الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ قَال الْوَاقِفُ: عَلَى أَنَّ لِي أَنْ أَحْرِمَ وَأُخْرِجَ مَنْ شِئْتُ مِنْهُمْ، ثُمَّ مَاتَ قَبْل ذَلِكَ تَكُونُ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ أَخْرَجَ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَوْ أَخْرَجَهُمْ إِلَاّ وَاحِدًا مِنْهُمْ مُطْلَقًا أَوْ مُدَّةً مَعْلُومَةً صَحَّ، وَلَيْسَ لَهُ حِرْمَانُ الْجَمِيعِ قِيَاسًا، وَإِذَا مَاتَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ أَوْ أَخْرَجَهُمْ كُلَّهُمْ بِنَاءً عَلَى الاِسْتِحْسَانِ تَكُونُ الْغَلَّةُ لِلْمَسَاكِينِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيدَهَا إِلَيْهِمْ؛ لأَِنَّهُ لَمَّا حَرَّمَهُمْ غَلَّتَهَا أَبَدًا فَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَهُمْ وَانْقَطَعَتْ مَشِيئَتُهُ فِيهَا وَصَارَتْ لِلْمَسَاكِينِ (1) .
حُكْمُ مُخَالَفَةِ الشَّرْطِ الصَّحِيحِ:
36 -
أَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ مُخَالَفَةَ شَرْطِ الْوَاقِفِ لِلْمَصْلَحَةِ، وَذَلِكَ فِي مَسَائِل مِنْهَا:
أ - شَرَطَ الْوَاقِفُ عَدَمَ الاِسْتِبْدَال، فَلِلْقَاضِي الاِسْتِبْدَال لِلْمَصْلَحَةِ.
ب - لَوْ شَرَطَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْزِل النَّاظِرَ فَلَهُ عَزْل غَيْرِ الأَْهْل.
ج - لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ وَقْفَهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَالنَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِ سَنَةٍ أَوْ كَانَ فِي الزِّيَادَةِ نَفْعٌ لِلْفُقَرَاءِ، فَلِلْقَاضِي الْمُخَالَفَةُ دُونَ النَّاظِرِ.
(1) الإسعاف ص127.
د - لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يُتَصَدَّقَ بِفَاضِل الْغَلَّةِ عَلَى مَنْ يَسْأَل فِي مَسْجِدِ كَذَا، فَلِلْقَيِّمِ التَّصَدُّقُ عَلَى سَائِل غَيْرِ هَذَا الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى مَنْ لَا يَسْأَل.
هـ - لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ خُبْزًا وَلَحْمًا مُعَيَّنًا كُل يَوْمٍ فَلِلْقَيِّمِ دَفْعُ الْقِيمَةِ مِنَ النَّقْدِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ فِي أَخْذِ الْمُعَيَّنِ مِنَ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ أَوْ أَخْذُ الْقِيمَةِ. .
و تَجُوزُ الزِّيَادَةُ مِنَ الْقَاضِي عَلَى مَعْلُومِ الإِْمَامِ إِذَا كَانَ لَا يَكْفِيهِ وَكَانَ عَالِمًا تَقِيًّا. .
ز - يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ مُخَالَفَةُ الشُّرُوطِ إِذَا كَانَ أَصْل الْوَقْفِ لِبَيْتِ الْمَال (1) .
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ:
37 -
الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ هُوَ الْجِهَةُ الَّتِي تَنْتَفِعُ بِالْمَوْقُوفِ سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْجِهَةُ مُعَيَّنَةً كَشَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ.
وَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يَأْتِي:
الشَّرْطُ الأَْوَّل:: كَوْنُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ جِهَةَ بِرٍّ وَقُرْبَةٍ:
38 -
يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْجِهَةُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهَا جِهَةَ بِرٍّ وَقُرْبَةٍ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا أَمْ
(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 389.
ذمِّيًّا لأَِنَّ الذِّمِّيَّ مَوْضِعُ قُرْبَةٍ وَلِهَذَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ عَلَيْهِ (1) ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَفَتْ عَلَى أَخٍ لَهَا يَهُودِيٍّ (2) .
