الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سُفْيَانَ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ (1) .
قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمَعْرُوفِ، كَمَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَيَكْسُوهَا وَيُعَاشِرُهَا بِالْمَعْرُوفِ، بَل هَذَا عُمْدَةُ الْمُعَاشَرَةِ وَمَقْصُودُهَا، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى أَنْ يُعَاشِرَهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَالْوَطْءُ دَاخِلٌ فِي هَذِهِ الْمُعَاشَرَةِ وَلَا بُدَّ، قَالُوا: وَعَلَيْهِ أَنْ يُشْبِعَهَا وَطْئًا إِذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُشْبِعَهَا قُوتًا، وَكَانَ شَيْخُنَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُرَجِّحُ هَذَا الْقَوْل وَيَخْتَارُهُ (2) .
فَإِنْ تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ فِي الْوَطْءِ الْمُسْتَحَقِّ لَهَا، فَرَضَ الْحَاكِمُ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِهِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ وَحَالَةِ الزَّوْجَيْنِ، كَمَا يَفْرِضُ لَهَا النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى وَسَائِرَ حُقُوقِهَا (3) .
ثُمَّ قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَحُصُول الضَّرَرِ لِلزَّوْجَةِ بِتَرْكِ الْوَطْءِ مُقْتَضٍ لِلْفَسْخِ بِكُل حَالٍ، سَوَاءٌ كَانَ بِقَصْدٍ مِنَ الزَّوْجِ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ، وَلَوْ مَعَ قُدْرَتِهِ وَعَجْزِهِ، كَالنَّفَقَةِ وَأَوْلَى لِلْفَسْخِ بِتَعَذُّرِهِ فِي الإِْيلَاءِ إِجْمَاعًا (4) .
(1) حديث: " خذي ما يكفيك وولدكب المعروف. . . " أخرجه البخاري (الفتح 9 / 705) ومسلم (3 / 1338) من حديث عائشة بلفظ: " خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك " واللفظ للبخاري.
(2)
روضة المحبين لابن القيم ص217.
(3)
مجموع فتاوى ابن تيمية 28 / 383، 384، 29 / 173، 32 / 271، وروضة المحبين ص215 وما بعدها.
(4)
الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية ص247.
ب - حَقُّ الرَّجُل عَلَى زَوْجَتِهِ فِي الْوَطْءِ:
40 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُطَالِبَ زَوْجَتَهُ بِالْوَطْءِ مَتَى شَاءَ إِلَاّ عِنْدَ اعْتِرَاضِ أَسْبَابٍ شَرْعِيَّةٍ مَانِعَةٍ مِنْهُ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالظِّهَارِ وَالإِْحْرَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنْ طَالَبَهَا بِهِ وَانْتَفَتِ الْمَوَانِعُ الشَّرْعِيَّةُ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الاِسْتِجَابَةُ (1) . قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تُطِيعَهُ إِذَا طَلَبَهَا إِلَى الْفِرَاشِ، وَذَلِكَ فَرْضٌ وَاجِبٌ عَلَيْهَا (2) .
وَقَدْ عَدَّ الذَّهَبِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْهَيْتَمِيُّ وَغَيْرُهُمُ امْتِنَاعَ الْمَرْأَةِ عَنْ فِرَاشِ زَوْجِهَا إِذَا دَعَاهَا بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ ضَرْبًا مِنَ النُّشُوزِ، وَكَبِيرَةً مِنَ الْكَبَائِرِ، وَذَلِكَ لِوُرُودِ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِيهِ (3) .
وَمِمَّا وَرَدَ فِي ذَلِكَ: مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: إِذَا دَعَا الرَّجُل امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ تَأْتِهِ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ (4) . وَمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا
(1) بدائع الصنائع 2 / 331، 334، وبهجة النفوس 3 / 229، والنووي على مسلم 10 / 7، وفتح الباري 9 / 294.
(2)
الفتاوى الكبرى لابن تيمية (ط. دار الريان) 3 / 144، ومجموع فتاوى ابن تيمية 32 / 274، وانظر مختصر الفتاوى المصرية ص443.
(3)
الكبائر للذهبي ص124، تنبيه الغافلين لابن النحاس ص135، 167، والزواجر 2 / 48، 50.
(4)
حديث: " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه. . . " أخرجه البخاري (الفتح 9 / 294) ومسلم (2 / 1060) واللفظ لمسلم.