المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أولا: قضية المرأة - المقال وتطوره في الأدب المعاصر

[السيد مرسي أبو ذكري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌مقدمة

- ‌مفهوم المقال:

- ‌الباب الأول: المقال وتطوره

- ‌الفصل الأول: ملامح المقال في الأدب العربي القديم

- ‌مدخل

- ‌أولا: الحسن البصري 21-110ه

- ‌ثانيا: عبد الحميد بن يحيى الكاتب 132هـ-750م

- ‌ثالثا: عبد الله بن المقفع

- ‌رابعًا: الجاحظ: 150-255ه

- ‌خامسا: ابن قتيبة 213-276ه

- ‌سادسا: أبو حيان التوحيدي 310-400ه

- ‌سابعا: إخوان الصفا

- ‌ثامنا: ابن خلدون 732-808ه

- ‌الفصل الثاني: المقال في طوره الحديث

- ‌مدخل

- ‌أولًا: محاولات الاوربيين

- ‌ميشيل دي مونتين 1532-1592

- ‌ فرانسيس بيكون 1561-1626:

- ‌ المقال في القرن الثامن عشر:

- ‌ المقال في القرن التاسع عشر:

- ‌ثانيًا: المقال في الأدب العربي الحديث

- ‌مدخل

- ‌الطور الأول:

- ‌الطور الثاني:

- ‌الطور الثالث:

- ‌الطور الرابع:

- ‌الطور الخامس:

- ‌ثالثا: أثر الصحف في تطور المقال

- ‌الفصل الثالث: تنوع المقال

- ‌مدخل

- ‌أولًا: المقال بالنسبة لموقف الكاتب

- ‌المقال الذاتي

- ‌ المقال الموضوعي:

- ‌ المقال الموضوعي الذاتي:

- ‌ثانيًا: المقال بالنسبة لاسلوب الكاتب

- ‌المقال الأدبي

- ‌ المقال العلمي:

- ‌الفصل الرابع: المقال والكتب

- ‌الباب الثاني: المقال وتنوع الأساليب

- ‌الفصل الأول: المقال والأسلوب اللغوي

- ‌مدخل

- ‌أولا: أحمد فارس الشدياق 1805-1887

- ‌ثانيا: الشيخ إبراهيم اليازجي 1847- 1906

- ‌ثالثًا: محمد إبراهيم المويلحي 1858-1930

- ‌الفصل الثاني: المقال وأسلوب الاصلاح الاجتماعي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: عبد الرحمن الكواكبي 1848-1902

- ‌ثانيًا: قاسم أمين 1863-1908

- ‌ثالثًا: ولي الدين عدلي يكن 873-1921 3

- ‌رابعًا: عبد العزيز جاويش 1876- 1929

- ‌الفصل الثالث: المقال والأسلوب الديني

- ‌مدخل

- ‌أولًا: الشيخ محمد عبده 1848-1905

- ‌ثانيًا: الشيخ علي يوسف 1863-1913

- ‌ثالثًا: شكيب أرسلان 1869-1946

- ‌رابعًا: أحمد أمين 1886-1954

- ‌الفصل الرابع: المقال والاسلوب العلمي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: يعقوب صروف 1852-1927

- ‌ثالثًا: سلامة موسى 1888-1958

- ‌الفصل الخامس: المقال والأسلوب الفني

- ‌مدخل

- ‌أولًا: مصطفى لطفي المنفلوطي 1876-1924

- ‌ثانيًا: مصطفى صادق الرافعي 1880-1937

- ‌ثالثًا: جبران خليل جبران 1883-1931

- ‌رابعًا: أحمد حسن الزيات 1885-1968

- ‌خامسًا: عباس محمود العقاد 1889-1964

- ‌سادسًا: طه حسين 1889-1973

- ‌سابعًا: عمر فاخوري 1895-1946

- ‌ثامنًا: مي زيادة 1897-1941

- ‌الفصل السادس: المقال والأسلوب الفلسفي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: أحمد لطفي السيد 1872-1962