وَإِذَا كَانَ الأَْصْل فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ جِهَةَ قُرْبَةٍ إِلَاّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ فِي الأَْصَحِّ لَمْ يَشْتَرِطُوا ظُهُورَ الْقُرْبَةِ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، قَالُوا: لأَِنَّ الْوَقْفَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ قُرْبَةٌ وَلِهَذَا جَازَ عِنْدَهُمُ الْوَقْفُ عَلَى الأَْغْنِيَاءِ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ الَّذِينَ لَا يُجِيزُونَ الْوَقْفَ عَلَى الأَْغْنِيَاءِ وَحْدَهُمْ؛ لأَِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قُرْبَةً فِي نَظَرِهِمْ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِلَاّ أَنْ يُجْعَل الْوَقْفُ بَعْدَ الأَْغْنِيَاءِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَيَجُوزُ، كَمَا لَا يَصِحُّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ الْوَقْفُ عَلَى طَائِفَةِ الأَْغْنِيَاءِ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى الأَْغْنِيَاءِ نَظَرًا إِلَى اشْتِرَاطِ ظُهُورِ قَصْدِ الْقُرْبَةِ (3) .
وَنَظَرًا لاِشْتِرَاطِِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ جِهَةَ
(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 360، 361، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 77، ومغني المحتاج 2 / 379، 380، والمهذب 1 / 448، وشرح منتهى الإرادات 2 / 492، 493، والمغني 5 / 644، 646.
(2)
أثر أن صفية وقفت على أخ لها يهودي. أخرجه عبد الرزاق في المصنف (6 / 33) بلفظ. . عن ابن عمر أن صفية ابنة حي أوصت لابن أخ لها يهودي.
(3)
حاشية ابن عابدين 3 / 357، والدسوقي مع الشرح الكبير 4 / 77، ومغني المحتاج 2 / 381، وكشاف القناع 4 / 247.
قُرْبَةٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ جِهَةَ مَعْصِيَةٍ: كَالْوَقْفِ عَلَى الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ وَبُيُوتِ النَّارِ وَلَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ؛ لأَِنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَإِعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى إِظْهَارِ الْكُفْرِ؛ لأَِنَّ الْقُرْبَةَ تَتَحَقَّقُ بِكَوْنِهَا قُرْبَةً فِي نَظَرِ الشَّرِيعَةِ وَبِكَوْنِهَا قُرْبَةً فِي نَظَرِ الْوَاقِفِ كَمَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: شَرْطُ وَقْفِ الذِّمِّيِّ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ كَالْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى بَيْعَةٍ فَإِنَّهُ قُرْبَةٌ عِنْدَهُمْ فَقَطْ، أَوْ عَلَى حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ قُرْبَةٌ عِنْدَنَا فَقَطْ، وَيُعَلِّل الْمَالِكِيَّةُ عَدَمَ صِحَّةِ وَقْفِ الذِّمِّيِّ عَلَى الْكَنِيسَةِ بِأَنَّ الْمَذْهَبَ خِطَابُهُمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَكَمَا لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الْكَنَائِسِ فَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى مَرَمَّتِهَا أَوْ حُصُرِهَا وَقَنَادِيلِهَا، وَهَذَا عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.
وَقَال عِيَاضٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْكَنِيسَةِ مُطْلَقًا صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ سَوَاءٌ أَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ الْوَقْفِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ تَحْتِ يَدِ الْوَاقِفِ أَمْ لَا، وَلِلْوَاقِفِ الرُّجُوعُ فِيهِ مَتَى شَاءَ، وَفَصَل ابْنُ رُشْدٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ فَقَال: إِنَّ وَقْفَ الْكَافِرِ عَلَى عُبَّادِ الْكَنِيسَةِ بَاطِلٌ؛ لأَِنَّهُ مَعْصِيَةٌ، وَأَمَّا عَلَى مَرَمَّتِهَا أَوْ عَلَى الْجَرْحَى أَوِ الْمَرْضَى الَّتِي فِيهَا فَالْوَقْفُ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: عِمَارَةُ كَنَائِسِ غَيْرِ الْمُتَعَبِّدِ: كَكَنَائِسِ نُزُول الْمَارَّةِ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهَا كَمَا قَال