الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّذِي وُقِفَ عَلَيْهِ فِي الاِبْتِدَاءِ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ فَصَارَ كَالْمَعْدُومِ.
وَالثَّانِي وَهُوَ الْمَنْصُوصُ: أَنَّهُ لِلْوَاقِفِ ثُمَّ لِوَارِثِهِ إِلَى أَنْ يَنْقَرِضَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ ثُمَّ يُجْعَل لِمَنْ بَعْدَهُ، لأَِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الاِنْتِقَال إِلَى الْفُقَرَاءِ فَبَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ.
وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يَكُونُ لأَِقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ إِلَى أَنْ يَنْقَرِضَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ ثُمَّ يُجْعَل لِلْفُقَرَاءِ، لأَِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الاِنْتِقَال إِلَيْهِمْ (1) .
ثَالِثًا: إِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ:
47 -
كَمَا إِذَا وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى عَبْدِهِ أَوْ عَلَى رَجُلٍ مُبْهَمٍ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ، أَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ.
فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يُصْرَفُ إِلَى الْفُقَرَاءِ بَعْدَ انْقِطَاعِ مَنْ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ لَكِنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بِمَا إِذَا حَصَل حَوْزٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ قَبْل حُصُول مَانِعٍ لِلْوَاقِفِ مِنْ فَلَسٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ مَوْتٍ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ.
وَيَصِحُّ الْوَقْفُ أَيْضًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، إِلَاّ أَنَّهُمْ
(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 80 - 81، والشرح الصغير 2 / 304، والمهذب 1 / 449، وشرح منتهى الإرادات 2 / 497، 498.
فَرَّقُوا بَيْنَ صُورَتَيْنِ:
الأُْولَى: لَوْ كَانَ الْوَقْفُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ كَوَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ عَلَى رَجُلٍ مُبْهَمٍ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ لِوُجُودِ الصَّرْفِ فِي الْحَال وَالْمَآل.
وَعَلَى هَذَا فَإِنَّهُ بَعْدَ أَوْلَادِهِ يُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ لَا لأَِقْرَبِ النَّاسِ إِلَى الْوَاقِفِ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ أَمَدِ الاِنْقِطَاعِ.
الثَّانِيَةُ: كَأَنْ قَال: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ عَلَى الْعَبْدِ نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ، كَانَ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ أَيْضًا، وَلَكِنْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُصْرَفُ بَعْدَ أَوْلَادِهِ لأَِقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ (1) .
رَابِعًا: إِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُنْقَطِعَ الاِنْتِهَاءِ:
48 -
كَمَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَمْ يَزِدْ، أَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى الْكَنِيسَةِ.
فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يُجْعَل آخِرُ الْوَقْفِ لِجِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ، أَيْ أَنَّهُ لَابُدَّ أَنْ يَنُصَّ عَلَى التَّأْبِيدِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ: الرِّوَايَةُ الأُْولَى: أَنَّ التَّأْبِيدَ غَيْرُ شَرْطٍ، وَلَوْ
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 414، وحاشية الدسوقي 4 / 80، مغني المحتاج 2 / 384، وحاشية القليوبي 3 / 103، وشرح منتهى الإرادات 2 / 497 - 498.
سَمَّى جِهَةً تَنْقَطِعُ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَمْ يَزِدْ جَازَ الْوَقْفُ، وَإِذَا انْقَرَضُوا عَادَ إِلَى مِلْكِهِ لَوْ حَيًّا، وَإِلَاّ فَإِلَى مِلْكِ الْوَارِثِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ التَّأْبِيدَ شَرْطٌ حَتَّى تُصْرَفَ الْغَلَّةُ بَعْدَ الأَْوْلَادِ إِلَى الْفُقَرَاءِ (1) .
وَالْمَالِكِيَّةُ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْوَقْفِ الْمُؤَبَّدِ وَالْوَقْفِ الْمُؤَقَّتِ.
