الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
وضوح فكرته وتبسيطها حتى تصبح جذوة متوهجة من نور، يتلقاها القارئ في رضا وارتياح.
4-
اتسامه بالعالمية فيما يعالج من موضوعات، دون أثر للعصبية أو الإقليمية، أو العرفية.
5-
يذيب التصورات العامة، ويخضعها للأفهام في وضوح الفكرة وشفافيتها ونغمة العبارة.
6-
سلامة الأداء، وسهولة العرض، وحسن الترتيب، مما يترتب عليه صحة النتائج، والوصول إلى الحقائق.
وهذا جزء من مقال له عن "الله وحياة الإنسان في فكره وسلوكه" جاء فيه: "إذا استثنينا عددًا من الرجال قد لا يزيدون على أصابع اليد الواحدة، منذ عرفت الدنيا فكرًا ومفكرين، فتستطيع القول على سبيل اليقين، لا على سبيل الظن بأن صحائف الفكر البشري، لم تشهد إنسانًا بغير عقيدة في إله، وكل ما حدث من أوجه الاختلاف في هذا الصدد، فهو منحصر في الصورة التي تصور بها هذا الإنسان أو ذاك الله كيف يكون، وإلا فما الذي فعله شيخ الفلاسفة أفلاطون، إذا لم يكن قد أخذ يقيم بناءه الفكري على شكل هرمي، أعني أنه أخذ يصعد بالأفكار الدنيا إلى طبقة أعلى، فأعلى فأعلى حتى بلغ ذروة الهرم، وإذا بهذه الذروة هي الله كما تصوره وهي "فكرة الخير الخالص". فالله هو ذلك الخير المجرد الذي رأى أفلاطون أنه ما من كائن على وجه الأرض، إلا وقد يسعى نحو تحقيق ذلك الخير".
"فلو وضعنا هذا التصور الأفلاطوني، في لغة قريبة من اللغة التي نستخدمها نحن اليوم، في إطار عقيدتنا، لقلنا: إن ذلك التصور إن هو إلا تصوير يوضح معنى الآية الكريمة {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} أي: إن كل من في السماء والأرض وما في السماء والأرض إنما ينحو نحو غاية عليا، هي الله سبحانه وتعالى: "بلغتنا نحن" وهي الخير الأسمى بلغة أفلاطون، ثم ماذا فعل أرسطو من بعد أفلاطون إذا لم يكن قد كرس أهم ما في فلسفته لكي يصور فكرته الأساسية التي تجعل هذا العالم مسيرة تظل ترتقي إلى ما هو أعلى ثم أعلى ثم أعلى، بحيث يكون طرف الابتداء هو
مادة غير ذات خصائص تميزها، وهو ما يسمونه اصطلاحًا "الهيولا" ويكون الطرف النهائي لشوط تلك المسيرة صورة غير مختلطة بمادة أعني كمالًا، لا تشوبه نواقص المادة، تلك الصورة هي بمثابة الغاية المثلى التي تجذب إليها: العالم بكل من فيه وما فيه، وهي الله سبحانه وتعالى.
فإذا تركنا العصر اليوناني القديم، ونظرنا إلى خمسة عشر قرنًا تمتد من القرن الأول للميلاد إلى القرن الخامس عشر فلا نكاد نقع على مفكر واحد، أو على فكرة واحدة من الأفكار الكبرى، خلال تلك الفترة الطويلة إلا ونجد أن الموضوع الأساسي المطروح للنظر، إنما هو حقيقة الخالق جل وعلا كما وردت في الكتب المنزلة، سواء كان ذلك كتبًا منزلة على الرسل قبل الإسلام، أو كان ذلك الكتاب هو القرآن الكريم الذي آمن به المسلمون، وذلك هو أن محور التفكير خلال تلك القرون هو بصفة أساسية محاولة النظر في الكتاب المنزل عند المسلمين أو عند غيرهم إما لشرحه ومحاولة فهمه الفهم الصحيح، وإما للنظر فيما يربطه بالفكر العقلي كما ورد عند الفلاسفة الأقدمين بمعنى أن يسأل المفكر نفسه قائلًا: هل في هذا الكتاب المنزل، ما يتعارض مع ما أملاه العقل والعرف على رجال العقل؟!. ومعنى ذلك كله هو أن فكرة الخالق جل وعلا، كانت مشغلة الفكر البشري في تلك الفترة، سواء كان ذلك بصورة مباشرة، أو بصورة غير مباشرة".
