الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: المقال وأسلوب الاصلاح الاجتماعي
مدخل
…
الفصل الثاني: المقال وأسلوب الإصلاح الاجتماعي
بداية الدعوة إلى الإصلاح:
استهدفت الدعوات الفكرية والدينية التي ظهرت في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي التحرر من الاستبداد والنفوذ الأجنبي. وبدأت الدعوة إلى الإصلاح بظهور جمال الدين الأفغاني بالمشرق وإقامته في مصر 1871-1879، والتفات الشباب المتفتح حوله، مما أتاح له بعث الوعي القومي في النفوس، ونشر الدعوة إلى الإصلاح في مختلف ميادين الفكر والصحافة والوطنية والتعليم، ومن هنا برز التفكير في رد التيار الأوربي، والتف الناس حول القادة والمصلحين على رأسهم جمال الدين ذي الطبع الثوري، ومحمد عبده ذي الطبع الهادئ، وبذا برز اتجاهان في الدعوة إلى الإصلاح العام:
الأول: يرى الثورة وسيلة للإصلاح السياسي والحكم الديمقراطي؛ إذ بهما تتطور الحياة كلها، وأيد هذا الاتجاه جمال الدين، وعبد الرحمن الكواكبي، وأديب إسحاق، ومصطفى كامل، وغيرهم.
الثاني: يرى أن الترقي في الإصلاح أفضل من الطفرة، والإصلاح الاجتماعي والثقافي يحققان الإصلاح العام، بعد أن يدرك الشعب الواعي حقوقه، وأيد هذا الاتجاه الشيخ محمد عبده وعبد الله النديم وعلي مبارك وأحمد لطفي السيد وعبد العزيز جاويش وغيرهم.
ولم تلبث دعوة الإصلاح أن حمل لواءها العديد من المنتمين إلى المدارس
والأحزاب والجماعات في الوطن العربي كله، وسار تيار ينادي بالحرية والتخلص من النفوذ الأجنبي، والتحرر من الاستبداد السياسي.
وانطبعت دعوة الإصلاح في مصر بطابع إسلامي واضح، وبرز في ظلها التيار القومي متميزًا بملامحه في كتابات مصطفى كامل في الصحف ودعوته لحضور المؤتمرات في أوربا 1893، وإنشاء جريدة "اللواء" 1900، وإعلان قيام الحزب الوطني رسميًّا 1907. وأخذ يثير حماس الجماهير بعباراته الوطنية التي تؤجج العواطف مثل:"بلادي بلادي، لك حبي وفؤادي، لك حياتي ووجودي، لك دمي ونفسي، لك عقلي ولساني، لك لبي وحياتي، فأنت أنت الحياة، ولا حياة إلا بك يا مصر".
وفي الشام -سوريا ولبنان- بدأت حركة كيان الأمة والوطن التي تطورت 1914 في قرارات المؤتمر العربي الأول الذي عقد بباريس إلى قيام "الحكومة المركزية" التي تعطي للوطن السوري مقدراته السياسية دون الانفصال عن كيان الدولة العثمانية، ولعل السر في ذلك أن علاقة مصر والشام بالدولة العثمانية لم تكن علاقة الدولة المستعمرة بدولة محتلة.
وحرص المصلحون في دعواتهم على دعم الروابط مع الدولة العثمانية -رغم أخطائها- من أجل القضاء على مؤامرة النفوذ الأجنبي وخطته في تقسيم ميراث الدولة العثمانية الذي تحقق قبيل الحرب العالمية الأولى، حيث وقعت العراق في قبضة بريطانيا، وسوريا ولبنان في قبضة فرنسا، ومنح اليهود وعد بلفور لإقامة دول فلسطين، وقبل ذلك سقطت مصر والسودان 1882، كما استولى الفرنسيون على الجزائر 1830 وتونس 1882 والمغرب 1912، واحتل الإيطاليون ليبيا.
وهكذا امتلأ العصر بالأحداث، وعج بالثورات، وترددت فيه أسماء العديد من المصلحين من أمثال جمال الدين الأفغاني المصلح السياسي والاجتماعي، ومحمد عبده المصلح الديني، وعبد الله النديم المصلح السياسي الاجتماعي، وأديب إسحاق صاحب الدعوة إلى مجانية التعليم، وعاشق الحرية، وقاسم أمين محرر المرأة 1898، وعبد العزيز جاويش من رواد الإصلاح الاجتماعي، وغيرهم.