- ‌ثانيًا: علي آدهم 1897-1981

- ‌ثالثًا: زكي نجيب محمود 1905

- ‌الفصل السابع: المقال والأسلوب السياسي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: عبد القادر حمزة 1880-1941

- ‌ثانيًا: أمين الرافعي 1886- 1927

- ‌ثالثًا: محمد حسين هيكل 1888-1956

- ‌رابعًا: محمد التابعي 1895-1976

- ‌خامسًا: فكري أباظة 1897-1979

- ‌الفصل الثامن: المقال والأسلوب الساخر

- ‌مدخل

- ‌أولًا: محمد السباعي 1881-1931

- ‌ثانيًا: عبد العزيز البشري: 1886-1943

- ‌ثالثًا: حسين شفيق المصري المتوفى 1948

- ‌رابعًا: إبراهيم عبد القادر المازني 1890- 1949

- ‌الباب الثالث: المقال في الصحف المعاصرة

- ‌الفصل الأول: المقال وقضايا الفكر

- ‌مدخل

- ‌أولًا: قضية المرأة

- ‌ثانيًا: كتاب "الإسلام وأصول الحكم

- ‌ثالثًا: كتاب "في الشعر الجاهلي

- ‌رابعًا: قضية التبشير

- ‌الفصل الثاني: المقال المعاصر

- ‌مدخل

- ‌أولًا: المقال العرضي

- ‌ثانيًا: المقال النقدي

- ‌ثالثًا: المقال النزالي

- ‌المقال في صحف اليوم

- ‌مدخل

- ‌ الأهرام:

- ‌ الأخبار:

- ‌ الجمهورية:

- ‌الفصل الثالث: الوان من المقال في صحف اليوم

- ‌مدخل

- ‌أولًا: الخاطرة

- ‌مدخل

- ‌في الأهرام:

- ‌في الأخبار وأخبار اليوم

- ‌في الجمهورية:

- ‌ثانيًا: الفكرة

- ‌ثالثًا: في الكاريكاتير

- ‌خاتمة:

- ‌أهم المصادر:

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌أولا: قضية المرأة

‌أولًا: قضية المرأة

ظلت المرأة العربية قعيدة البيت، بعيدة عن التعليم حتى منتصف القرن الماضي، تحتم تقاليد المجتمع عليها أن تستتر بالحجاب عن أعين الرجال، وفي الثلث الأخير من القرن بدأ الحديث عن تعليم الفتاة يتردد في البيئة العربية على لسان رفاعة الطهطاوي المتوفى 1873 في كتابه "المرشد الأمين إلى تعليم البنات والبنين" ومما جاء فيه:

"فإن ذلك مما يزيدهن أدبًا وعقلًا، ويجعلهن بالمعارف أهلًا، ويصلحن به لمشاركة الرجال في الكلام والرأي، فيعظمن في قلوبهم، ويعظم مقامهن لزوال ما فيهن من سخافة العقل والطيش، مما ينتج من معاشرة المرأة الجاهلة لمرأة مثلها" وطبع هذا الكتاب في 1872. وترتب على دعوته أقامة مدرسة للبنات 1873، ضمت مائة فتاة، وبعد عام استقبلت أربعمائة يتعلمن القراءة والكتابة والقرآن والحساب وشيئا من الجغرافيا والتاريخ والتطريز1".

ورأى الشيخ محمد عبده: "أن من محاسن الإسلام مساواة المرأة بالرجل في الأمور الجوهرية. وأما تعدد الزوجات فإن الإسلام لم يجوزه إلا لضرورات حقيقية، ولذلك ينبغي إصلاح الحياة الاجتماعية فيما يحسن حياة المرأة"2. وتناول الموضوع نفسه عبد الله النديم على صفحات "الأستاذ"، وعلي مبارك في الجزء الثاني من كتابه "طريق الهجاء والتمرين على القراءة في اللغة العربية".

