الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - باب القِتالِ في الجهاد
(باب القتال في الجهاد)
مِنَ الصِّحاحِ:
2984 -
قال كعبُ بن مالكٍ: لم يكنْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يريدُ غزوةً إلا وَرَّى بغيرِها، حتى كانَتْ تلكَ الغَزْوةُ - يعني: غزوةَ تبوكَ - غزاها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في حَرًّ شديدٍ، واستقبلَ سَفَرًا بعيدًا ومَفازًا، وعَدُوًّا كثيرًا، فجلَّى للمُسلمينَ أمرَهم ليتأهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِم، فأَخبرَهم بوَجْهِه الذي يريد.
قوله: "ورَّى بغيرها" توريةً: إذا أخفى شيئًا في خاطره وأظهر خلافه، وتوريةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم الغزو ليس بأنْ قال: أنا أريد غزو أهل الموضع الفلاني، وهو يريد غيرهم؛ لأن هذا كذبٌ، والكذب لا يجوز، بل إنما كان بالتعريض، مثل أن يريد غزو بلدة ولم يقل: إني أريد ذلك الموضع، بل يخفي ذلك في قلبه ويسأل عن الناس سبيل بلد آخر، مثل أن يريد مكة ويسأل عن الناس حال خيبر وكيفيةَ سبيلها، حتى يظن الناس أنه يريد خيبر، فإذا هيأ أسباب غزو مكة قصد مكة بحيث لا يعرف أهل مكة، ولم يصل إليهم خبرٌ، حتى لا يفروا ولا يهيئوا أسباب القتال، وذلك جائز في الغزو.
"تبوك": اسم ناحية في البرِّية قِبَلَ الروم، بينها وبين المدينة قَدْرُ مسيرة شهر.
"جلَّى"؛ أي: أظهر.
* * *
2985 -
وقال جابرٌ: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "الحربُ خُدْعَةٌ".
قوله: "الحرب خدعة" يجوز فتح الخاء وسكون الدال، وضمُّ الخاء وسكون الدال، وضم الخاء وفتحُ الدال، وأفصحها فتح الخاء وسكون الدال؛ لأنه نُقل عن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا، وهي المرة الواحدة من (خدع): إذا غرَّ ومكر.
* * *
2987 -
وقالت أمُّ عطِيَّةَ: غَزَوْتُ معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سبعَ غَزَوَاتٍ: أَخْلُفُهم في رِحالِهم فأصنعُ لهم الطَّعامَ، وأُداوي الجرحَى، وأَقومُ على المرضى.
قوله: "أخلفهم في رحالهم"؛ أي: أقوم مقامهم في منزلهم إذا غابوا، وأحفظ أمتعتهم.
* * *
2988 -
وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "هَلْ تُنْصَرُونَ وتُرْزَقونَ إلا بضُعفائِكم".
قوله: "هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم" إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث كيلا يتكبر المجاهدون على الضعفاء الذين لا يقدرون على الجهاد؛ يعني: هم معذورون في تخلُّفهم لضعفهم وقلبهم مع المجاهدين يدعون لهم بالنصرة في الخلوات، وخلف الصلوات.
روى هذا الحديث سعد بن أبي وقاص.
* * *
2990 -
عن الصَّعْبِ بن جَثامَةَ قال: سُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن أهلِ الدارِ يُبَيَّتونَ مِن المُشركينَ، فيُصابُ مِن نسائِهم وذَرارِيهم، فقال:"هُم منهم".
وفي روايةٍ: "هُم مِن آبائهم".
قوله: "سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل الدار يبيَّتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم"، (عن أهل الدار)؛ أي: عن أهل بلدهم من المشركين، و (يبيَّتون) بفتح الياء الثانية؛ أي: يُقْصَدون في الليل بالقتل، ويقتل الرجال والنساء والصبيان.
قوله صلى الله عليه وسلم: "هم منهم"؛ يعني: لا بأس بقتل النساء والصبيان عند تبييتهم؛ لأن الغازي لا يعرف في الليل النساء والصبيان من الرجال، فهو معذور في قتل مَن وجد منهم، وإنما المنهيُّ من قتل النساء والصبيان في النهار؛ لأن الغازي يعرف النساء والصبيان من الرجال.
* * *
2991 -
وعن البراءِ بن عازبٍ قال: بعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رَهطًا من الأنصارِ إلى أبي رافِعٍ، فدخلَ عليهِ عبدُ الله بن عَتِيكَ بيتَه لَيْلًا فقتَلَهُ وهو نائمٌ.
قوله: "رهطًا"؛ أي: جماعةً "إلى أبي رافع" وهو يهودي يؤذي رسول الله ويمنع الناس من الإِسلام.
