الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ الاِسْتِحْبَابُ إِذَا قَارَنَتْهُ نِيَّةٌ صَالِحَةٌ فِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ، كَالاِسْتِعْفَافِ بِالْحَلَال عَنِ الْحَرَامِ، وَالاِنْقِطَاعِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ، وَطَلَبِ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ (1) .
وَفِي ذَلِكَ يَقُول النَّوَوِيُّ: إِنَّ الْمُبَاحَاتِ تَصِيرُ طَاعَاتٍ بِالنِّيَّاتِ الصَّادِقَاتِ، فَالْجِمَاعُ يَكُونُ عِبَادَةً إِذَا نَوَى بِهِ قَضَاءَ حَقِّ الزَّوْجَةِ وَمُعَاشَرَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، أَوْ طَلَبَ وَلَدٍ صَالِحٍ، أَوْ إِعْفَافَ نَفْسِهِ أَوْ إِعْفَافَ الزَّوْجَةِ، وَمَنْعَهُمَا جَمِيعًا مِنَ النَّظَرِ إِلَى حَرَامٍ أَوِ الْفِكْرِ فِيهِ أَوِ الْهَمِّ بِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ الصَّالِحَةِ (2) .
وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ الْوُجُوبُ، كَمَا إِذَا تَعَيَّنَ وَسِيلَةً لإِِعْفَافِ النَّفْسِ أَوْ إِعْفَافِ الأَْهْل عَنِ الْحَرَامِ، وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ التَّحْرِيمُ كَمَا فِي وَطْءِ الْحَائِضِ أَوِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا قَبْل التَّكْفِيرِ أَوْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَقَدْ تَعْرِضُ لَهُ الْكَرَاهَةُ عِنْدَ اقْتِرَانِهِ بِوَصْفٍ يَقْتَضِيهَا (3) .
(1) النووي على مسلم 7 / 92، والمبين المعين ص141، وفتح المبين ص205، والمفهم للقرطبي 3 / 51، وقواعد الأحكام للعز بن عبد السلام ص332.
(2)
النووي على مسلم 7 / 92.
(3)
فليوبي وعميرة 4 / 373، والزرقاني على خليل 8 / 79، وبدائع الصنائع 2 / 331، وجواهر الإكليل 2 / 284، وزاد المعاد 4 / 264، ومجموع فتاوى ابن تيمية 32 / 271، والاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية ص246، وقواعد الأحكام ص544.
مَقَاصِدُ الْوَطْءِ الشَّرْعِيَّةُ:
7 -
قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَأَمَّا الْجِمَاعُ وَالْبَاهُ، فَكَانَ هَدْيُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ أَكْمَل هَدْيٍ، يَحْفَظُ بِهِ الصِّحَّةَ، وَتَتِمُّ بِهِ اللَّذَّةُ وَسُرُورُ النَّفْسِ، وَيُحَصِّل بِهِ مَقَاصِدَهُ الَّتِي وُضِعَ لأَِجْلِهَا، فَإِنَّ الْجِمَاعَ وُضِعَ فِي الأَْصْل لِثَلَاثَةِ أُمُورٍ هِيَ مَقَاصِدُهُ الأَْصْلِيَّةُ:
أَحَدُهَا: حِفْظُ النَّسْل وَدَوَامُ النَّوْعِ إِلَى أَنْ تَتَكَامَل الْعِدَّةُ الَّتِي قَدَّرَ اللَّهُ بُرُوزَهَا إِلَى هَذَا الْعَالَمِ.
الثَّانِي: إِخْرَاجُ الْمَاءِ الَّذِي يَضُرُّ احْتِبَاسُهُ وَاحْتِقَانُهُ بِجُمْلَةِ الْبَدَنِ.
الثَّالِثُ: قَضَاءُ الْوَطَرِ وَنَيْل اللَّذَّةِ وَالتَّمَتُّعُ بِالنِّعْمَةِ. وَهَذِهِ وَحْدَهَا هِيَ الْفَائِدَةُ الَّتِي فِي الْجَنَّةِ، إِذْ لَا تَنَاسُل هُنَاكَ، وَلَا احْتِقَانَ يَسْتَفْرِغُهُ الإِْنْزَال. ثُمَّ قَال: وَمِنْ مَنَافِعِهِ: غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ النَّفْسِ، وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْعِفَّةِ عَنِ الْحَرَامِ، وَتَحْصِيل ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ، فَهُوَ يَنْفَعُ نَفْسَهُ فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ وَيَنْفَعُ الْمَرْأَةَ (1) .
(1) زاد المعاد 4 / 249، 250، وانظر الآداب الشرعية لابن مفلح 2 / 385، وقواعد الأحكام (ص53 ط. دار الطباع بدمشق) .