الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّانِي:
لِلشَّافِعِيَّةِ فِي مُقَابِل الأَْصَحِّ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ أَنَّ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ؛ لأَِنَّهُ إِذَا حَل صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْعَاجِلِ، وَالْعَاجِل تَمْنَعُهُ حَتَّى يُعْطِيَهَا إِيَّاهُ. إِلَاّ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ قَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إِذَا لَمْ يَشْتَرِطِ الزَّوْجُ عَلَى الزَّوْجَةِ الدُّخُول قَبْل حُلُول الأَْجَلِ، فَلَوْ شَرَطَهُ وَرَضِيَتْ لَيْسَ لَهَا الاِمْتِنَاعُ (1) .
تَنَازُعُ الزَّوْجَيْنِ فِي الْبَدْءِ بِالتَّسْلِيمِ:
51 -
إِذَا تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ فِي الْبَدَاءَةِ بِالتَّسْلِيمِ، فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ أَنَّ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا حَتَّى تَقْبِضَ مَهْرَهَا، وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ تَسْلِيمُهُ أَوَّلاً؛ لأَِنَّ حَقَّ الزَّوْجِ قَدْ تَعَيَّنَ فِي الْمُبْدَل بِالْعَقْدِ، وَحَقُّ الْمَرْأَةِ فِي الْمَهْرِ وَهُوَ الْبَدَل لَمْ يَتَعَيَّنْ بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ بِالْقَبْضِ، فَوَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ التَّسْلِيمُ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ لِيَتَعَيَّنَ حَقُّهَا فِي الْبَدَل تَسْوِيَةً بَيْنَهُمَا. وَكَرِهَ مَالِكٌ لِلزَّوْجَةِ تَمْكِينَ الزَّوْجِ مِنْ نَفْسِهَا قَبْل قَبْضِهَا مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (2) .
(1) الشرح الصغير للدردير 2 / 399، 434، والبهجة شرح التحفة 1 / 292، وميارة على التحفة 1 / 187، ومغني المحتاج 3 / 223.
(2)
تبيين الحقائق 3 / 189، وبدائع الصنائع 2 / 289، وفتح القدير 3 / 249، وابن عابدين 2 / 258، وجواهر الإكليل 1 / 307.
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ، بِأَنَّهُ يُجْبَرُ الزَّوْجُ أَوَّلاً عَلَى التَّسْلِيمِ، ثُمَّ تُجْبَرُ الزَّوْجَةُ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْ وَطْئِهَا؛ لأَِنَّ فِي إِجْبَارِهَا عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهَا أَوَّلاً خَطَرَ إِتْلَافِ الْبُضْعِ، وَالاِمْتِنَاعَ مِنْ بَذْل الصَّدَاقِ، وَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ فِي الْبُضْعِ (1) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ، أَنَّهُمَا يُجْبَرَانِ مَعًا، بَأَنْ يُؤْمَرَ الزَّوْجُ بِوَضْعِ الصَّدَاقِ عِنْدَ عَدْلٍ، وَهَذَا الْعَدْل لَيْسَ نَائِبًا عَنِ الزَّوْجِ وَلَا عَنِ الزَّوْجَةِ، بَل هُوَ نَائِبُ الشَّرْعِ بِقَطْعِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمَا، وَتُؤْمَرُ الزَّوْجَةُ بِالتَّمْكِينِ، فَإِذَا مَكَّنَتْ سَلَّمَ الْعَدْل الصَّدَاقَ إِلَيْهَا، وَبِذَلِكَ تُفْصَل الْخُصُومَةُ؛ لأَِنَّ الْحَاكِمَ مَوْضُوعٌ لِقَطْعِ التَّنَازُعِ وَفِعْل الأَْحْوَطِ فِي اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ، وَهَذَا أَحْوَطُ الأُْمُورِ فِيهَا، وَأَقْطَعُ لِلتَّنَازُعِ بَيْنَهُمَا (2) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ ثَالِثٍ أَنَّهُ لَا إِجْبَارَ عَلَى كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ لاِسْتِوَائِهِمَا فِي ثُبُوتِ الْحَقِّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الآْخَرِ، وَحِينَئِذٍ فَمَنْ بَادَرَ وَسَلَّمَ مِنْهُمَا أُجْبِرَ صَاحِبُهُ عَلَى التَّسْلِيمِ (3) .
(1) الحاوي 12 / 169، ومغني المحتاج 3 / 223، وشرح منتهى الإرادات 3 / 84، وكشاف القناع 5 / 182، والمغني 10 / 171، 11 / 400.
(2)
روضة الطالبين 7 / 259، ومغني المحتاج 3 / 223، والحاوي الكبير 12 / 168، 169.
(3)
مغني المحتاج 3 / 223.