الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولًا: المقال العرضي
الذي يعرض الكاتب فيه فكرة عرضت له، ويحاول من خلال صحيفته أن يحللها بطريقته الخاصة، ويقدمها لقراءة بأسلوبه المعروف.
خصت صحيفة "الأهالي" 1910-1921 التعليم بسلسلة من المقالات، وجاء في الحلقة الرابعة من هذه السلسلة عن التعليم ما يلي:"أربع وعشرون سنة حوربت فيها اللغة العربية فانهزمت وحلت محلها اللغة الإنجليزية، وشعرت الأمة بخطر هذه الهزيمة لا على اللغة وحدها بل على وجودها نفسها، فتحركت تريد أن تدفع عوادي السوء، وتردد صدى حركتها في الوزارة فارتاح لها الأحرار، فتأهبت الوزارة الحرة لأن تصغي إليه، ولكن لورد كرومر ظن أن في طوقه أن يقطع على هذه الحركة كل سبيل إذا هو سخر الجمعية العمومية لغايته، وكانت الجمعية إذا ذاك منعقدة، وكان من بين الاقتراحات المقدمة إليها اقتراح من سعادة الشيخ علي يوسف صاحب المؤيد طلب فيه جعل التعليم باللغة العربية، فطمع اللورد أن ترفض الجمعية هذا الاقتراح لتقتل به كل ما تردد من أنفاس ذلك الصدى في الوزارة، بيد أن الجمعية العمومية قبلت الاقتراح، وعلمت بقبوله وزارة الأحرار، فالتوى على اللود قصده وخابت أمنيته".
"وجيء على أثر ذلك بغورست فانقلبت الحال، وبعد أن كانت
القاعدة المضطردة أن تحل اللغة الإنجليزية محل العربية رأينا لأول مرة علومًا أصبحت تدرس بالعربية، ثم سمعنا غورست يقول: في أول تقرير له: "أن أقصى المرغوب هو أن يكون التدريس على قدر الطاقة العربية، وهو المطلب الذي يجب على نظارة المعارف أن تسعى إليه والذي نسعى إليه أيضًا".
"كانت العلوم كلها ما عدا العربية تدرس بالإنجليزية، وفي 1907 -على أثر تبديل عميد بعميد- بدئ بتدريس الجغرافيا للسنتين الثالثة والرابعة بالمدارس الابتدائية باللغة العربية، وفي مفتتح 1908 أصبحت كل العلوم في المدارس الابتدائية وعلما الحساب والهندسة في المدارس الثانوية تدرس بالعربية، وفي السنة الثالثة بالمدارس الثانوية أصبحت العلوم الرياضية تدرس كذلك بالعربية، وقيل في تقرير تلك السنة إن المراد أن يتصل تعليم سائر العلوم على هذا النحو بالعربية شيئًا فشيئًا".
"كان من الطبيعي أن تقوم في وجه هذا العمل عقبتان كانتا في الأربع والعشرين سنة الماضية لا يمكن اجتيازهما، فصارتا بعد ذلك مما يسهل تذليله واجتيازه:
أحدهما: قلة المعلمين الأكفاء.
والثانية: عدم وجود الكتب.
فأما الأول فقد اهتمت نظارة المعارف بها منذ 1907 وزيدت ميزانيتها لهذا الغرض، وأما العقبة الثانية -وهي الكتب- فلأجلها أنشئ في النظارة قلم الترجمة، ظفرت الجمعية العمومية إذن بغايتها وأصبح التعليم كما طلبته وطنيا فتطلعت إلى غاية أخرى هي أن تعرض على مجلس شورى القوانين كل لوائح التعليم ليكون له أن يراقبها ويبدى رأيه فيها، ففازت الأمة بهذه الأمنية أيضًا وهكذا أصبحت للأمة رقابة على سير التعليم، وإن تكن كلمتها في هذه الرقابة لا تزال استشارية، وبينما هذا الإصلاح في التعليم يتم تدريجيا كانت مجالس المدريات تعطي ضريبة الخمسة في المائة، وتعطي الحق المطلق في إنفاقها على التعليم بجميع أنواعه، بعد أن كان يراد أن تضم الضريبة إلى ميزانيتها السنوية لتدخل في سلطة نظارة الداخلية بحيث لا يكون لمجالس المدريات من أنواع التعليم إلا تعليم الكتاتيب1.
غلب هذا اللون من الكتابة الصحفية على نفر من الكتاب في اهتمامهم بمشاكل الأمة ورصد قضاياها، وانطلقوا يحللونها موضحين محاسنها أو مساوئها، وبذلك يقبل المواطنون على ما يعود عليهم بالنفع، وينصرفوا عما يلحق الضرر بهم أو يحول دون تقدمهم.
1 راجع الأهالي العدد 232 في 25/ 7/ 1911.