وفي الشام شارك بطرس البستاني 1819-1883 الاهتمام بتعليم المرأة. ومن ثم بدأ الحديث عن تعليم المرأة ومساواتها بالرجل يتردد في الصحف والمجلات3.

1 راجع: عصر إسماعيل جـ1 ص210 للرافعي.

2 راجع: الإسلام والتجديد ص221-222.

3 راجع: المقتطف أعداد 1886.

ص: 268

وانحصرت الدعوة في تعليم الفتاة مبادئ القراءة حتى يمكنها الاطلاع على كتب الأخلاق، يقول الكاتب الحلبي فرنسيس فتح الله المراش:"ولا عجيب من جعل تربية النساء مقصورة على أبسط العلوم؛ لأن توغلهن في عباب العلوم، ينتهي إلى عكس المطلوب، بحيث تحذو حذو الرجال، وتصبح غير مكترثة لالتزاماتها نحو البيت والعيال، وربما عنّ لها أن تضع نفسها فوق الرجال1. ويقول أحمد فارس الشدياق: "فأما تعليم نساء بلادنا القراءة والكتابة فعندي أنها محمدة، بشرط استعماله على شروطه، وهو مطالعة الكتب التي تهذب الأخلاق، وتحسن الإملاء2".

وهكذا بدأت دعوة تعليم الفتاة تشيع في مصر والشام في أواخر القرن الماضي، ومن أجلها فتحت المدارس، ومن ثم أخذت الدعوة تشق طريقها في الشرق العربي حتى تلقفها المرحوم قاسم أمين، وتبين الدعوة لها، وضمنها مقالاته التي جمعت -فيما بعد- في كتابيه "تحرير المرأة" الصادر في 1899 و"المرأة الجديدة" الذي ظهر بعده بعام.

أثارت كتابات قاسم أمين عن المرأة وحقوقها جدلًا عنيفًا، شغل الرأي العام العربي خاصة في مصر والشام والعراق، لاصطدامها بالتقاليد الموروثة في بلاد العروبة إذ ذاك، ووقف الناس من دعوة قاسم أمين بين معارض ومؤيد.

"رمى المعارضون قاسم أمين على صفحات "اللواء" بأنه ممن تخطف زخاف التمدن بصائرهم، يرى المحاسن ولا يبصر المساوئ، ويقنع بأراء الدوق دراكور، ولا يقنع بمن هم أكثر شهرة وأوسع ثقافة وأوضح عقلًا من كتاب الغرب، مثل: جول سيمون وموليير ولامنس وزولا وهوجو وأمثالهم ممن هاجموا المرأة الأوروبية في حريتها التي عبثت بها3".

"وتساءل البعض على صفحات الجرائد كيف أمكن لليابان أن تصبح

1 راجع: الاتجاهات الأدبية في العالم العربي الحديث جـ1 ص59.

2 راجع: الساق على الساق جـ1 ص50.

3 راجع: اللواء الصادر في 24/ 1/ 1908.

ص: 269

إحدى الدول العظمى، والنساء فيها لم ينلن شيئًا من الحرية العربية؟ وأية امرأة مثقفة أوروبية اخترعت القطار أو اكتشفت الكهرباء"1.

"وفسحت صحيفة "المؤيد" المجال للمعارضين والمؤيدين معًا، فنشرت لمحمد فريد وجدي -كما نشرت اللواء له- بضع مقالات بدأها متسائلًا:

هل المرأة مساوية للرجل في سائر الحيثيات؟ ويجيب متسائلًا: وهل لدينا دليل حسي على هذا الجواب السلبي أصدق منذ وجود المرأة من ابتداء الخليقة للآن تحت سيطرة الرجل يوجهها كيف شاء، ويحكم عليها بما تقتضي أمياله، إذا كانت المرأة مساوية للرجل من الجهتين الجسمية والعقلية، فلماذا خضعت كل هذه الألوف من الأعلام لسلطان الرجل وجبروته2".

