الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالنَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ عَدَمُ الصَّرَاحَةِ، وَإِنَّمَا إِضَافَتُهُ إِلَى الْجِهَةِ الْعَامَّةِ صَيَّرَتْهُ كِنَايَةً حَتَّى تُعْمَل فِيهِ النِّيَّةُ، وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَال الزَّرْكَشِيُّ، لأَِنَّ الصَّرِيحَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ (1) .
وَمِنْ أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ أَيْضًا: حَرَّمْتُ وَأَبَّدْتُ وَذَلِكَ عِِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالأَْصَحُّ عِِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، قَالُوا: لأَِنَّ لَفْظَةَ الصَّدَقَةِ وَالتَّحْرِيمِ مُشْتَرَكَةٌ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تُسْتَعْمَل فِي الزَّكَاةِ وَالْهِبَاتِ، وَالتَّحْرِيمَ يُسْتَعْمَل فِي الظِّهَارِ وَالأَْيْمَانِ، وَيَكُونُ تَحْرِيمًا عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ، وَالتَّأْبِيدُ يَحْتَمِل تَأْبِيدَ التَّحْرِيمِ وَتَأْبِيدَ الْوَقْفِ، وَلَمْ يَثْبُتْ لِهَذِهِ الأَْلْفَاظِ عُرْفُ الاِسْتِعْمَال فَلَا يَحْصُل الْوَقْفُ بِمُجَرَّدِهَا فَإِنِ انْضَمَّ إِلَى هَذِهِ الأَْلْفَاظِ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ حَصَل الْوَقْفُ بِهَا:
أَحَدُهَا:
أَنْ يُضَمَّ عَلَيْهَا أَحَدُ أَلْفَاظٍ خَمْسَةٍ؛ وَهِيَ الصَّرَائِحُ الثَّلَاثُ وَالْكِنَايَاتِ فَيَقُول: تَصَدَّقْتُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً، أَوْ تَصَدَّقْتُ صَدَقَةً مُحْبَسَةً، أَوْ تَصَدَّقْتُ صَدَقَةً مُؤَبَّدَةً، أَوْ تَصَدَّقْتُ صَدَقَةً مُسْبَلَةً، أَوْ تَصَدَّقْتُ صَدَقَةً مُحَرَّمَةً.
الثَّانِي:
أَنْ يَصِفَهَا بِصِفَاتِ الْوَقْفِ، فَيَقُول: صَدَقَةٌ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الْقَرِينَةَ تُزِيل الاِشْتِرَاكَ.
(1) الشرح الصغير 2 / 299، ومغني المحتاج 2 / 382، ومنتهى الإرادات 2 / 490، والإنصاف 7 / 5. .
الثَّالِثُ: أَنْ يَنْوِيَ الْوَقْفَ فَيَكُونُ عَلَى مَا نَوَى إِلَاّ أَنَّ النِّيَّةَ تَجْعَلُهُ وَقْفًا فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ لِعَدَمِ الاِطِّلَاعِ عَلَى مَا فِي الضَّمَائِرِ، فَإِنِ اعْتَرَفَ بِمَا نَوَاهُ لَزِمَ فِي الْحُكْمِ لِظُهُورِهِ، وَإِنْ قَال: مَا أَرَدْتُ الْوَقْفَ فَالْقَوْل قَوْلُهُ؛ لأَِنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا نَوَى.
وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ " حَرَّمْتُ،وَأَبَّدْتُ " مِنَ الأَْلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ لإِِفَادَةِ الْغَرَضِ كَالتَّسْبِيل، وَلأَِنَّ التَّحْرِيمَ وَالتَّأْبِيدَ فِي غَيْرِ الأَْبْضَاعِ لَا يَكُونُ إِلَاّ بِالْوَقْفِ فَحُمِل عَلَيْهِ (1) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ ذَكَرُوا بَعْضَ الصِّيَغِ دُونَ بَيَانِ مَا هُوَ صَرِيحٌ وَمَا هُوَ كِنَايَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ فِي مَضْمُونِهِ قَرِيبًا مِمَّا ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ.
أَلْفَاظُ الْوَقْفِ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ:
11 -
وَأَمَّا رُكْنُهُ فَالأَْلْفَاظُ الْخَاصَّةُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ هِيَ:
الأَْوَّل: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ مُؤَبَّدَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ، الثَّانِي: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ، فَهِلَالٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَغَيْرُهُمَا عَلَى صِحَّتِهِ؛ لأَِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ صَدَقَةً عَرَّفَ مَصْرِفَهُ وَانْتَفَى بِقَوْلِهِ:" مَوْقُوُفَةٌ " احْتِمَال كَوْنِهِ نَذْرًا.
(1) المغني 5 / 602 - 603، وشرح منتهى الإرادات 2 / 491، والإنصاف 7 / 5، ومعونة أولي النهى 5 / 743، والمهذب 1 / 449، ومغني المحتاج 2 / 382، وتحفة المحتاج 6 / 250. .
