الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَهْرِهَا بَعْدَمَا مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا بِرِضَاهَا فَوَطِئَهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا:
لأَِبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ حَامِدٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا عَنْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ، لأَِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَا يُسْتَوْفَى مِنْ مَنَافِعِ الْبُضْعِ فِي جَمِيعِ الْوَطَآتِ الَّتِي تُوجَدُ فِي ذَلِكَ الْمِلْكِ، لَا بِالْمُسْتَوْفَى فِي الْوَطْأَةِ الأُْولَى خَاصَّةً، فَكَانَتْ كُل وَطْأَةٍ مَعْقُودًا عَلَيْهَا، وَتَسْلِيمُ الْبَعْضِ لَا يُوجِبُ تَسْلِيمَ الْبَاقِي، كَالْبَائِعِ إِذَا سَلَّمَ بَعْضَ الْمَبِيعِ قَبْل اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ، كَانَ لَهُ حَقُّ حَبْسِ الْبَاقِي لِيَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ الْمُعَجَّلَ، كَذَا هَذَا. وَهَذَا هُوَ الْقَوْل الْمُعْتَمَدُ فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ (1) .
وَالثَّانِي:
لأَِبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - صَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَةَ - وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا عَنْهُ؛ لأَِنَّهَا بِالتَّسْلِيمِ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ حَبْسِ نَفْسِهَا، ذَلِكَ أَنَّ تَسْلِيمَ نَفْسِهَا فِي الاِبْتِدَاءِ رِضًا مِنْهَا بِبَقَاءِ الْمَهْرِ فِي ذِمَّتِهِ، وَامْتِنَاعُهَا بَعْدَ ذَلِكَ رُجُوعٌ فِيمَا تَرَكَتْهُ فَلَا يُقْبَلُ، كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ الْبَائِعُ فَسَلَّمَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي قَبْل قَبْضِ ثَمَنِهِ، فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ وَحَبْسُهُ (2) . قَال الْمَاوَرْدِيُّ: وَدَلِيلُنَا هُوَ
(1) رد المحتار 2 / 358، وفتح القدير 3 / 249، وبدائع الصنائع 2 / 289، والمغني 10 / 171، والإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر ص62.
(2)
البدائع 2 / 289، ورد المحتار 2 / 358، والحاوي الكبير 12 / 162، وروضة الطالبين 7 / 260، ومغني المحتاج 3 / 222 - 223، وعقد الجواهر الثمينة 2 / 96، والذخيرة 4 / 373، والبهجة شرح التحفة 1 / 92، وشرح منتهى الإرادات 3 / 84، وكشاف القناع 5 / 183، والمغني 10 / 171.
أَنَّهُ تَسْلِيمُ رِضًا اسْتَقَرَّ بِهِ الْعِوَضُ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ بِهِ حَقُّ الإِْمْسَاكِ، قِيَاسًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ؛ وَلأَِنَّ أَحْكَامَ الْعَقْدِ إِذَا تَعَلَّقَتْ بِالْوَطْءِ اخْتَصَّتْ بِالْوَطْءِ الأَْوَّلِ، وَكَانَ مَا بَعْدَهُ تَبَعًا، وَقَدْ رَفَعَ الْوَطْءُ الأَْوَّل حُكْمَ الإِْمْسَاكِ فِي حَقِّهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَرْفَعَهُ فِي حَقِّ تَبَعِهِ كَالإِْحْلَال (1) .
حُلُول أَجَل الْمَهْرِ الْمُؤَجَّل قَبْل التَّسْلِيمِ:
50 -
إِذَا حَل الأَْجَل قَبْل تَسْلِيمِ الزَّوْجَةِ نَفْسَهَا، فَهَل يُعْتَبَرُ الْمَهْرُ الْمُؤَجَّل فِي حُكْمِ الْمُعَجَّلِ، وَيَكُونُ لَهَا الاِمْتِنَاعُ مِنْ تَمْكِينَ زَوْجِهَا مِنْ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَهُ، أَمْ يُعْتَبَرُ حَقُّهَا فِي الاِمْتِنَاعِ قَدْ سَقَطَ بِرِضَاهَا بِالتَّأْجِيلِ، فَلَا يَعُودُ إِلَيْهَا بِحُلُول الأَْجَل؟
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا:
لِلْحَنَفِيَّةِ فِي الْمُعْتَمَدِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْهُ لِتَسْتَوْفِيَ مَهْرَهَا، وَذَلِكَ لِوُجُوبِ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا قَبْل الْحُلُولِ، فَلَا يَرْتَفِعُ ذَلِكَ بِالْحُلُولِ، لأَِنَّ حَقَّ الْحَبْسِ قَدْ سَقَطَ بِرِضَاهَا بِالتَّأْجِيلِ، وَالسَّاقِطُ لَا يَحْتَمِل الْعَوْدَ، كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ (2) .
(1) الحاوي 12 / 162.
(2)
بدائع الصنائع 2 / 289، فتح القدير 3 / 249، ومغني المحتاج 3 / 222 - 223، وروضة الطالبين 7 / 259، والحاوي الكبير 12 / 162 - 163 - 164، وشرح منتهى الإرادات 3 / 84، والمغني 10 / 171.