الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
المقال العلمي:
الذي يعرض نظرية من نظريات العلم، أو مشكلة من مشكلاته عرضا موضوعيا صرفا، بأسلوب يتميز بالدقة في تحديد المفاهيم، ويعتمد على الأدلة والبراهين والحجج القاطعة، ويدعم في الغالب بالأرقام والإحصائيات والشواهد والتجارب. ويمتاز بالوضوح والاستقصاء، والدخول في الموضوع مباشرة، ووضع المصطلح العلمي في المكان اللائق به. وأبرز رجاله: يعقوب صروف، وفؤاد صروف، وأحمد زكي، وغيرهم ممن برزوا في هذا المجال.
واقرأ نصا آخر في وصف الأهرام: "كان القصد من بناء الأهرام إيجاد مكان حصين خفي يوضع فيه تابوت الملك بعد مماته، ولذلك شيدوا الهرم الأكبر، وجعلوا فيه أسرابا خفية زلقة صعبة الولوج لضيقها، وانخفاض سقفها وأقلاسها حتى لا يتسنى لأحد الوصول إلى المخدع الذي به التابوت، ومن أجل ذلك أيضا سد مدخل الهرم بحجر هائل متحرك، ولا يعرف سر تحريكه إلا الكهنة والحراس، ووضعت أمثال هذا الحجر على مسافات متتابعة في الأسراب المذكورة. وبهذه الطريقة بقي المدخل ومنافذ تلك الأسراب مجهولة أجيالا من الزمان. وبعد الهرم الأكبر من عجائب الدنيا، قرر المهندسون والمؤرخون أن بناءه يشمل 2.300.000 حجر متوسط وزن الحجر منها طنان ونصف طن، وكان يشتغل في بناء الهرم مائة ألف رجل يستبدل بهم غيرهم كل ثلاثة أشهر، وقد استغرق بناؤه عشرين عاما. وجميع هذا الهرم شيد من الحجر الجيري الصلب ما عدا المخدع الأكبر فإنه من الصخر المحبب، وكأن الهرم مغطى بطبقة من الجرانيت فوقها أخرى من الحجر الجيري المصقول، ووضع الملاط بين الأحجار في غاية الدقة حتى كان الناظر إلى الهرم يكاد يظنه صخرة واحدة"1.
فقد اختار الكاتب الحقائق لأهميتها في الحديث عن الأهرام، ورتبها بطريقة منظمة، فذكر سبب البناء، ثم أخذ يفصل الأفكار التي تتصل بالبناء اتصالا مباشرا، وعبر عن ذلك كله بعبارة سهلة دون طغيان شخصية الكاتب فيه.
1 راجع: تاريخ مصر إلى الفتح الإسلامي ص16، 17.
من هذا يتبين لك أن بين الأسلوبين فرقا واضحا في الصياغة والهدف. وتأمل قول أحمد شوقي في "الأهرام" يقول:
"ما أنت يا أهرام؟ أشواهق أجرام، أم شواهد أجرام؟ وأوضاع معالم أم أشياح مظالم؟ وجلائل أبنية وآثار، أم دلائل أنانية واستئثار؟ وتمثال منصب من الجيرية أم مثال صاح من العبقرية؟ يا كليل البصر عن مواضع العبر، قليل من البصر بمواقع الآثار الكبر. قف ناج الأحجار الدوارس، وتعلم فإن الآثار مدارس، هذه الحجارة حجور لعب عليها الأول، وهذه الصفائح صفائح ممالك ودول، وذلك الركام من الرمال غبار أحداج وإهمال، من كل ركب ألم ثم مال. في هذا الحرم درج عيسى صبيا، ووقعت بين يديه الكواكب جثيا، وهاهنا جلال الخلق وثبوته، ونفاذ العقل وجبروته، ومطالع الفن وبيوته. ومن هنا نتعلم أن حسن الثناء مرهون بإحسان البناء"1.
فقد عرض أحمد شوقي المعنى الواحد في صور مختلفة، تمثل الجلال والعظمة، ثم نجده يعرض فكرة الضخامة مرة في صورة علم، ومرة في صورة هضبة، وثالثة فوق الجبال والهضاب، كذلك عالج أحمد شوقي فكرة الخلود، فصورها في عدة صور.
1 راجع: أسواق الذهب ص69.