الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَائِزٌ كَمَا إَذَا بَنَى خَانًا أَوْ سَاقِيَةً أَوْ جَعَل أَرْضَهُ مَقْبَرَةً وَشَرَطَ أَنْ يَنْزِل فِيهِ أَوْ يَشْرَبَ مِنْهُ أَوْ يُدْفَنَ فِيهِ، وَلأَِنَّ مَقْصُودَهُ الْقُرْبَةُ وَفِي الصَّرْفِ إِلَى نَفْسِهِ كَذَلِكَ (1)، قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا أَنْفَقَ الرَّجُل عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَخَادِمِهِ فَهُوَ صَدَقَةٌ (2) .
لَكِنَّ الْحَنَابِلَةَ وَأَبَا يُوسُفَ قَالُوا: إِنَّ انْتِفَاعَ الْمَوْقُوفِ بِغَلَّةِ الْوَقْفِ لَابُدَّ أَنْ يَكُونَ بِالشَّرْطِ، فَلَا يَحِل الأَْكْل مِنَ الْمَوْقُوفِ إِلَاّ إِذَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ.
لَكِنَّ هَذَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ وَقْفًا عَامًّا، أَمَّا إِذَا وَقَفَ شَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَدْخُل فِي جُمْلَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ مِثْل أَنْ يَقِفَ مَسْجِدًا فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ أَوْ مَقْبَرَةً فَلَهُ الدَّفْنُ فِيهَا أَوْ بِئْرًا لِلْمُسْلِمِينَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْهَا أَوْ سِقَايَةً أَوْ شَيْئًا يَعُمُّ الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونَ كَأَحَدِهِمْ (3) وَقَدْ وَرَدَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ سَبَّل بِئْرَ رُومَةَ وَكَانَ دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ (4) .
وَالْقَوْل الثَّانِي:
أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْوَاقِفُ
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 387، وفتح القدير 6 / 225 - 227، وشرح منتهى الإرادات 2 / 494 - 495، ومغني المحتاج 2 / 380.
(2)
حديث: " ما أنفق الرجل على نفسه. . " أخرجه ابن ماجه (2 / 723) من حديث المقدام بن معد يكرب، وحسن إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 5 - ط دار الجنان) .
(3)
فتح القدير 6 / 226، والمغني 5 / 604.
(4)
أثر عثمان بن عفان أنه سبل بئر رومة. أخرجه الترمذي (5 / 627) وقال: حديث حسن.
غَلَّةَ الْمَوْقُوفِ عَلَى غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْل مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَعَدَمُ الصِّحَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إَذَا شَرَطَ الاِنْتِفَاعَ بِغَلَّةِ الْوَقْفِ. قَال الشِّيرَازِيُّ: لأَِنَّ الْوَقْفَ يَقْتَضِي حَبْسَ الْعَيْنِ وَتَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ، وَالْعَيْنُ مَحْبُوسَةٌ عَلَيْهِ وَمَنْفَعَتُهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُ، فَلَمْ يَكُنْ لِلْوَاقِفِ مَعْنًى، وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: لَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَشَرَطَ أَنْ يَأْخُذَ مَعَهُمْ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ فَلَا يَصِحُّ لِفَسَادِ الشَّرْطِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَوِ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّهُ إِنِ احْتَاجَ إِلَى الْوَقْفِ بَاعَ فَلَهُ بَيْعُهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِ الْحَاجَةِ وَالْحَلِفِ عَلَيْهَا، إِلَاّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْوَاقِفُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ (1) .
وَيَسْتَثْنِي الشَّافِعِيَّةُ مَسَائِل يَجُوزُ فِيهَا لِلْوَاقِفِ الاِنْتِفَاعُ بِالْمَوْقُوفِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْعُلَمَاءِ وَنَحْوِهِمْ كَالْفُقَرَاءِ وَاتَّصَفَ بِصِفَتِهِمْ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ افْتَقَرَ، أَوْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَأَنْ وَقَفَ كِتَابًا لِلْقِرَاءَةِ وَنَحْوِهَا أَوْ قِدْرًا لِلطَّبْخِ فِيهِ أَوْ كِيزَانًا لِلشُّرْبِ بِهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَلَهُ الاِنْتِفَاعُ مَعَهُمْ لأَِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ نَفْسَهُ (2) .
(1) مغني المحتاج 2 / 380، والمهذب 1 / 448، والدسوقي 4 / 89، والخرشي 7 / 93.
(2)
مغني المحتاج 2 / 380.