وهذا الحديث دليلٌ على جواز قتل الكافر الحربي بأيِّ طريق كان، ليلًا أو نهارًا، يهوديًا كان أو غيره من الكفار.
* * *
2992 -
عن ابن عمرَ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَطَعَ نخلَ بني النَّضيرِ وحَرَّقَ، ولها يقولُ حسانٌ رضي الله عنه:
وهَانَ على سَراةِ بني لُؤَيًّ
…
حَريقٌ بالبُوَيرةِ مُستَطِيرُ
وفي ذلكَ نَزَلَت: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} ".
قوله: "قطع نخل بني النضير وحرق": هذا يدل على جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها، وتحريق بيوتهم وأموالهم إذلالًا لهم، وكره أحمد ذلك.
قوله: "ولها"؛ أي: ولتلك الواقعة أو لنخلهم قال حسان شعرًا، وهو حسان بن ثابت شاعرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
"وهان"؛ أي: سهل.
"على سَرَاة"؛ أي: على سادات بني لؤي، هم قبيلة قريش، ولؤي بن غالب من أجداد النبي صلى الله عليه وسلم.
و"حريق"؛ أي: مُحْرِقٌ، وتقديره إشعال وإضرام نارٍ محرقة.
"بالبُوَيْرة": وهي اسم ذلك الموضع.
"مستطير"؛ أي: متفرق؛ أي: كثير، و (مستطير) صفة (حريق).
قوله تعالى: " {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} "؛ أي: من نخلة " {أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} "؛ يعني أو تركتم تلك النخلة قائمةً على حالها، كل ذلك بإذن الله؛ أي: لا بأس عليكم بما قطعتم من النخل وبما تركتم قطعه.
* * *
2993 -
عن عبدِ الله بن عَوْنٍ: أنَّ نافِعًا كتبَ إليه يُخْبرُهُ، أنَّ ابن عمرَ أخبَرَهُ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أغارَ على بني المُصطَلَقِ غارتينَ في نَعَمِهِم بالمُرَيْسيعِ، فقتَلَ المُقاتِلة وسَبَى الذُّرِّيَّةَ.
قوله: "أغار على بني المصطلق غارِّين في نعمهم"، (غارين) حال من (بني المصطلق) وهو من (غرَّ غَرارةً): إذا غفل؛ يعني: كان بنو المصطلق
غافلين مقيمين بين مواشيهم إذ أغار عليهم رسول الله، وهذا يدل على أن قتل الكفار وأخذ أموالهم جائزٌ في حال كونهم غافلين.
"المريسيع": اسم موضع. "المقاتِلة": جمع مقاتل، والمراد بالمقاتِلَةِ هنا: مَن يصلح للقتال، وهو الرجل البالغ العاقل.
* * *
2994 -
وعن أبي أُسَيْدٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لنا يومَ بدرٍ حينَ صَفَفْنَا لقُرَيشٍ وصَفُّوا لنا: "إذا أَكْثَبُوكُمْ فعليكم بالنَّبْلِ".
وفي روايةٍ: "إذا أكْثَبوكم فارمُوهم، واسْتَبْقُوا نَبْلَكم".
قوله: "إذا أكثبوكم"؛ أي: إذا قربوا منكم بحيث تصلُ إليهم سهامكم فارموهم بالسهام "واستَبْقوا نبلكم"، (النبل): السهم؛ يعني: ارموهم بالنبل، ولكن لا ترموهم بجميع نبالكم، بل اتركوا بعض نبالكم، فإنكم لو رميتم بجميع نبالكم فحينئذ بقيتم بلا نبلٍ فغلبوا عليكم.
* * *
مِنَ الحِسَان:
2995 -
رُوِيَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَستَفتِحُ بصَعَالِيكِ المُهاجربنَ.
قوله: "كان يستفتح"؛ أي: يطلب الفتح والظفر على الكفار من الله.
"بصعاليك المهاجرين"؛ أي: ببركتهم، بأن يسأل دعاءهم، أو بأن يقول: اللهم انصرنا على الكفار بحق عبادك المهاجرين من الصعاليك، وهي جمع صعلوك: وهو الفقير.
وهذا الحديث يدل على تعظيم الفقراء، وطلبِ دعائهم والتبرُّكِ بهم، ويدل أيضًا على أن عظيم الشأن يُستحبُّ له أن يطلب الدعاء ممن هو دونه في عظم الشأن.
روى هذا الحديثَ أمية بن عبد الله بن خالد بن أَسيد.
* * *
2996 -
عن أبي الدَّرداءِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"ابغوني في ضُعَفائكم فَإنَّمَا تُرْزَقُون وتُنْصَرُونَ بِضُعَفائِكُمْ".
