر وهم كفار، ولا يجوز موافقة الكفار.

ص: 472

"نهب إبل وغنم"؛ يعني: أكرنا على قوم من الكفار فوجدنا إبلًا وغنمًا، "فند"؛ أي: فر.

"الأوابد": جمع آبدة، وهي التي تفر وتنفر؛ يعني: إذا صار إبلٌ أو بقرٌ أو غنمٌ وحشيًا، وفرَّ ولم تقدروا على أخذه، جاز رميه وقتلُه بالسهم كالصيد.

* * *

3110 -

عن كعبِ بن مالكٍ رضي الله عنه: أنَّه كانتْ لهُ غنمٌ ترعَى بسَلْع فأبصرَتْ جاريةٌ لنا بشاةٍ مِنْ غَنمِنا مَوْتًا، فكسَرتْ حَجَرًا فَذَبَحتْها بهِ، فسألَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأمرَهُ بأكْلِها.

قوله: "بسَلْعٍ" بسكون اللام: وهو اسم جبل بالمدينة.

قوله: "موتًا"؛ أي: رأت أثر الموت في شاةٍ "فكسرت حجرًا" محدَّدًا كسكين "فذبحتها به" فأمره النبي بأكلها.

* * *

3111 -

عن شدَّادِ بن أوْسٍ رضي الله عنه، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الله كَتَبَ الإِحْسَانَ على كلِّ شيءٍ، فإذا قتلتُمْ فأحْسِنوا القِتْلَةَ، وإذا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنوا الذَّبْحَ، ولْيُحِدَّ أحدُكُمْ شفرتَهُ ولْيُرِحْ ذبيحَتَه".

قوله: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء"، (على) بمعنى (في)؛ يعني: كتب الله عليكم أن تحسنوا في كل شيء: في ذبح الحيوان، وفي قتل إنسان إذا وجب قتله بالقصاص، وفي غيرهما.

"القتلة" بكسر القاف: حالة القتل وكيفيتُه؛ يعني: لا تعذِّبوا خلقَ الله، بل حدِّدوا الشفرة - وهي السكين - ليسهل الذبح.

* * *

ص: 473

3112 -

عن ابن عمرَ رضي الله عنهما أنَّه قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ينهَى أنْ تُصْبَرَ بَهيمةٌ أو غيرُها للقتلِ.

قوله: "أن تُصْبَرَ بهيمة للقتل"، (الصبر): الحبس؛ يعني: نهى أن تُجعل بهيمةٌ هدفًا ويُرمى إليها؛ لأنه تعذيب الحيوان.

* * *

3114 -

عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تتَّخِذُوا شيئًا فيهِ الرُّوحُ غَرَضًا".

قوله: "غرضًا": هدفًا، ومعنى هذا الحديث مثلُ الحديث الذي قبله.

* * *

3115 -

عن جابرٍ رضي الله عنه: أنَّه قال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الضَّرْبِ في الوَجهِ، وعن الوَسْم في الوجْهِ.

قوله: "وعن الوسم"، (الوسم): الكي.

* * *

3117 -

وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: غَدَوْتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن أبي طلحةَ رضي الله عنه لِيُحَنَّكَهُ، فوافَيْتُه في يدِه المِيسَمُ يَسِمُ إبلَ الصَّدقَةِ.

قوله: "ليحنكه"؛ أي: ليجعل تمرًا أو غيره من الحلاوات في حنكه؛ أي: في أقصى فمه؛ لتصل إليه بركة النبي صلى الله عليه وسلم.

"فوافيته"؛ أي: وجدته.

* * *

ص: 474

3118 -

ويُروَى عن أنسٍ رضي الله عنه قال: دخلتُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو في مِربَدٍ، فرأيتُه يَسِمُ شاةً. حسِبْتُهُ قال: في آذانِها.

"المِرْبَد": الموضع الذي يكون فيه الغنم.

* * *

مِنَ الحِسَان:

3119 -

عن عَديِّ بن حاتِمٍ رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسُولَ الله! أرأيْتَ أحدُنا أصابَ صَيْدًا وليسَ معهُ سِكِّينٌ، أيذبحُ بالمَرْوَةِ وشِقَّةِ العَصا؟ فقال:"أَمْرِر الدَّمَ بما شِئْتَ واذْكُرِ اسْمَ الله".

قوله: "بالمروة" الحجر؛ يعني: حدَّدَ قطعة حجر وذبح به.

"وشقَّةِ العصا"؛ يعني: شق عصًا بنصفين وذبح به.

* * *

3120 -

عن أبي العُشَراءِ عن أبيه: أنَّه قال: يا رسولَ الله! أما تكُونُ الذَّكاةُ إلَّا في الحَلْقِ واللَّبَّةِ؟ فقال: "لو طَعَنْتَ في فَخِذِها لأجْزأَ عنكَ".

قوله: "اللبة": آخر الحلق قريب من الصدر.

"لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك"؛ يعني: إذا فر إبل أو غنم أو بقر أو فرس ولم يقدر عليها، جاز قتله بالرمي كالصيد، وها هنا لعله وقع في بئر ولم يقدر على نحرها، فإذا كان كذلك جاز ضربه بالسكين وغيره حتى يموت.

* * *

3123 -

وعن جابرٍ رضي الله عنه: أنَّه قال: نُهينا عنْ صَيْدِ كلبِ المَجُوسِ.

ص: 475

قوله: "نهينا عن صيد كلب المجوس" اعلم أن غير المسلم وغير اليهود والنصارى لا يحل ما ذبحه ولا ما صاده بكلب أو رمي.

* * *

3125 -

وعن قَبيصةَ بن هُلْبٍ، عن أبيه قال: سَأَلتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عنْ طعامِ النَّصارَى - وفي روايةٍ: سألَهُ رجلٌ فقال - إنَّ مِنَ الطعامِ طعامًا أتَحَرَّجُ منه، فقال:"لا يتَخَلَّجَنَّ في صدركَ شيءٌ ضارَعْتَ فيهِ النَّصْرانِيَّةَ".

قوله: "إن من الطعام طعامًا أتحرج منه"، (أتحرج)؛ أي: أتقزز ويفرُّ طبعي منه.

قوله: "لا يتحلجن" بالحاء المهملة، وقيل: بالخاء المعجمة؛ أي: لا يتردَّدن في قلبك تقزُّز وتنفُّر الطبع من الطعام، فإنك إن تقزَّزَ وتَنفَّرَ طبعُك من الطعام "ضارعت"؛ أي: شابهت "فيه" - أي: في التقزز - "النصرانية" فإنَّ تقزُّزَ الطعام من عادة النصارى؛ يعني: إذا وجدت طعامًا حلالًا ولم تجد فيه ما يوجب تحريمه من نجاسةٍ واقعة في ذلك الطعام أو في ظرفه لا تتحرز منه.

* * *

3126 -

عن أبي الدَّرداءِ رضي الله عنه قال: نَهَى رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْلِ المُجَثَّمَةِ، وهيَ التي تُصْبَرُ بالنَّبْل.

قوله: "تصبر بالنبل"؛ أي: تُجعل هدفًا وتُرمى بالنبل حتى تموت، فأكلها حرام؛ لأن هذا القتل ليس بذبح في الحلق واللبَّة.

* * *

3127 -

عن العِرْباضِ بن سارِية: أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى يومَ خَيْبَرَ عنْ كُلِّ

ص: 476

ذِي نابٍ مِنَ السَّباعِ، وعنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ، وعنْ لحُومِ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ، وعنْ المُجَثَّمَةِ، وعنِ الخَلِيسةِ، وأنْ تُوطأَ الحَبالَى حتَّى يضَعْنَ ما في بُطُونهنَّ. قيل: الخَلِيسة ما يُؤخَذُ مِنَ السَّبُعِ فيموتُ قبلَ أنْ يُذَكَّى.

قوله: "أنَّ رسولَ الله نهى يومَ خيبر عن كلِّ ذي نابٍ من السِّباع، وعن كل ذي مَخْلَب من الطير"؛ يعني عن أكل لحم هذين النوعين، أراد بكل ذي ناب كل سبع: ما يعدو؛ أي: ما يحمل بنابه؛ أي: بسنِّه على الناس؛ كالذئب، والأسد، والنَّمِر، والفهد والدُّب، والقرد والبَبْرْ (1)، ونحوها.

وأرد بذي مخلب كل طير: يصطاد بالمخلب؛ كالنسر والصقر، والبازي، ونحوها.

قوله: "وأن توطأ الحُبالى"، (الحبالى) جمع الحُبْلى، وهي الحامل؛ يعني: إذا حصَلت جاريةٌ لرجل لا يجوز له أن يجامعَها حتى تضع حملها إن كانت حاملًا، وحتى تحيض إن لم تكن حاملًا وينقطع حيضها.

* * *

3128 -

عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: أنَّه قال: نَهَى رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عن شَرِيطةِ الشَّيطانِ، وهيَ التي تُذْبَحُ فيُقْطَعُ الجلدُ، ولا تُفْرَى الأَوداجُ، ثمَّ تُتركُ حتَّى تموتَ.

قوله: "فيقطع الجلد"؛ أي: فتقطع جلد حلقه.

"ولا تُفْرى"؛ أي: ولا تقطع.

(1) البَبْر: بباءين موحدتين، الأولى مفتوحة والثانية ساكنة، وهو حيوان معروف يعادي الأسد، ويقال له الغُرانِق - بضم الفاء وكسر النون -. انظر:"المجموع" للنووي (9/ 15). ويقال له الهَدَبَّس، وأنثاه الفَزَارة. انظر:"لسان العرب"(5/ 54)، (مادة: فزر).

ص: 477