"ويتهكم أحد الكتاب بدعوة قاسم أمين، ويصور خروج المرأة إلى معترك الحياة، فإذا البيوت مقفرة، والشوارع مزدحمة بالرجال والنساء، والمحال التجارية وقف بها المتحككون بالنساء البائعات، أما الزي فخليط عجيب امرأة بقبعة وامرأة بغيرها، والمقصى قد تحيف الجيوب والذيول والأكمام، والتصقت الملابس بالمرأة حتى صارت كبعض جسمها، أهذا ما تريده؟ إن ما تريده حقا هو تربية المرأة قبل كل شيء".

تلك صورة موجزة للثورة التي دارت بين الكتاب في مصر عقب كتابات المرحوم قاسم أمين حول تحرير المرأة من التقاليد التي فرضت عليها أن تعيش بعيدة عن التعليم، مكبلة بقيود الحجاب.

"ورأى أهل الشام أن دعوة قاسم أمين اقتداء بالغربية لا يقوم على حجة مقبولة؛ لأنها لم تناد بخروج المرأة إلى العمل والحرية المطلقة، وإنما الرجال هم الذين دفعوا المرأة إلى العمل للانتفاع بها، فكانت النتيجة أن هوت، وفقدت بيتها وأنوثتها، وإذا كان التاريخ استفظع وأد بعض رعاع العرب لبناتهم دفعًا للعار، فكم يكون استفظاعه لحياة كثيرات من الفتيات في هذه المدينة التي يريد البعض أن يقتدي بها".

1 راجع: اللواء الصادر في 27/ 2/ 1908.

2 راجع: المؤيد الصادر في 30/ 9/ 1899.

ص: 270

"ومع ذلك فقد طالب أهل الشام بثقافة محدودة للفتاة ولا حاجة لها بالثقافة العريضة لمركزها في الأسرة كأم، واعتبروا مساواتها بالرجل خدعة كبرى، للاختلاف الطبيعي بينها وبين الرجل، والعلم نفسه أثبت ضعف المرأة1".

أما أهل العراق فقد رموا قاسم أمين بالفساد والخروج عن سنن الدين، محتجين بأن السفور يقود إلى المجون وهدم القيم، مما يترتب عليه تفكك الروابط الاجتماعية2 ولما كان شاعر العراق جميل صدقي الزهاوي شغوفًا بالاطلاع على كل ما يدعو إلى التحرر الفكري والاجتماعي، فقد وجد في دعوة قاسم أمين نصرة المرأة والدفاع عنها، فلم تمض أربع سنوات على تلك الدعوة حتى بعث بمقال جريء إلى جريدة "المؤيد الأسبوعي" القاهرية، ونشر في 17 أغسطس 1910 بعنوان "المرأة والدفاع عنها" ناقش فيه موضوع الطلاق فقال:

"أجاز المسلمون أن يقسو الرجل فيطلق المرأة، ويستبدلها بغيرها كسقط المتاع" ثم يتساءل قائلًا: "لماذا لم يجز المسلمون أن تطلقه لتنجو من شراسته، وقد قال تعالى في كتابه المبين بعد آية الطلاق {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} ؟ لماذا لا يكون لها هذا الطلاق مثلما هو عليها، لتعم المساواة، وتسود العدالة، كما هو مدلول الآية؟! ".

ثم ناقش "حقوق المرأة المهضومة" مناقشة صريحة فقال: "ليست المرأة المسلمة مهضومة من جهة واحدة، بل هي مهضومة من جهات عديدة: فهي مهضومة؛ لأن "عقدة الطلاق" بيد الرجل يحلها وحده، ولا أدري لماذا يجب رضاء المرأة في الاقتران، ولا يجب رضاها في الفراق الذي يعود تبعته عليها وحدها؟! وهي مهضومة؛ لأنها لا ترث من أبويها إلا نصف ما يرثه الرجل، وهي مهضومة؛ لأنها تعد نصف إنسان، وشهادتها نصف شهادة، وهي مهضومة؛ لأن الرجل يتزوج عليها بثلاث أخر، وهي لا تتزوج إلا به. وهي مهضومة؛ لأنها وهي في الحياة مقبورة في حجاب كثيف، يمنعها من شم الهواء ويمنعها من الاختلاط ببني نوعها".

