الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَال الْمَدِينِ، وَطَلَبَ الْغُرَمَاءُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ، وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ تَفْلِيسُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.
وَكَذَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ عِنْدَهُمْ بَيْعُ مَالِهِ جَبْرًا عَلَيْهِ.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (إِفْلَاس ف6 وَمَا بَعْدَهَا) .
الأَْوْلَوِيَّةُ فِي الْوَفَاءِ:
تَأْتِي الأَْوْلَوِيَّةُ فِي الْوَفَاءِ فِي بَعْضِ الْحُقُوقِ الَّتِي تَكُونُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ تَكُونُ حَقًّا لِلْعَبْدِ، أَوِ الَّتِي يَلْتَزِمُهَا الإِْنْسَانُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ.
أ -
حُقُوقُ اللَّهِ:
25 -
مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الزَّكَاةُ، وَمَصَارِفُ الزَّكَاةِ هِيَ الأَْصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ الَّذِينَ وَرَدَ ذِكْرُهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيل اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيل فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (1) .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي التَّرْتِيبِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَصَارِفِ.
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (زَكَاة ف184)
(1) سورة التوبة / 60.
ب -
الْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالتَّرِكَةِ:
26 -
قَال الْفُقَهَاءُ: الْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالتَّرِكَةِ لَيْسَتْ عَلَى مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنَّ بَعْضَهَا مُقَدَّمٌ عَلَى بَعْضٍ، فَيُقَدَّمُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ تَجْهِيزُ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينُهُ، ثُمَّ أَدَاءُ الدَّيْنِ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ دُيُونِ اللَّهِ تَعَالَى أَمْ كَانَ مِنْ دُيُونِ الْعِبَادِ، ثُمَّ تَنْفِيذُ وَصَايَاهُ، وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ.
وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ (تَرِكَة ف21 - 32) .
ج -
الصَّدَقَةُ وَالْوَصَايَا:
27 -
مِمَّا يَلْتَزِمُهُ الإِْنْسَانُ الصَّدَقَةُ وَالْوَصَايَا، أَمَّا الصَّدَقَةُ: فَهِيَ مَا يُخْرِجُهُ الإِْنْسَانُ مِنْ مَالِهِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ (1) .
وَالأَْفْضَل أَنْ يَتَصَدَّقَ الإِْنْسَانُ بِمَا يَفْضُل عَنْ حَاجَتِهِ وَمَؤُونَتِهِ وَمَؤُونَةِ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ. وَالأَْوْلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ مِنَ الْفَاضِل عَنْ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مَنْ يَمُونُهُ عَلَى الدَّوَامِ (2) . لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُول (3)
وَيَقُول السَّرَخْسِيُّ: الصَّدَقَةُ قَدْ تَكُونُ مِنَ
(1) المفردات في غريب القرآن للأصفهاني.
(2)
المغني 3 / 83، 84.
(3)
حديث: " خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى. . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 294) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
الأَْجَانِبِ، وَقَدْ تَكُونُ مِنَ الْقَرَابَاتِ وَذَلِكَ أَفْضَل، لِمَا فِيهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ (1) . وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: أَفْضَل الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ (2)[512] .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الأَْوْلَى فِي الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِمُ الأَْقْرَبُ فَالأَْقْرَبُ، وَفِي الأَْشَدِّ مِنْهُمْ عَدَاوَةً أَفْضَل مِنْهَا فِي غَيْرِهِ، وَذَلِكَ لِيَتَأَلَّفَ قَلْبَهُ (3) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (صَدَقَة ف17، 18) .
وَأَمَّا الْوَصَايَا: فَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الأَْفْضَل أَنْ يُقَدَّمَ فِي الْوَصِيَّةِ الأَْقْرَبُ غَيْرُ الْوَارِثِ، لأَِنَّهَا صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فُقَرَاءُ غَيْرُ وَارِثِينَ فَإِلَى ذِي رَضَاعٍ، قَال الشَّافِعِيَّةُ: ثُمَّ صِهْرٍ، ثُمَّ ذِي وَلَاءٍ، ثُمَّ ذِي جِوَارٍ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِنْ لَمْ يَجِدْ مَحَارِمَ مِنَ الرَّضَاعِ، فَإِلَى جِيرَانِهِ الأَْقْرَبِ فَالأَْقْرَبِ (4) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: مَنْ أَوْصَى لأَِقْرِبَائِهِ أَوْ لأَِرْحَامِهِ أَوْ لأَِنْسَابِهِ فَهُمُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا مِنْ كُل ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ غَيْرَ الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ.
(1) المبسوط 12 / 49.
(2)
حديث: " أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح. . " أخرجه الحاكم (1 / 406) من حديث أم كلثوم، وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
(3)
مغني المحتاج 3 / 121.
(4)
أسنى المطالب 3 / 29، وكشاف القناع 4 / 360.
وَيُعْتَبَرُ الأَْقْرَبُ فَالأَْقْرَبُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَخَالَانِ فَلِلْعَمِّ النِّصْفُ وَلِلْخَالَيْنِ النِّصْفُ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ، فَيُعْتَبَرُ الأَْقْرَبُ فَالأَْقْرَبُ. وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَكُونُ الْمُوصَى بِهِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: مَنْ أَوْصَى لِلأَْقَارِبِ أَوِ الأَْرْحَامِ أَوِ الأَْهْل أَوْ لِغَيْرِهِ أُوثِرَ الْمُحْتَاجُ الأَْبْعَدُ فِي الْقَرَابَةِ مِنْ غَيْرِهِ لِشِدَّةِ فَقْرِهِ أَوْ كَثْرَةِ عِيَالِهِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى غَيْرِهِ لَا بِالْجَمِيعِ، فَالْمُحْتَاجُ الأَْقْرَبُ عُلِمَ إِيثَارُهُ بِالأَْوْلَى فِي كُل حَالٍ، إِلَاّ بِبَيَانٍ مِنَ الْمُوصِي خِلَافَ ذَلِكَ: كَأَعْطُوا الأَْقْرَبَ فَالأَْقْرَبَ، أَوْ أَعْطُوا فُلَانًا ثُمَّ فُلَانًا، فَيُفَضَّل وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحْوَجَ (2) .
وَفِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلَاتٌ كَثِيرَةٌ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (وَصِيَّة) .
(1) الاختيار لتعليل المختار 5 / 78، 79.
(2)
جواهر الإكليل 2 / 320.