الثَّالِثُ: حَبْسُ صَدَقَةٍ، الرَّابِعُ: صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَهُمَا كَالثَّانِي، الْخَامِسُ: مَوْقُوفَةٌ فَقَطْ لَا يَصِحُّ إِلَاّ عِِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا بِمُجَرَّدِ هَذَا اللَّفْظِ مَوُقُوفَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ وَإِذَا كَانَ مُفِيدًا لِخُصُوصِ الْمَصْرِفِ؛ أَعْنِي الْفُقَرَاءَ لَزِمَ كَوْنُهُ مُؤَبَّدًا لأَِنَّ جِهَةَ الْفُقَرَاءِ لَا تَنْقَطِعُ، قَال الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَمَشَايِخُ بَلْخٍ يُفْتُونَ بِقَوْل أَبِي يُوسُفَ، وَنَحْنُ نُفْتِي بِقَوْلِهِ أَيْضًا لِمَكَانِ الْعُرْفِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ رَدُّ هِلَالٍ قَوْل أَبِي يُوسُفَ بِأَنَّ الْوَقْفَ يَكُونُ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَيَبْطُل؛ لأَِنَّ الْعُرْفَ إِذَا كَانَ يَصْرِفُهُ إِلَى الْفُقَرَاءِ كَانَ كَالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِمْ، السَّادِسُ: مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ صَحَّ عِِنْدَ هِلَالٍ أَيْضًا لِزَوَال الاِحْتِمَال بِالتَّنْصِيصِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، السَّابِعُ: مَحْبُوسَةٌ، الثَّامِنُ: حَبْسٌ، وَهُمَا بَاطِلَانِ، وَلَوْ كَانَ فِي " حَبْسٌ " مِثْل هَذَا الْعُرْفِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَقَوْلِهِ: مَوْقُوفَةٌ، التَّاسِعُ: لَوْ قَال: هِيَ لِلسَّبِيلِ، إِنْ تَعَارَفُوهُ وَقْفًا مُؤَبَّدًا لِلْفُقَرَاءِ كَانَ كَذَلِكَ وَإِلَا سُئِل فَإِنْ قَال: أَرَدْتُ الْوَقْفَ صَارَ وَقْفًا لأَِنَّهُ مْحْتَمِلٌ لَفْظَهُ، أَوْ قَال: أَرَدْتُ مَعْنَى صَدَقَةٍ فَهُوَ نَذْرٌ فَيَتَصَدَّقُ بِهَا أَوْ بِثَمَنِهَا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَانَتْ مِيرَاثًا، ذَكَرَهُ فِي النَّوَازِل، الْعَاشِرِ: جَعَلْتُهَا لِلْفُقَرَاءِ، إِنْ تَعَارَفُوهُ وَقْفًا عَمِل بِهِ وَإِلَا سُئِل، فَإِنْ أَرَادَ الْوَقْفَ فَهِيَ وَقْفٌ، أَوِ الصَّدَقَةَ فَهِيَ نَذْرٌ، وَهَذَا عِِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ لأَِنَّهُ أَدْنَى، فَإِثْبَاتُهُ بِهِ عِِنْدَ الاِحْتِمَال أَوْلَى، الْحَادِيَ
عَشَرَ: مُحَرَّمَةٌ، الثَّانِيَ عَشَرَ: وَقْفٌ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ عِِنْدَ أَهْل الْحِجَازِ، الثَّالِثَ عَشَرَ: حَبْسٌ مَوْقُوفَةٌ، وَهُوَ كَالاِقْتِصَارِ عَلَى مَوْقُوفَةٍ، الرَّابِعَ عَشَرَ: جَعَلْتُ نُزُل كَرْمِي وَقْفًا، صَارَ وَقْفًا فِيهِ ثَمَرَةٌ أَوْ لَا، الْخَامِسَ عَشَرَ: جَعَلْتُ غَلَّتَهُ وَقْفًا كَذَلِكَ، السَّادِسَ عَشَرَ: مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ بِمَنْزِلَةِ صَدَقَةٍ مَوْقُوفَةٍ، الْكُل فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَجَزَمَ فِي الْبَزَّازِيَةِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ بِقَوْلِهِ: وَقْفٌ أَوْ مَوْقُوفَةٌ، السَّابِعَ عَشَرَ: صَدَقَةٌ فَقَطْ كَانَتْ صَدَقَةً فَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ حَتَّى مَاتَ كَانَتْ مِيرَاثًا، كَذَا فِي الْخَصَّافِ. الثَّامِنَ عَشَرَ: هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَجْهِ الْخَيْرِ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ تَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ. التَّاسِعَ عَشَرَ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ فِي الْحَجِّ عَنِّي وَالْعُمْرَةِ عَنِّي يَصِحُّ الْوَقْفُ، وَلَوْ لَمْ يَقُل عَنِّي لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ. الْعِشْرُونَ: صَدَقَةٌ لَا تُبَاعُ تَكُونُ نَذْرًا بِالصَّدَقَةِ لَا وَقْفًا وَلَوْ زَادَ " وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ " صَارَتْ وَقْفًا عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَالثَّلَاثَةُ فِي الإِْسْعَافِ. الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: اشْتَرُوا مِنْ غَلَّةِ دَارِي هَذِهِ كُل شَهْرٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ خُبْزًا وَفَرِّقُوهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ، صَارَتِ الدَّارُ وَقَفًا. الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: هَذِهِ بَعْدَ وَفَاتِي صَدَقَةٌ يُتَصَدَّقُ بِعَيْنِهَا، أَوْ تُبَاعُ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا، ذَكَرَهُمَا فِي الذَّخِيرَةِ، الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: أَوْصَى أَنْ يُوقَفَ ثُلُثُ مَالِهِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَيَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إِلَاّ أَنْ يَقُول لِلَّهِ أَبَدًا كَذَا