وختم مقاله ببيان "مضار الحجاب" فيما يسببه من مشاق ومتاعب في المجتمع، وختم مقاله بقوله:"أخر المسلمين عن أمم الأرض حجاب تشقى به المسلمات! " فثار رجال الدين عليه ثورة عارمة، مما جعله يختفي في بيته خوفًا على حياته، واعتبره الشيخ سعيد النقشبندي -من كبار علماء بغداد- كافرًا زنديقًا، وألف رسالة في الرد عليه سماها "السيف البارق، في عنق المارق" وطالب البعض بعزله من وظيفته من والي بغداد "ناظم باشا" مما دفع جميل صدقي الزهاوي أن يتراجع عن رأيه وينكر كتابته للمقال.

ويلاحظ أن نقاش أهل الشام لقضية المرأة أهدأ من نقاش أهل العراق؛ لأن المرأة عندهم أكثر حرية من المرأة العراقية، لأثر الجاليات الأجنبية في الحياة الشامية.

أضافت المعركة التي أثيرت حول "قضية المرأة" إلى تراثنا العربي المعاصر مقالات عديدة، وكتب متنوعة، وبحوث مختلفة أهمها ما يلي:

1 جمع جميل صليب في كتابه "الاتجهات الفكرية في بلاد الشام" بعض هذه المقالات ص140 وما بعدها.

2 راجع: تنوير الأفكار، السنة الأولى 1328، ابتداء من العدد الثالث.

ص: 271

وهي مهضومة؛ لأن الرجل يتزوج عليها بثلاث أخر، وهي لا تتزوج إلا به. وهي مهضومة؛ لأنها وهي في الحياة مقبورة في حجاب كثيف، يمنعها من شم الهواء ويمنعها من الاختلاط ببني نوعها".

وختم مقاله ببيان "مضار الحجاب" فيما يسببه من مشاق ومتاعب في المجتمع، وختم مقاله بقوله:"أخر المسلمين عن أمم الأرض حجاب تشقى به المسلمات! " فثار رجال الدين عليه ثورة عارمة، مما جعله يختفي في بيته خوفًا على حياته، واعتبره الشيخ سعيد النقشبندي -من كبار علماء بغداد- كافرًا زنديقًا، وألف رسالة في الرد عليه سماها "السيف البارق، في عنق المارق" وطالب البعض بعزله من وظيفته من والي بغداد "ناظم باشا" مما دفع جميل صدقي الزهاوي أن يتراجع عن رأيه وينكر كتابته للمقال.

ويلاحظ أن نقاش أهل الشام لقضية المرأة أهدأ من نقاش أهل العراق؛ لأن المرأة عندهم أكثر حرية من المرأة العراقية، لأثر الجاليات الأجنبية في الحياة الشامية.

أضافت المعركة التي أثيرت حول "قضية المرأة" إلى تراثنا العربي المعاصر مقالات عديدة، وكتب متنوعة، وبحوث مختلفة أهمها ما يلي:

أولًا: كتب المعارضين

1-

تربية المرأة والحجاب لمحمد طلعت حرب.

2-

السنة والكتاب في حكم التربية والحجاب لمحمد إبراهيم الغاياتي.

3-

الجليس الأنيس في التحذير عما في تحرير المرأة من التلبيس لمحمد أحمد حسنين البولاقي.

4-

خلاصة الأدب لحسين الرفاعي.

5-

نظرات السفور والحجاب لمصطفى الفلايني.

6-

قولي في المرأة لمصطفى صبري.

7-

رسالة "مشروعية الحجاب" لمصطفى نجا.

8-

رسالة "الفتى والفتاة" لعبد الرحمن الحمصي.