قوله: "ابغوني في ضعفائكم" أصله: ابغيوني، فأُسكنت العين ونُقلت ضمةُ الياء إليها، وحذفت الياء لسكونها وسكون الواو؛ يعني: اطلبوني في ضعفائكم فإني معهم في الصورة في بعض الأوقات، وقلبي معهم في كل الأوقات؛ لِمَا أعرف من عظيم منزلتهم عند الله، فإنكم ببركتهم تُرزقون وتنصرون؛ يعني: عظِّموهم لأجل خاطري، فإنَّ مَن حَفِظَهم فقد حفطني، ومن أحبهم فقد أحبني.
* * *
2997 -
قال عبدُ الرَّحمن بن عَوْفٍ: عَبَّأَنَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم ببدرٍ ليلًا.
قوله: "عبأنا" هذا من التعبئة، وهي تسويةُ صفوف الجيش في القتال، وإقامةُ كلِّ واحدٍ منهم مُقامًا يصلح له.
* * *
2998 -
ورُوِيَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنْ بَيَّتَكُم العدوُّ فليكنْ شِعَارُكم: (حم لا يُنْصَرُون) ".
قوله: "إن بيتكم العدو فليكن شعاركم حم لا ينصرون"، (بيَّت تبييتًا): إذا قصد العدو للقتل والإغارة ليلًا، (الشعار): العلامة؛ يعني إن اتَّفق قتالكم الكفارَ بالليل فليقل كلُّ واحد منكم إذا لقي أحدًا: (حم لا ينصرون) ليعرف المسلمُ المسلمَ؛ يعني: إذا لقي المسلم أحدًا في الليل، فإن تكلم ذلك الأحد بـ (حم لا ينصرون) فهو مسلم، وإن لم يقل فهو كافر فليقتله المسلم.
ويستحبُّ لأمير الجيش أن يأمر جيشه بأن يتكلموا بلفظٍ في الليل إذا لقوا العدو؛ ليعرف المسلم الكافر.
روى هذا الحديث [المهلَّب بن أبي صُفرة].
* * *
3001 -
عن قيسِ بن عُبَادٍ قال: كانَ أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَكرهُونَ الصَّوتَ عندَ القتالِ.
"يكرهون الصوت عند القتال" عادة المحاربين أن يرفعوا أصواتهم: إما لتعظيم أنفسهم وإظهارِ كثرتهم بتكثير أصواتهم، أو لتخويف أعدائهم بكثرة أصواتهم، أو لإظهار كلِّ واحد الشجاعةَ عن نفسه، بأن يقول: أنا البطل، أنا الشجاع، أنا طالب الحرب، أنا فلان بن فلان، والصحابة رضي الله عنهم يكرهون أن يرفعوا أصواتهم بشيء من هذه الأشياء؛ لأنها ليست مما يُتقرب به إلى الله تعالى، بل يرفعون أصواتهم بذكر الله فإن به فوزَ الدنيا والآخرة.
* * *
3002 -
عن الحسنِ، عن سَمُرَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"اقتلوا شيوخَ المُشركينَ، واستَحيوا شَرْخَهُم"، أي: صِبيانَهم.
قوله: "اقتلوا شيوخ المشركين"، (الشيوخ): جمع شيخ، وهو المُسِنُّ الأشيب، والمراد بـ (الشيوخ) هنا: مَن كان بالغًا من الرجال، والمراد بـ (الشرخ): مَن لم يكن بالغًا.
"واستحيوا" أصله: استَحْييوا، فأُسكنت الياء الأولى ونُقلت ضمة الياء الثانية إليها، وحذفت الياء الثانية لسكونها وسكون الواو، وهو من (استَحْيَى): إذا ترك أحدًا حيًّا؛ أي: لم يقتله.
* * *
3003 -
قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأسامَة: "أَغِرْ على أُبنى صباحًا وحَرِّقْ".
قوله: "أغر على أبني"، (أُبنى): اسم موضع، وقيل:(أُبنى) قرية بمؤتة، وقيل: الصواب: يُبنى، وهو اسم قريةٍ من قرى الرملة، والرملة: بلد في أرض العرب.
روى هذا الحديث عروة بن الزبير.
* * *
3004 -
عن أبي أُسَيْدٍ قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ بَدْرِ: "إذا أَكْثَبُوكم فارمُوهم، ولا تَسُلُّوا السُّيوفَ حتى يَغْشَوْكُم".
قوله: "ولا تسلوا السيوف"؛ أي: لا تُخرجوا السيوف من الغمد.
"حتى يغشوكم"؛ أي: حتى يقربوا منكم بحيث تصلُ إليهم سيوفكم، (يغشوكم) أصله: يَغْشَيوكم، فقُلبت الياء ألفًا ثمَّ حُذفت الألف لسكونها وسكون الواو، وهو من الغشيان، وهو المجيء من علو.
