الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالْعُقُودِ الَّتِي يُنْشِئُهَا الْمُتَعَاقِدُونَ فِي تَصَرُّفَاتِهِمُ الْمُخْتَلِفَةِ، فَإِنَّ حَقَّ تَعْيِينِ الْوَظَائِفِ يَكُونُ مِنْ حَقِّ أَصْحَابِ هَذِهِ الْعُقُودِ الْمُنْشِئَةِ لِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فِي حُدُودِ الضَّوَابِطِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَقَدْ نَصَّ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الإِْمَامِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَرْبَابِ الْوِلَايَاتِ إِحْدَاثُ وَظِيفَةٍ فِيهِ لَمْ تَكُنْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَلَا صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ مَال الْوَقْفِ فِيهَا، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ قُرِّرَ فِيهَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مَال الْوَقْفِ، كَمَا لَا يَجُوزُ لأَِحَدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ إِلْغَاءُ وَظِيفَةٍ مِمَّا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ، وَيُفَسَّقُ بِهِ مَنْ فَعَل ذَلِكَ، وَيَنْعَزِل النَّاظِرُ بِهِ، وَلَا يَحِقُّ لأَِحَدٍ غَيْرِ الْوَاقِفِ عَزْل مَنْ وَلَاّهُ الْوَاقِفُ إِلَاّ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ كَعَجْزٍ أَوْ خِيَانَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يَنْفُذُ الْعَزْل، وَيُفَسَّقُ بِهِ عَازِلُهُ وَيُطَالَبُ بِسَبَبِهِ (1) .
صِيغَةُ تَوْلِيَةِ الْوَظَائِفِ:
9 -
تَوْلِيَةُ الْوَظَائِفِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِأَلْفَاظٍ صَرِيحَةٍ أَوْ بِأَلْفَاظِ كِنَايَةٍ، وَالتَّفْصِيل فِي (تَوْلِيَة ف10 - 12) .
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ التَّوْلِيَةِ بِاللَّفْظِ وَبِالْكِتَابَةِ كَذَلِكَ إِذَا اقْتَرَنَتْ بِهِ شَوَاهِدُ
(1) حاشيتا قليوبي وعميرة على شرح المنهاج 3 / 110، والأشباه لابن نجيم ص125، وابن عابدين 3 / 386.
الْحَال. كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى صِحَّةِ التَّوْلِيَةِ بِصِيغَةٍ مُنَجَّزَةٍ (1) .
10 -
وَاخْتَلَفُوا فِي تَعَلُّقِ التَّوْلِيَةِ عَلَى شَرْطٍ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْقَوْل الْمُقَابِل لِلأَْصَحِّ إِلَى أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُ التَّقْرِيرِ فِي الْوَظَائِفِ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَقَال صلى الله عليه وسلم: إِنْ قُتِل زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ قُتِل جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ (2) .
وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. فَقَدْ جَاءَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَوْصَى إِلَى رَجُلٍ فَقَال: فُلَانٌ وَصِيٌّ حَتَّى يَقَدُمَ فُلَانٌ، فَإِذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَفُلَانٌ الْقَادِمُ وَصِيٌّ، أَيَجُوزُ هَذَا؟ قَال: نَعَمْ، هَذَا جَائِزٌ.
وَوَرَدَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ لِشَمْسِ الدِّينِ ابْنِ قُدَامَةَ: إِذَا قَال: أَوْصَيْتُ إِلَى زَيْدٍ فَإِنْ مَاتَ فَقَدْ أَوْصَيْتُ إِلَى عَمْرٍو، صَحَّ ذَلِكَ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَيَكُونُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصِيًّا. . . لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال فِي جَيْشِ مُؤْتَةَ: أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ فَإِنْ قُتِلَ، فَأَمِيرُكُمْ جَعْفَرٌ، فَإِنْ قُتِل فَأَمِيرُكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 418، والمدونة 15 / 18 (طبعة السعادة) ، وحاشية القليوبي وعميرة 2 / 340، والشرح الكبير للمقدسي 6 / 582، والفروع 4 / 711 - 712.
(2)
حديث: إن قتل زيد فجعفر. . . أخرجه البخاري (الفتح 7 / 510) من حديث ابن عمر.