ص: 272

وغيرها من الكتب التي عارضت دعوة قاسم أمين في تحرير المرأة، وأهم هذه الكتب وأكثرها عنفا الكتاب الأول، ولذا سنقف عنده قليلًا، بدأ المرحوم محمد طلعت حرب كتابه -تربية المرأة والحجاب- بالحديث عن مستوى المرأة ووظيفتها خلص منه إلى أن الطبيعة فرقت بين عمل المرأة وعمل الرجل فقال:

"إن للمرأة أعمالًا غير ما للرجل، ليست بأقل أهمية من أعماله ولا بالأدنى منها فائدة، وهي تستغرق معظم زمن المرأة إن لم تقل كلمة: رجل يسعى ويكد ويشقي ويتعب ويشتغل ليحصل على رزقه ورزق عياله، وامرأته ترتيب له بيته وتنظف له فرشه، وتجهز له أكله، وتربي له أولاده، وتلاحظ له خدمه، وتحفظ عينه عن المحارم، وهو يسكن إليها1".

وفي الباب الثاني يتناول "تربية المرأة" وما يكاد يبسط القول فيه حتى يسلم برأي قاسم أمين فيقول: "على أن لا شيء يمنع المرأة من التوسع في العلوم والمعارف إذا وجدت عندها قابلية من نفسها، وكان وقتها يسمح لها به كما أنه لا شيء يمنعها عند اقتضاء الحاجة من أن تتعاطى من الأعمال بعض ما يتعاطاه الرجال على قدر قوتها وطاقاتها2".

ويختم المؤلف كتابه بعد مناقشة موضوعية هادئة حول "مشروعية الحجاب" متمسكًا برأي قاسم أمين نفسه حين قال: "الحجاب أصل من أصول الأدب، إلا أن المطلوب أن يكون منطقيا على ما جاء به الشرع3".

ثانيًا: كتب المؤيدون

1-

المرأة في الشرائع والتاريخ - لمحمد جميل بهيم.

2-

تحرير المرأة في الإسلام - لمجدي الدين ناصف.

3-

رسالة نهضة المرأة المصرية والمرأة العربية - عبد الفتاح عبادة.

1 راجع: تربية المرأة والحجاب ص17.

2 راجع: المصدر السابق ص59.

3 راجع: المصدر السابق ص105.

ص: 273

4-

أكليل غار على رأس المرأة - لجورجي نقولا باز.

5-

النسائيات - لملك حفن ناصف.

وغيرها من الكتب التي ألفها النساء بعد ذلك في الدفاع عن قضية المرأة.

وكان أنصار قاسم أمين يقابلون تهكم المعارضين بتهكم أشد، وهجوم أعنف، مثل قول ولي الدين يكن:"قالوا إن تعليم البنات مهبع إلى إفسادهن وما القائلين بذلك من تعلمت أمة وعرفت فسادها، إن هو إلا لجاج مبين، أبى القدماء مزايلة عاداتهم فضلوا وأضلوا، وحسبوا عصر أبنائهم مثل عصرهم فشقوا وأشقوا، حتى إذا كانت العاقبة فإذا هم في أجدائهم راقدون لا يسمعون فنقص عليهم قصص من خلفوا، ولا يتعظ بمصارعهم من عاش بعدهم، ورأى خطأهم، ومن لم تعظه العبر لا تؤالمه وقعات الصروف1".

