الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ لَمْ يَذْكُرِ الْوَاقِفُ عَقِبًا كَأَنْ قَال: وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي بَطَل الْوَقْفُ عَلَى الأَْوْلَادِ وَصَحَّ عَلَى أَوْلَادِ الأَْوْلَادِ، فَالتَّعْقِيبُ شَرْطٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَتُقْسَمُ ذَاتُ الْوَقْفِ بَيْنَ الأَْوْلَادِ وَأَوْلَادِ الأَْوْلَادِ، فَمَا نَابَ الأَْوْلَادَ تَكُونُ ذَاتُهُ إِرْثًا، وَمَا نَابَ أَوْلَادَ الأَْوْلَادِ يَكُونُ وَقْفًا (1) .
وَقْفُ الْمَرِيضِ الْمَدِينِ:
22 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَدِينُ بِدَيْنٍ مُحِيطٍ بِمَالِهِ نُقِضَ الْوَقْفُ وَبِيعَ فِي دَيْنِهِ، وَقَدْ نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ أَنَّ الدَّيْنَ الْمُحِيطَ بِالتَّرِكَةِ مَانِعٌ مِنْ نُفُوذِ الْوَقْفِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ إِلَاّ بِإِجَازَةِ الدَّائِنِينَ، أَمَّا إِذَا كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُحِيطٍ بِمَالِهِ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَجُوزُ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ لَوْ كَانَ وَرَثَةٌ وَلَمْ يُجِيزُوا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ أَوْ كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ وَأَجَازُوا جَازَ الْوَقْفُ فِي كُل مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ. .
وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: مَنْ وَقَفَ وَقْفًا مُسْتَقِلًّا ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يُمْكِنْ وَفَاءُ الدَّيْنِ إِلَاّ بِبَيْعِ شَيْءٍ مِنَ الْوَقْفِ وَهُوَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ بِيعَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ (2) .
(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 4 / 82، 83.
(2)
الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 3 / 395، والإسعاف ص3، والاختيارات الفقهية لابن تيمية ص179، ومغني المحتاج 2 / 148، تحفة المحتاج 6 / 236، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 4 / 81 - 82.
وَقْفُ الذِّمِّيِّ:
23 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ مُسْلِمًا، فَإِنَّ الْوَقْفَ يَصِحُّ مِنَ الذِّمِّيِّ؛ لأَِنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِلتَّعَبُّدِ بِهِ بِحَيْثُ لَا يَصِحُّ مِنَ الْكَافِرِ أَصْلاً، بَل التَّقَرُّبُ بِهِ مَوْقُوفٌ عَلَى نِيَّةِ الْقُرْبَةِ، فَهُوَ بِدُونِهَا مُبَاحٌ حَتَّى يَصِحَّ مِنَ الْكَافِرِ كَالْعِتْقِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ (1) . (إِلَاّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِيمَا يَصِحُّ وَقْفُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ مِنَ الذِّمِّيِّ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ عِنْدَ الْكَلَامِ عَنِ الْمَوْقُوفِ. .
وَقْفُ الْمُرْتَدِّ:
24 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا وَقَفَ الْمُرْتَدُّ حَال رِدَّتِهِ. . فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَوْ وَقَفَ حَال رِدَّتِهِ فَإِنَّ وَقْفَهُ يَكُونُ مَوْقُوفًا، فَإِنْ عَادَ وَأَسْلَمَ كَانَ وَقْفُهُ صَحِيحًا، وَإِلَاّ - بِأَنْ مَاتَ أَوْ قُتِل عَلَى رِدَّتِهِ - كَانَ وَقْفُهُ بَاطِلاً، وَهَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِ الْحَنَابِلَةِ عَدَا أَبِي بَكْرٍ؛ حَيْثُ قَالُوا: لَا يُحْكَمُ بِزَوَال مِلْكِ الْمُرْتَدِّ لِمُجَرَّدِ رِدَّتِهِ. .
(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 358، 360، 361، 396، وفتح القدير 6 / 200، 201، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 78، ومغني المحتاج 2 / 376 - 377، وشرح منتهى الإرادات 2 / 492.