الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَشْتَرِطَ الْوَاقِفُ عِنْدَ إِنْشَاءِ الْوَقْفِ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ؛ أَيْ فِي إِبْقَاءِ وَقْفِهِ وَالرُّجُوعِ فِيهِ مَتَى شَاءَ، أَوْ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّ لَهُ حَقَّ بَيْعِهِ أَوْ هِبَتِهِ أَوْ رَهْنِهِ.
وَمِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي تُفْسِدُ الْوَقْفَ وَتُبْطِلُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ وَمُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَشْتَرِطَ الْوَاقِفُ قَضَاءَ دَيْنِهِ مِنَ الْوَقْفِ أَوِ انْتِفَاعِهِ بِهِ، وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى - وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الأَْصَحِّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْوَاقِفُ أَنْ يُنْفِقَ مِنَ الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ (1) .
وَمِنْ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يَنْتَفِعَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِالْوَقْفِ، أَوْ شَرَطَ أَنْ يُخْرِجَ مَنْ شَاءَ مِنَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَيُدْخِل مَنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ، لأَِنَّهَا شُرُوطٌ تُنَافِي مُقْتَضَى الْوَقْفِ فَأَفْسَدَتْهُ (2) .
30 -
الْقِسْمُ الثَّانِي: شُرُوطٌ بَاطِلَةٌ، إِذَا شَرَطَهَا الْوَاقِفُ
صَحَّ الْوَقْفُ وَبَطَل الشَّرْطُ، وَالأَْمْثِلَةُ فِي هَذَا الْقِسْمِ تَخْتَلِفُ مِنْ مَذْهَبٍ إِلَى مَذْهَبٍ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ مِنْ أَنَّ وَاقِفَ الْكُتُبِ لَوْ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنْ لَا تُعَارَ الْكُتُبُ إِلَاّ بِرَهْنٍ، فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ؛ لأَِنَّ الْمُعَارَ أَمَانَةٌ عِنْدَ
(1) نهاية المحتاج 5 / 364، ومغني المحتاج 2 / 380، والمغني 5 / 604 - 605، والدر المختار 3 / 387.
(2)
كشاف القناع 4 / 261، والإنصاف 7 / 57.
الْمُسْتَعِيرِ وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ (1) .
وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ:
أ - لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ يَتَوَلَّى مِنْ أَوْلَادِهِ إِدَارَةَ الْوَقْفِ الْعَزْل وَالنَّصْبُ وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ وَلَا يُدَاخِلُهُمْ أَحَدٌ مِنَ الْقُضَاةِ وَالأُْمَرَاءِ وَإِنْ دَاخَلُوهُمْ فَعَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ، فَهَذَا شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ وَفِيهِ تَفْوِيتُ الْمَصْلَحَةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَتَعْطِيل الْوَقْفِ فَلَا يُقْبَل، وَلأَِنَّ الشَّرَائِطَ الْمُخَالِفَةَ لِلشَّرْعِ لَغْوٌ وَبَاطِلٌ (2) .
ب - لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يَعْزِل الْقَاضِي أَوِ السُّلْطَانُ الْمُتَوَلِّيَ عَلَى الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي عَزْلُهُ لَوْ كَانَ خَائِنًا؛ لأَِنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ فَبَطَل (3) .
ج - لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْقَاضِي أَوِ السُّلْطَانِ كَلَامٌ فِي الْوَقْفِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ وَلِلْقَاضِي الْكَلَامُ؛ لأَِنَّ نَظَرَهُ أَعْلَى، وَهَذَا شَرْطٌ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِلْوَقْفِ وَلَا مَصْلَحَةَ فَلَا يُقْبَل (4) .
وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ:
أ - لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ إِصْلَاحَ الْوَقْفِ عَلَى
(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 3 / 367، والحطاب 6 / 36.
(2)
الدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 390.
(3)
البحر الرائق 5 / 265، وفتح القدير 6 / 232.
(4)
حاشية ابن عابدين 3 / 388، والبحر الرائق 5 / 241.