الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَوَطْئِهِ إِلَاّ لِلضَّرُورَةِ. قَالُوا: وَيُزَارُ مِنْ بَعِيدٍ، وَمَا يَصْنَعُهُ مَنْ دُفِنَ حَوْل أَقَارِبِهِ خَلْقٌ مِنْ وَطْءِ تِلْكَ الْقُبُورِ إِلَى أَنْ يَصِل إِلَى قَبْرِ قَرِيبِهِ فَمَكْرُوهٌ.
وَقَال بَعْضُهُمْ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَطَأَ الْقُبُورَ، وَهُوَ يَقْرَأُ أَوْ يُسَبِّحُ أَوْ يَدْعُو لَهُمْ (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى كَرَاهَةِ وَطْءِ الْقَبْرِ بِثَلَاثَةِ قُيُودٍ: أَنْ يَكُونَ مُسَنَّمًا، وَالطَّرِيقُ دُونَهُ، وَظَنُّ دَوَامِ شَيْءٍ مِنْ عِظَامِهِ فِيهِ، وَإِلَاّ جَازَ، بِأَنْ كَانَ مُسَطَّحًا، أَوْ كَانَ مُسَنَّمًا وَكَانَ فِي الطَّرِيقِ، أَوْ ظُنَّ فِنَاؤُهُ وَعَدَمُ بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْهُ فِي الْقَبْرِ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ بِالنِّعَال النَّجِسَةِ (2) .
ج - وَطْءُ الدَّابَّةِ بِرِجْلِهَا:
74 -
اتَّفَقَتْ كَلِمَةُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّ مَا وَطِئَتِ الْبَهِيمَةُ أَثْنَاءَ سَيْرِهَا بِيَدِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ وَطِئَتْهُ بِرِجْلِهَا فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى مَنْ مَعَهَا مِنْ رَاكِبٍ أَوْ قَائِدٍ أَوْ سَائِقٍ، مَتَى أَمْكَنَ نِسْبَةُ ذَلِكَ إِلَيْهِ بِتَعَدٍّ أَوْ تَقْصِيرٍ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ تَعَدٍّ وَلَمْ يَحْصُل مِنْهُ تَفْرِيطٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، إِذْ مَا لَا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ عَنْهُ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ (3) ، وَلِمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ
(1) رد المحتار 1 / 606، والفتاوى الهندية 1 / 166.
(2)
ردحاشية الدسوقي 1 / 428، وعقد الجواهر الثمينة 1 / 272، والخرشي وحاشية الْعَدَوِيّ عليه 2 / 144.
(3)
تبيين الحقائق 6 / 149، المبسوط 26 / 188، روضة الطالبين 10 / 197، مغني المحتاج 4 / 204، حاشية الدسوقي 4 / 258، المدونة 6 / 645، تبصرة الحكام 2 / 351، التمهيد لابن عبد البر 7 / 22، المنتقى للباجي 7 / 109، كشاف القناع 4 / 139، شرح منتهى الإرادات 2 / 429.
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ (1) . وَالْجُبَارُ: هُوَ الْهَدَرُ الَّذِي لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ (2) . قَال النَّوَوِيُّ: وَالْمُرَادُ بِجُرْحِ الْعَجْمَاءِ: إِتْلَافُهَا، سَوَاءٌ كَانَ بِجُرْحٍ أَوْ غَيْرِهِ (3) .
وَقَال الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْجُرْحِ لأَِنَّهُ الأَْغْلَبُ، أَوْ هُوَ مِثَالٌ نَبَّهَ بِهِ عَلَى مَا عَدَاهُ (4) .
جَاءَ فِي تَبْصِرَةِ الْحُكَّامِ: قَال ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ وَالرَّاكِبُ ضَامِنُونَ لِمَا أَوْطَأَتِ الدَّابَّةُ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِمْ أَوْ هِيَ وَاقِفَةٌ لِغَيْرِ شَيْءٍ فَهَدَرٌ. فَقَوْلُهُ:" ضَامِنُونَ " أَيْ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ ضَامِنٌ فِيمَا تَعَدَّى. . .
قَال الْجَزُولِيُّ: قَال عَبْدُ الْحَقِّ: قَوْلُهُ فِي الرِّسَالَةِ: " وَمَا كَانَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِمْ " يَعْنِي وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُمْ أَوْ عَنْ غَلَبَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِيهِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ قَبِيل تَفْرِيطٍ وَلَا إِهْمَالٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَتِهَا " (5) .
(1) حديث: " العجماء جرحها جبار. . . " أخرجه البخاري (الفتح 12 / 254) ومسلم (3 / 1334) .
(2)
انظر الموطأ 2 / 869، والتمهيد لابن عبد البر 7 / 19 - 22.
(3)
شرح النووي على مسلم 11 / 225.
(4)
الزرقاني على الموطأ 4 / 26.
(5)
تبصرة الحكام لابن فرحون 2 / 351، 352.