الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ كَانَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ مَجْهُولَةً، بِأَنْ وَقَفَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ دُونَ تَحْدِيدِ مُدَّةِ الْخِيَارِ، فَالْوَقْفُ وَالشَّرْطُ بَاطِلَانِ بِالاِتِّفَاقِ، هَكَذَا ذَكَرَ الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، لَكِنَّ الطَّرَابُلُسِيَّ ذَكَرَ فِي الإِْسْعَافِ أَنَّ يُوسُفَ بْنَ خَالِدٍ السَّمْتِيَّ قَال: الْوَقْفُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ عَلَى كُل حَالٍ (1) .
وَلَوْ قَال الْوَاقِفُ حِينَ الْوَقْفِ: عَلَى أَنَّ لِي إِبْطَالَهُ أَوْ بَيْعَهُ أَوْ رَهْنَهُ، أَوْ عَلَى أَنَّ لِفُلَانٍ أَوْ لِوَرَثَتِي أَنْ يُبْطِلُوهُ أَوْ يَبِيعُوهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، كَانَ الْوَقْفُ بَاطِلاً عَلَى قَوْل الْخَصَّافِ وَهِلَالٍ، وَجَائِزًا عَلَى قَوْل يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السَّمْتِيِّ لإِِبْطَالِهِ الشَّرْطَ بِإِلْحَاقِهِ إِيَّاهُ بِالْعِتْقِ (2) .
وَمَا مَرَّ مِنَ الْخِلَافِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ أَوِ الْبَيْعِ أَوِ الْهِبَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ حِينَ الْوَقْفِ، إِنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ، أَمَّا فِي وَقْفِ الْمَسْجِدِ لَوِ اشْتَرَطَ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ أَوِ اشْتَرَطَ إِبْطَالَهُ أَوْ بَيْعَهُ صَحَّ الْوَقْفُ وَبَطَل الشَّرْطُ بِاتِّفَاقٍ (3) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَال الدُّسُوقِيُّ: يَلْزَمُ الْوَقْفُ وَلَوْ لَمْ يَحُزْ، فَإِذَا أَرَادَ الْوَاقِفُ الرُّجُوعَ فِي الْوَقْفِ
(1) فتح القدير 6 / 229، 230، والدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 360، والإسعاف ص28.
(2)
الإسعاف ص29، والدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 360.
(3)
حاشية ابن عابدين 3 / 360، والإسعاف ص28.
لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَحُزْ عَنْهُ أُجْبِرَ عَلَى إِخْرَاجِهِ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَلْزَمُ، وَلَوْ قَال الْوَاقِفُ: وَلِيَ الْخِيَارُ كَمَا قَال ابْنُ الْحَاجِبِ، وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُوَفَّى لَهُ بِشَرْطِهِ، كَمَا قَالُوا: أَنَّهُ يُوَفَّى لَهُ بِشَرْطِهِ إِذَا شَرَطَ أَنَّهُ إِنْ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ قَاضٍ رَجَعَ لَهُ، وَأَنَّ مَنِ احْتَاجَ مِنَ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ بَاعَ (1) .
وَقَال الدَّرْدِيرُ: إِذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ لِنَفْسِهِ الرُّجُوعَ أَوِ الْبَيْعَ إِنِ احْتَاجَ لَهُ فَلَهُ ذَلِكَ (2) .
شُرُوطُ الصِّيغَةِ:
الشَّرْطُ الأَْوَّل: التَّنْجِيزُ:
18 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ التَّنْجِيزِ فِي الصِّيغَةِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ، إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ صِيغَةُ الْوَقْفِ مُنْجَزَةً، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُعَلَّقَةً عَلَى شَرْطٍ فِي الْحَيَاةِ غَيْرِ كَائِنٍ، فَإِذَا قَال الْوَاقِفُ: إِذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَقَدْ وَقَفْتُ كَذَا عَلَى كَذَا لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ عَقْدٌ يَقْتَضِي نَقْل الْمِلْكِ فِي الْحَال لَمْ يُبْنَ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ فَلَمْ يَجُزْ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، لَكِنْ يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِكَائِنٍ مَوْجُودٍ فِي الْحَال، أَيْ
(1) حاشية الدسوقي 4 / 75، وجواهر الإكليل 2 / 208.
(2)
الشرح الكبير 4 / 82.