فَبِالنِّسْبَةِ لِلْوَقْفِ الْمُؤَبَّدِ إِذَا انْقَطَعَتِ الْجِهَةُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهَا رَجَعَ الْوَقْفُ لأَِقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ نَسَبًا وَيَكُونُ وَقْفًا عَلَيْهِمْ، وَيَسْتَوِي فِي الأَْنْصِبَةِ الذَّكَرُ وَالأُْنْثَى حَتَّى وَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ فِي أَصْل وَقْفِهِ أَنْ يَكُونَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظِّ الأُْنْثَيَيْنِ، لأَِنَّ مَرْجِعَ الْوَقْفِ إِلَيْهِمْ لَيْسَ بِإِنْشَاءِ الْوَاقِفِ وَإِنَّمَا هُوَ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، لَكِنْ لَوْ قَال الْوَاقِفُ إِنِ انْقَطَعَ الْوَقْفُ رَجَعَ لأَِقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَتِي لِلذَّكَرِ مِثْل حَظِّ الأُْنْثَيَيْنِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَعْمَل بِشَرْطِهِ حَيْثُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَرْجِعِ، لأَِنَّ الْمَرْجِعَ صَارَ بِذَلِكَ فِي مَعْنَى الْحَبْسِ عَلَيْهِ فَيُقَدَّمُ الاِبْنُ فَابْنُهُ فَالأَْخُ فَابْنُهُ فَالْجَدُّ فَالْعَمُّ فَابْنُهُ وَيَشْتَرِكُ مَعَهُمْ أَقْرَبُ امْرَأَةٍ مِنْ فُقَرَاءِ أَقَارِبِ الْوَاقِفِ لَوْ كَانَتْ ذَكَرًا كَانَتْ عَصَبَتُهُ كَالْبِنْتِ
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 365، وتبيين الحقائق 3 / 326 - 327، وفتح القدير 6 / 214 - 215.
وَالأُْخْتِ وَالْعَمَّةِ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْفُ فِي الْغَلَّةِ النَّاشِئَةِ عَنْهُ قُدِّمَ الْبَنَاتُ عَلَى الأُْخْوَةِ لَا عَلَى الاِبْنِ فَتَأْخُذُ الْبَنَاتُ مَا يَكْفِيهِنَّ وَلَا يَأْخُذْنَ الْجَمِيعَ، وَلَا يَدْخُل فِيهِ الْوَاقِفُ وَلَوْ فَقِيرًا، فَإِنْ كَانَ الأَْقْرَبُ غَنِيًّا فَلِمَنْ يَلِيهِ فِي الرُّتْبَةِ. وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ مُؤَقَّتًا كَمَنْ وَقَفَ عَلَى شَخْصٍ أَوْ أَكْثَرَ وَقَيَّدَهُ بِحَيَاتِهِمْ أَوْ حَيَاةِ فُلَانٍ أَوْ قَيَّدَ بِأَجَلٍ كَعَشَرَةِ أَعْوَامٍ، فَإِنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَنَصِيبُهُ لِبَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ، فَإِذَا انْقَرَضُوا رَجَعَ مَلِكًا لِرَبِّهِ أَوْ لِوَارِثِهِ إِنْ مَاتَ، فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِشَيْءٍ وَأَطْلَقَ فَيَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِ جَمِيعِهِمْ مَرْجِعَ الأَْحْبَاسِ عَلَى الأَْصَحِّ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ وَمِنْهُمُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ. وَمُقَابِل الأَْصَحِّ رُجُوعُهُ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ أَوْ لِوَارِثِهِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ.
وَإِذَا رَجَعَ مَرْجِعَ الأَْحْبَاسِ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَالْوَقْفِ الْمُؤَبَّدِ أَيْ لأَِقْرَبِ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ وَلاِمْرَأَةٍ لَوْ فُرِضَتْ ذَكَرًا عَصَّبَتْ كَالْبِنْتِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ أَوِ انْقَرَضُوا فَلِلْفُقَرَاءِ (1) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَهُمْ رَأْيَانِ، الأَْوَّل وَهُوَ الأَْظْهَرُ: صِحَّةُ الْوَقْفِ لأَِنَّ مَقْصُودَ الْوَقْفِ الْقُرْبَةُ وَالدَّوَامُ وَإِذَا بُيِّنَ مَصْرِفُهُ ابْتِدَاءً سَهُل إِدَامَتُهُ عَلَى سَبِيل الْخَيْرِ. وَالثَّانِي: بُطْلَانُ الْوَقْفِ لاِنْقِطَاعِهِ.
(1) الدسوقي 4 / 85 - 87، والشرح الصغير 2 / 305 - 306.