الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلرَّجُل: أَعِرْنِي دَابَّتَكَ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا. فَيَقُول: أَنَا أُعِيرُكَ غَدًا، أَوْ يَقُول: عَلَيَّ دَيْنٌ فَأَسْلِفْنِي مِائَةَ دِينَارٍ أَقْضِهِ، فَيَقُول: أَنَا أُسْلِفُكَ.
فَهَذَا قَال أَصْبَغُ فِي الْعُتْبِيَّةِ: يُحْكَمُ بِإِنْجَازِ مَا وَعَدَ بِهِ، كَالَّذِي يُدْخِل الإِْنْسَانَ فِي عَقْدٍ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَلَى خِلَافِ هَذَا؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُدْخِلْهُ بِوَعْدِهِ فِي شَيْءٍ يَضْطَرُّهُ إِلَى مَا وَعَدَ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَتْ مُبْهَمَةً: مِثْل أَنْ يَقُول لَهُ: أَسْلِفْنِي مِائَةَ دِينَارٍ، وَلَا يَذْكُرُ حَاجَتَهُ إِلَيْهَا، أَوْ يَقُول: أَعِرْنِي دَابَّتَكَ أَرْكَبْهَا، وَلَا يَذْكُرُ لَهُ مَوْضِعًا وَلَا حَاجَةً. فَهَذَا قَال أَصْبَغُ: لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِهَا.
فَإِذَا قُلْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الأُْولَى: إِنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْعِدَةِ إِذَا كَانَ الأَْمْرُ أَدْخَلَهُ فِيهِ، مِثْل أَنْ يَقُول لَهُ: انْكِحْ وَأَنَا أُسْلِفُكَ مَا تُصْدِقُهَا. فَإِنْ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ الْوَعْدِ قَبْل أَنْ يَنْكِحَ مَنْ وُعِدَ، فَهَل يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ قَال أَصْبَغُ فِي الْعُتْبِيَّةِ: يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَيُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ، أَلْزَمَهُ ذَلِكَ بِالْوَعْدِ (1) .
الاِسْتِثْنَاءُ فِي الْوَعْدِ:
6 -
نَصَّ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْوَاعِدِ أَنْ يَسْتَنْثِيَ فِي وَعْدِهِ بِقَوْل: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} {
(1) المنتقى للباجي 3 / 227، وقارن بما نقله القرافي عن أصبغ في الفروق 4 / 25، وما حكاه جعيط في مجالس العرفان عن أصبغ 2 / 34.
إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (1) ، وَلأَِنَّ الْوَاعِدَ لَا يَدْرِي هَل يَقَعُ مِنْهُ الْوَفَاءُ أَمْ لَا، فَإِذَا اسْتَثْنَى وَعَلَّقَ بِالْمَشِيئَةِ الإِْلَهِيَّةِ خَرَجَ عَنْ صُورَةِ الْكَذِبِ فِي حَال التَّعَذُّرِ.
غَيْرَ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الاِسْتِثْنَاءِ فِي الْوَعْدِ:
- فَقَال الْغَزَالِيُّ: هُوَ الأَْوْلَى (2) .
- وَقَال الْجَصَّاصُ: إِنْ لَمْ يَقْرِنْهُ بِالاِسْتِثْنَاءِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ (3) .
- وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَحْرُمُ الْوَعْدُ بِغَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ (4) .
(1) سورة الكهف / 23 - 24.
(2)
إحياء علوم الدين 3 / 115.
(3)
أحكام القرآن للجصاص 3 / 442.
(4)
كشاف القناع 6 / 279، وشرح منتهى الإرادات 3 / 456، والمبدع 9 / 345.