ولم تمض سنوات على دعوة قاسم أمين لتعليم الفتاة وخروجها للعمل حتى سارت بعده خطوات واسعة، ووجدت أعوانًا وأنصارًا: "لم يعد ذلك الذي دعا إليه قاسم أمين هو شغل الناس بعد الحرب، فقد أخذت الأمور تتطور تطورًا سريعًا حتى أصبحت دعوة قاسم أمين وقد استنفدت في وقت وجيز كل أغراضها، واندفع الناس إلى ما وراءها في سرعة غير منظمة، فقد خلعت المرأة النقاب، ثم استبدلت المعطف الأسود بالحبرة، ثم لم تلبث أن نبذت المعطف وخرجت بالثياب الملونة، ثم أخذ المقص يتحيف هذه الثياب في الديول وفي الأكمام وفي الجيوب، ولم يزل يجور عليها فيضيقها على صاحبتها حتى أصبحت كبعض جلدها، ثم إنها تجاوزت ذلك كله إلى الظهور على شواطئ البحر في المصايف بما لا يكاد يستر شيئًا. ولم تعد عصمة النساء في أيدي أزواجهن، ولكنها أصبحت في أيدي صانعي الأزياء في باريس من اليهود ومشيعي الفجور، وقطعت المرأة مرحلة التعليم الابتدائي والثانوي، واقتحمت الجامعة مزاحمة فيما يلائمها وفيما لا يلائمها من ثقافات وصناعات،

1 راجع: الصحائف السود ص9 وكانت صحيفة "المنار" لمحمد رشيد رضا تؤيد قاسم أمين راجع العدد الصادر في 15/ 7/ 1899.

ص: 274

وشاركت في وظائف الحكومة، ثم لم تقف مطالبتها عند حد في الجري وراء ما سماه أنصارها "حقوق المرأة أو مساواتها بالرجل" وكأنما كان عبثًا أن خلق الله سبحانه الذكر والأنثى، وأقام كلا منهما فيما أراد، وامتلأت المصانع والمتاجر بالعاملات والبائعات، وحطم النساء الحواجز التي كانت تقوم بينهن وبين الرجال في المسارح وفي الترام وفي كل مكان، فاختفت المقاعد التي جرت العادة على تخصيصها للسيدات، بعد أن أصبحن يفضلن مشاركة الرجال1".

لعبت الصحف دورها في معركة تحرير المرأة بما كانت تنشره من استفسارات تبغي من ورائها الأنظار ومشاركة أنصار التحرر مثل رد الدكتور "فيليب متى" فيما تستبقيه المرأة الشرقية من أخلاقها التقليدية وما تقتبسه من المرأة الغربية يقول: "للمرأة كما للرجل سواء كانت المرأة شرقية أم غربية، الحق المطلق في الاستمتاع بكل الوسائل الضرورية لحفظ حياتها التامة ولنموها المستمر وتقدمها المطرد جسديا وعقليا وروحيا، وكل ما وقف في سبيل ذلك هو شر يجب إزالته، هنا تأتي مشاكل البرنيطة والحجاب والمشد وقص شعر الرأس والرقص والغناء والتياترات. ولعب الورق إلى آخر ما هنالك، من المسائل التي تشغل في هذه الأيام أفكارنا، كل هذه المشاكل -في نظري- يجب أن تقرر بموجب هذا المبدأ الأخير، هل هذه الأمور تساعد المرأة على النمو الجسدي والعقلي والأدبي، أو تعوقها عنه، لكل امرأة -ولكل رجل- أن تحكم نفسها أو يحكم نفسه، فإن كان لعب الورق مثلًا لا يقف عثرة في سبيل تقدم الفرد بل يساعده على النمو فهو جائز حلال وإلا فهو خطيئة، ولا نستطيع في أحوال كهذة أن نضع أحكامًا عامة تتناول الجميع، بل يجب الحكم في كل حادثة لنفسها، وعلى كل فرد لنفسه2".

تلك هي قضية تعليم المرأة التي أثارها المرحوم قاسم أمين، ولم تكن كما قال المرحوم شكيب أرسلان1 مسألة شعور وحجاب وتعليم وجهل. وإنما سلسلة متصلة دفع دعاة المدنية الغربية المجتمع إليها دفعًا حتى لا يكونوا في مجتمع يختلف تقاليده عن تقاليدهم التي اكتسبوها من معايشتهم لغيرهم من أبناء المجتمعات الأوروبية.

1 راجع: الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر جـ2 ص225- 233 محمد محمد حسنين.

2 راجع: الهلال ص428 أعداد 1925.

ص: 275