* * *
3005 -
عن رباحِ بن الربيعِ قال: كنّا معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في غزوةٍ، فَرَأَى الناسَ مجتمعين علي شيءٍ، فبعثَ رَجُلًا فقال:"انظرْ عَلَامَ اجتمَع هؤلاءِ؟ " فجاءَ فقالَ: امرأةٌ قتيلٌ، فقال:"ما كانَتْ هذه لِتُقاتِلَ"، وعلى المُقَدِّمَةِ خالدُ بن الوليدِ، فبعثَ رجلًا وقال:"قُلْ لخالدٍ: لا تقتلْ امرأةً ولا عَسِيفًا".
قوله: "ما كانت هذه لتقاتل"؛ أي: لم تكن من المحاربين؛ يعني: إنما يُقتل الكافر المحارب، ولا يقتل مَن ليس بمحاربٍ كالنساء والصبيان.
"وعلى المقدمة"، (المقدمة): الجماعة السابقة على الجيش؛ يعني: كان خالد أمير مقدمة الجيش.
"العسيف": الأجير؛ يعني: لا تقتل خدَّامُ الكفار إذا لم يحاربوا، مثل راعي دوابهم وغيره.
* * *
3006 -
عن أنسٍ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "انطلِقُوا باسمِ الله، وبالله، وعلى مِلَّةِ رسولِ الله، لا تَقتلُوا شَيْخًا فانِيًا، ولا طِفْلًا، ولا صغيرًا، ولا امرأةً، ولا تَغُلُّوا، وضُمُّوا غنائِمَكم، وأَصلِحُوا، وأَحسِنُوا فإنَّ الله يحِبُّ المحسنين".
قوله: "شيخًا فانيًا"؛ أي: شيخًا ضعيفًا من غاية الكبر.
"ولا تغلوا" بتشديد اللام: ولا تسرقوا من الغنيمة.
"وضموا غنائمكم"؛ أي: اجمعوا ما حصل لكم من الغنيمة، ولا تأخذوا منها شيئًا حتى تقسموها.
"وأصلحوا"؛ أي: وأصلحوا أموركم؛ أي: لا يتكبَّرْ بعضكم على بعض، ولا تتركوا شيئًا من أوامر الله، ولا تأتوا شيئًا من مناهيه، ولا تُؤذوا مسلمًا.
* * *
3007 -
قال عليٌّ رضي الله عنه: تقدَّمَ عُتْبَةُ بن ربيعةَ، وتَبعَهُ ابنهُ وأخوهُ، فنادَى: مَن يبارِزُ؟ فانتدبَ له شبابُ مِن الأنصارِ فقالَ: مَن أنتم؟ فأَخبرُوه، فقال: لا حاجةَ لنا فيكم، إنَّما أردْنَا بني عَمِّنا، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"قُمْ يا حمزةُ! قُمْ يا عليُّ! قُمْ يا عُبيدةُ بن الحارثِ! " فأقبلَ حمزةُ إلى عتبةَ، وأقبَلْتُ إلى شيبةَ، واختلفَ بينَ عُبيدةَ والوليدِ ضربتانِ، فأَثْخَنَ كلُّ واحدٍ منهما صاحِبَهُ، ثمَّ مِلْنَا على الوليدِ فَقتَلْناهُ، واحْتَمَلْنا عُبَيْدة.
قوله: "تقدم عتبة"؛ يعني يوم بدر، "فنادى"؛ أي: فنادى عتبة: "من يبارز"؛ أي: مَن يخرج إلينا بالمحاربة، "فانتدب له"؛ أي: أجابه "شباب": جمع شابًّ، "فقال: من أنتم"؛ أي: فقال عتبة لشباب الأنصار، "فأخبروه"؛ أي: فقالوا: نحن من المدينة.
"إنما أردنا بني عمِّنا"؛ يعني: قرشيون، نريد مَن كان بيننا وبينهم قرابة قريبة.
"واختلف"؛ أي: تردَّد وجرى.
"فأثخن"؛ أي: جرح، (الإثخان): الجراحة الشديدة.
"صُلْنا" من (صال يَصُول): إذا حمل على أحدٍ.
* * *
3008 -
عن ابن عمرَ قال: بعَثَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في سَرِيةٍ، فحاصَ الناسُ حَيْصةً، فَأَتَيْنا المدينةَ فاختَفَيْنا بها، وقلنا: هَلَكْنا، ثمَّ أَتينا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلْنا: يا رسولَ الله! نحنُ الفرَّارونَ؟ قال: "بل أنتَمْ العَكَّارُونَ، وأنا فِئَتُكم".
وفي روايةٍ قال: "لا، بل أنتم العَكَّارون"، قال: فَدَنَوْنَا فقبَّلْنا يَدَهُ فقال: "أنا فِئَةُ المُسلمين".