"ثم جاء العصر الحديث بادئًا بما يسمى بالنهضة الأوروبية منذ القرن الخامس عشر والقرن السادس عشر
…
فماذا نجد عند مستهل تلك الفترة الأخيرة! نجد عند الباب عملاقًا في دنيا الفلسفة هو "ديكارت" ولعلنا نعلم أن الفلسفة "الديكارتية" ركزت على الاعتقاد بوجود الله؛ لأنه اعتقاد لا يمكن فهم الوجود الإنساني بفكرة من الداخل، ويجسمه من الخارج إلا إذا كان الوجود الإلهي متضمنًا. وحتى الفلاسفة المعاصرون الذين تغلب عليهم النزعة الطبيعية التي ملخصها أنه ليس وراء هذه الطبيعة شيء، فلا يفوتهم أن يتصوروا الله على هذه الخلفية نفسها بصورة ملائمة لمذهبهم كأن يقولوا مثلًا: إنه هو بمثابة القوانين الخافية عن البصر، والتي تنبث في الكون فتنظمه، أو أن يقولوا إنه بمثابة الدفعة الباطنية التي تدفع
ثانيًا: أمين الرافعي 1886- 1927
كاتب مصري ذو سليقة صحفية بارعة، اشتغل بالصحافة عقب تخرجه من مدرسة الحقوق 1907 بجريدة "اللواء" واستمر جهاده الوطني وعمله السياسي مستفيدًا من ثقافته القانونية في معارضة المشروعات التي تستغل الشعب وتبدد ثرواته مثل مد امتياز قناة السويس 1910 هاجم الفساد والمفسدين منذ أول مقال كتبه بعنوان "سياسة الاعتدال" وأعقبه بمقال 1910 خاطب الأجيال فيه فقال:"برهنوا للملأ أن الأمم الخليقة بالحرية في استطاعتها أن تتحمل الآلالم والأهوال والخطوب حتى تصل إلى استقلالها، واعلموا أن الأمم التي تريد الحياة كبيرة يجب أن تربيها المصائب وتهذبها النائبات".
ومن ثم اتجهت الأنظار إليه؛ لأنه نذير جهاد ورفيق كفاح في أمة وشعب يتمرد على الظلم ويضيق بالضيم. ولما سقطت "اللواء" أنشأ جريدة "الشعب"1913. وحين أوقفها قانون الأحكام العرفية إبان الحرب العالمية الأولى، أعلن احتجاجه، وشهر قلمه في وجه الاحتلال دون خوف أو وجل، ولما قامت ثورة 1919 أصدر جريدة "الأخبار" تضمنت مقالاته السياسية، وحملت دعوته 1925 لرجال السياسة وأعضاء البرلمان أن يعقدوا اجتماعهم ولا يعبئوا بموقف الحكومة المخالف للدستور، فاستجابوا له، فكان له دوي عظيم في الداخل والخارج، مما فرض على الحكومة والقصر إعادة الحياة النيابية.
أسلوب أمين الرافعي:
كان أمين الرافعي كاتبا صحفيا شهيرًا، كتب العديد من المقالات ناقش فيها الأحداث السياسية والاجتماعية بصراحة وجرآة وإخلاص. دعم أراءه فيها بالحجج الدامغة، والبراهين القاطعة، والوثائق المحققة، والإحصائيات الدقيقة، والبيانات الوافية وتميز أسلوبه فيها بسمات عامة. تجعله فريدًا في دنيا الصحافة السياسية، وأهم خصائصه ما يلي:
1-
معظم مقالاته مصدرة بآية قرآنية، وختمت بأخرى.
2-
مقال على شرف الكلمة، ونزاهة الغرض، وسلامة القصد، وعفة اللسان، مما حبب فيه جموع السياسيين والصحافيين.
3-
كان نذير جهاد، وبعث ثورة، حرص خلاله على تعبئه المشاعر. وتأجيج العواطف حتى حقق ما أراد.
4-
حسن الترتيب، وجمال التنسيق، وسلامة العرض، وتسلسل الأفكار، مما يفضي بنتائج مقنعة.