الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِمَالٍ لَمْ يُخْرِجْهُ عَنِ الْمَالِيَّةِ، فَلَمْ يَلْزَمْ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ (1) .
قَبْضُ الْمَوْقُوفِ:
16 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ قَبْضِ الْمَوْقُوفِ لِتَمَامِ الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ: فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ لِتَمَامِ الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ؛ لأَِنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ بِتَمْلِيكٍ، وَإِنَّمَا هُوَ إِخْرَاجٌ لَهُ عَنْ مِلْكِهِ إِلَى الْوَقْفِ فَأَشْبَهَ الإِْعْتَاقَ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ لَا يَتِمُّ الْوَقْفُ إِلَاّ بِالْقَبْضِ، كَالصَّدَقَةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ التَّسْلِيمِ، وَيُعَبِّرُ الْمَالِكِيَّةُ عَنِ الْقَبْضِ بِالْحَوْزِ، قَال الْخَرَشِيُّ: إِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى كَبِيرٍ وَلَمْ يَحُزْهُ قَبْل مَوْتِ الْوَاقِفِ، أَوْ قَبْل فَلَسِهِ، أَوْ قَبْل مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَإِنَّ الْحَبْسَ يَبْطُل، وَإِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ صَغِيرًا فَإِنَّ وَلِيَّهُ يَحُوزُ عَنْهُ، وَالْحَوْزُ - أَيِ الْقَبْضُ - إِمَّا أَنْ يَكُونَ حِسِّيًّا، وَذَلِكَ بِقَبْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ
(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 358، 367، والإسعاف ص3، 4، وحاشية الدسوقي 4 / 75، وحاشية الْعَدَوِيّ بهامش الخرشي 7 / 84، وروضة الطالبين 5 / 342، والمهذب 1 / 449، وكشاف القناع 4 / 254، 292، والمغني 5 / 600، ومعونة أولي النهى 5 / 777.
لِلْمَوْقُوفِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ حُكْمِيًّا، وَذَلِكَ بِتَخْلِيَةِ الْوَاقِفِ لِلْمَوْقُوفِ وَرَفْعِ يَدِهِ عَنْهُ، وَذَلِكَ فِي وَقْفِ مِثْل الْمَسْجِدِ وَالْقَنْطَرَةِ وَالْبِئْرِ وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ (1) .
وَإِنَّمَا يَبْطُل الْوَقْفُ قَبْل الْحَوْزِ إِذَا حَصَل الْمَانِعُ مِنْ مَوْتٍ أَوْ فَلَسٍ أَوْ مَرَضِ مَوْتٍ إِذَا لَمْ يُطَّلَعْ عَلَى الْوَقْفِ إِلَاّ بَعْدَ حُصُول الْمَانِعِ. وَلِذَلِكَ قَال الْعَدَوِيّ: لَوِ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْل حُصُول الْمَرَضِ أَوِ الْفَلَسِ أَوِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى التَّحْوِيزِ وَالتَّخْلِيَةِ، وَإِذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ فِي الْوَقْفِيَّةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ الْوَقْفَ يَلْزَمُ بِالْقَوْل (2) .
وَقَال الْخَرَشِيُّ: وَالْمُرَادُ بِالْبُطْلَانِ عَدَمُ التَّمَامِ لَا حَقِيقَتُهُ (3) .
وَيُعَبِّرُ الْحَنَفِيَّةُ عَنِ الْقَبْضِ عَلَى قَوْل مُحَمَّدٍ بِالتَّسْلِيمِ، وَتَسْلِيمِ كُل شَيْءٍ بِمَا يَلِيقُ بِهِ: فَفِي الْمَسْجِدِ بِالإِْفْرَازِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ، وَفِي الْمَقْبَرَةِ بِدَفْنٍ وَاحِدٍ فَصَاعِدًا، وَفِي السِّقَايَةِ بِشُرْبٍ وَاحِدٍ، وَفِي الْخَانِ بِنُزُولٍ وَاحِدٍ مِنَ الْمَارَّةِ، لَكِنَّ السِّقَايَةَ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى صَبِّ الْمَاءِ فِيهَا، وَالْخَانَ الَّذِي يَنْزِلُهُ الْحُجَّاجُ بِمَكَّةَ وَالْغُزَاةُ بِالثَّغْرِ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنَ
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 364، والإسعاف ص15، والخرشي 7 / 84، والروضة 5 / 342، وكشاف القناع 4 / 254، وشرح المنتهى 2 / 514، ومعونة أولي النهى 5 / 777.
(2)
حاشية الْعَدَوِيّ بهامش الخرشي 7 / 84.
(3)
الخرشي 7 / 84.