الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: يَجُوزُ مِنَ الْمُرْتَدِّ مَا يَجُوزُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ انْتَقَل إِلَى دِينِهِمْ. وَيَصِحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَقْفُ الْمُرْتَدَّةِ لأَِنَّهَا لَا تُقْتَل، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَأَبُو بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: وَقْفُ الْمُرْتَدِّ بَاطِلٌ. أَمَّا إِذَا كَانَ الْوَقْفُ قَدْ صَدَرَ مِنَ الْمُسْلِمِ ثُمَّ ارْتَدَّ فَإِنَّ وَقْفَهُ يَكُونُ بَاطِلاً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ حَتَّى وَلَوْ عَادَ إِلَى الإِْسْلَامِ، وَاسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ عِلِيشٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ وَقْفَهُ صَحِيحٌ وَلَا يَبْطُل (1) .
الشَّرْطُ الثَّانِي: كَوْنُ الْوَاقِفِ مَالِكًا لِلْمَوْقُوفِ:
يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ مَالِكًا لِلْمَوْقُوفِ وَقْتَ الْوُقُوفِ مِلْكًا بَاتًّا وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ بَيَانُ الْحُكْمِ فِي وَقْفِ الْفُضُولِيِّ وَوَقْفِ الْحَاكِمِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أَوَّلاً:: وَقْفُ الْفُضُولِيِّ:
25 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ وَقْفِ الْفُضُولِيِّ:
(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 360، 396، وحاشية الدسوقي 4 / 307، ومنح الجليل 4 / 473، ومغني المحتاج 2 / 385، و4 / 143، وأنس المطالب 4 / 123، والمغني 8 / 129.
فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ، وَفِي الْقَدِيمِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّ وَقْفَ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ، فَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ؛ لأَِنَّ الْمَالِكَ إِذَا أَجَازَ فِعْل الْفُضُولِيِّ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْل فِي الْحَقِيقَةِ صَادِرًا مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ الْمَالِكُ لَمْ يَجُزْ. .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ وَالْمَالِكِيَّةِ - فِي الْمَشْهُورِ - وَفِي الْجَدِيدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَقْفُ الْفُضُولِيِّ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا وَلِيٍّ وَلَا وَكِيلٍ (1) . وَعَلَّل الْمَالِكِيَّةُ هَذَا الْحُكْمَ بِخُرُوجِ الْمَوْقُوفِ بِغَيْرِ عِوَضٍ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ، فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ لأَِنَّهُ يَخْرُجُ بِعِوَضٍ. (ر:: فُضُولِيُّ ف11) . .
ثَانِيًا:: وَقْفُ الْحَاكِمِ:
26 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقِفَ مِنْ بَيْتِ الْمَال عَلَى الْخَيْرَاتِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، إِلَاّ أَنَّ لِلْفُقَهَاءِ بَعْضَ الْقُيُودِ وَالتَّفْصِيل، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:
قَال الْحَنَفِيَّةُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَحَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: وَلَوْ وَقَفَ السُّلْطَانُ مِنْ بَيْتِ الْمَال لِمَصْلَحَةٍ عَمَّتْ كَالْوَقْفِ عَلَى الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ
(1) البحر الرائق 5 / 203، وحاشية الدسوقي 4 / 76، والخرشي 7 / 79، ومغني المحتاج 2 / 15، وشرح منتهى الإرادات 2 / 43، والفروع 4 / 36، ونيل المآرب 2 / 11.