الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى وُجُوبِ وَعْظِ الْبُغَاةِ وَتَخْوِيفِهِمُ الْقِتَال، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ، لأَِنَّ الْمَقْصُودَ كَفُّهُمْ وَدَفْعُ شَرِّهِمْ لَا قَتْلُهُمْ، فَإِذَا أَمْكَنَ بِمُجَرَّدِ الْقَوْل كَانَ أَوْلَى مِنَ الْقِتَال، لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ بِالْفَرِيقَيْنِ، فَإِنْ فَاءُوا وَإِلَاّ قَاتَلَهُمْ (1)، لِقَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} (2) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَنْبَغِي لأَِهْل الْعَدْل إِذَا لَقُوا أَهْل الْبَغْيِ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِلَى الْعَدْل، هَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ بَعَثَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما إِلَى أَهْل حَرُورَا حَتَّى نَاظَرَهُمْ وَدَعَاهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ، وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ رُبَّمَا يَحْصُل مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ بِالْوَعْظِ وَالإِْنْذَارِ، فَالأَْحْسَنُ أَنْ يُقَدَّمَ ذَلِكَ عَلَى الْقِتَال، لأَِنَّ الْكَيَّ آخِرُ الدَّوَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، لأَِنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا مَا يُقَاتَلُونَ عَلَيْهِ فَحَالُهُمْ فِي ذَلِكَ كَحَال الْمُرْتَدِّينَ وَأَهْل الْحَرْبِ الَّذِينَ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ (3) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ اسْتِحْبَابَ وَعْظِهِمْ تَرْغِيبًا وَتَرْهِيبًا، وَتَحْسِينَ اتِّحَادِ كَلِمَةِ الدِّينِ لَهُمْ وَعَدَمَ شَمَاتَةِ الْكَافِرِينَ (4) .
(ر: بُغَاة ف10) .
(1) الشرح الصغير 4 / 428، والمغني مع الشرح الكبير 10 / 52 - 54، وكشاف القناع 6 / 162.
(2)
سورة الحجرات / 9.
(3)
المبسوط للسرخسي 10 / 128.
(4)
نهاية المحتاج 7 / 386.
التَّكَسُّبُ بِالْوَعْظِ:
22 -
لَا يَحِل لِلْوَاعِظِ سُؤَال النَّاسِ شَيْئًا لِنَفْسِهِ فِي مَجْلِسِ الْوَعْظِ، لأَِنَّهُ اكْتِسَابُ الدُّنْيَا بِالْعِلْمِ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (1) .
حُضُورُ النِّسَاءِ مَجَالِسَ الْوَعْظِ:
23 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى كَرَاهَةِ حُضُورِ النِّسَاءِ مَجَالِسَ الْوَعْظِ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ شَابَّةً وَذَلِكَ لِخَشْيَةِ الْفِتْنَةِ.
أَمَّا الْعَجَائِزُ فَلَهُنَّ حُضُورُ مَجَالِسِ الْوَعْظِ وَذَلِكَ لأَِمْنِ الْفِتْنَةِ (2)، فَعَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقُول:" لَوْ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيل، قَال: فَقُلْتُ لِعَمْرَةَ: أَنِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيل مُنِعْنَ الْمَسْجِدَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ "(3) .
(1) الفتاوى الهندية 5 / 319، والآداب الشرعية 2 / 91.
(2)
حاشية ابن عابدين 1 / 380، وانظر شرح مسلم للنووي 4 / 405 - 406، وفتح الباري شرح البخاري 1 / 424، 2 / 471.
(3)
حديث عائشة: " لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء. . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 349) ، ومسلم (1 / 329) واللفظ لمسلم.