الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أ - صِيغَةُ الإِْيجَابِ:
10 -
الإِيجَابُ فِي صِيغَةِ الْوَقْفِ هُوَ مَا يَدُل عَلَى إِرَادَةِ الْوَاقِفِ مِنْ لَفْظٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ إِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ فِعْلٍ.
وَيَنْقَسِمُ اللَّفْظُ إِلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ، وَيَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يُعْتَبَرُ صَرِيحًا مِنَ الأَْلْفَاظِ وَمَا يُعَتَبَرُ كِنَايَةً. وَقَدْ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ لَفْظَ " وَقَفْتُ " مِنَ الأَْلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَذَلِكَ لاِشْتِهَارِهِ لُغَةً وَعُرْفًا (1) .
وَكَذَلِكَ لَفْظُ " حَبَسْتُ " مِنَ الصِّرِيحِ عِِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالْمَشْهُورِ عِِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالصَّحِيحِ عِِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَكَذَا " سَبَلْتُ " عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ عِِنْدَ كُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
فَمَتَى أَتَى الْوَاقِفُ بِلَفْظٍ مِنْ هَذِهِ الأَْلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ فَقَال: وَقَفْتُ كَذَا عَلَى كَذَا، أَوْ قَال: أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَى كَذَا أَوْ حَبَسْتُ أَوْ سَبَلْتُ صَارَ وَقْفًا مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ أَمْرٍ زَائِدٍ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الأَْلْفَاظَ ثَبَتَ لَهَا عُرْفُ الاِسْتِعْمَال بَيْنَ النَّاسِ وَانْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ
(1) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين 3 / 359، والشرح الصغير 2 / 299 ط الحلبي، والزرقاني 7 / 82، ومغني المحتاج 2 / 382، وشرح منتهى الإرادات 2 / 490، ومعونة أولي النهى 5 / 740. .
عُرْفُ الشَّرْعِ بِقَوْل النَّبِيِّ ? صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ رضي الله عنه: " إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا (1) .
وَمْقَابِل الصَّحِيحِ عِِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ لَفْظَيْ: حَبَسْتُ وَسَبَلْتُ مِنَ الْكِنَايَاتِ؛ لأَِنَّهُمَا لَمْ يَشْتَهِرَا اشْتِهَارَ الْوَقْفِ. وَكَذَلِكَ لَفْظُ " سَبَلْتُ " عِِنْدَ الْحَارِثِيِّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ قَال: تَصَدَّقْتُ بِكَذَا صَدَقَةٍ مُحَرَّمَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ مَوْقُوفَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ لَا تُبَاعُ أَوْ لَا تُوَهَبُ فَصَرِيحٌ فِي الأَْصَحِّ الْمَنْصُوصِ فِي الأُْمِّ؛ لأَِنَّ لَفْظَ التَّصَدُّقِ مَعَ هَذِهِ الْقَرَائِنِ لَا يَحْتَمِل غَيْرَ الْوَقْفِ وَهَذَا صَرِيحٌ بِغَيْرِهِ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ لاِحْتِمَال التَّمْلِيكِ الْمَحْضِ (2) .
أَمَّا أَلْفَاظُ الْكِنَايَةِ فَمِنْهَا لَفْظُ تَصَدَّقْتُ وَذَلِكَ عِِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَكَذَلِكَ عِِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا كَانَتْ مُجَرَّدَةً فَقَالُوا: إِنَّ لَفْظَ تَصَدَّقْتُ فَقَطْ لَيْسَ بِصَرِيحٍ، وَإِنْ نَوَى الْوَقْفَ لِتَرَدُّدِ اللَّفْظِ بَيْنَ صَدَقَةِ الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ وَالصَّدَقَةِ الْمَوْقُوفَةِ إِلَاّ أَنْ يُضِيفَ إِلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ وَيَنْوِيَ الْوَقْفَ، قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَكُونُ صَرِيحًا حِينَئِذٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي كُتُبِهِ
(1) حديث:: " إن شئت حبست أصلها. . . . " تقدم تخرجه (فقرة 3) . .
(2)
الشرح الصغير 2 / 299، والزرقاني 7 / 82، ومغني المحتاج 2 / 382، وتحفة المحتاج 6 / 250، والمهذب 1 / 449، وشرح منتهى الإرادات 2 / 490، والمغني 5 / 602، والإنصاف 7 / 5. .