الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَوَابُ الْوَطْءِ الْمَشْرُوعِ:
8 -
وَرَدَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ. (1) قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ، وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَال: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ، أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَال كَانَ لَهُ أَجْرٌ (2) .
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ ذَهَبَ جَمَاهِيرُ أَهْل الْعِلْمِ إِلَى ثَوَابِ الرَّجُل عَلَى جِمَاعِهِ لِحَلِيلَتِهِ إِذَا قَارَنَتْهُ نِيَّةٌ صَالِحَةٌ كَإِعْفَافِ نَفْسِهِ أَوْ حَلِيلَتِهِ عَنْ إِتْيَانِ مُحَرَّمٍ، أَوْ قَضَاءِ حَقِّهَا مِنْ مُعَاشَرَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهِ، أَوْ طَلَبِ وَلَدٍ صَالِحٍ يُوَحِّدُ اللَّهَ تَعَالَى، وَيَقُومُ بِنَشْرِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَيَحْمِي بَيْضَةَ الإِْسْلَامِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الأَْغْرَاضِ الْمَبْرُورَةِ (3) .
9 -
أَمَّا إِذَا لَمْ يَنْوِ الْمُجَامِعُ غَيْرَ قَضَاءِ شَهْوَتِهِ
(1) أي فيه أجر وحسنة مثل ماله في الصدقة إذا تصدق بها. (انظر بهجة النفوس 4 / 169) قال ابن حجر الهيتمي: وتسميته صدقة من مجاز المشابهة، أي إن له أجرا كأجر الصدقة في الجنس، لأن الجميع صادر عن رضا الله تعالى مكافأة على طاعته. (فتح المبين ص205) .
(2)
حديث: " وفي بضع أحدكم صدقة ". أخرجه مسلم (2 / 697 - 698) .
(3)
فتح المبين للهيتمي ص205، والمبين المعين للملا علي القاري ص141، وجامع العلوم والحكم 2 / 62، والنووي على مسلم 7 / 92، ودليل الفالحين 1 / 349، والمغني 10 / 241.
وَنَيْل لَذَّتِهِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ثَوَابِ جِمَاعِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لِبَعْضِ أَهْل الْعِلْمِ، وَإِلَيْهِ مَال ابْنُ قُتَيْبَةَ، وَهُوَ أَنَّهُ يُثَابُ وَيُؤْجَرُ فِي جِمَاعِ حَلِيلَتِهِ مُطْلَقًا دُونَ أَنْ يَنْوِيَ شَيْئًا (1)، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ: بِمَا رَوَى أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ (2) حَيْثُ دَل ظَاهِرُ إِطْلَاقِهِ عَلَى أَنَّ الإِْنْسَانَ يُؤْجَرُ فِي جِمَاعِ حَلِيلَتِهِ مُطْلَقًا، إِذْ إِنَّهُ كَمَا يَأْثَمُ فِي الزِّنَا الْمُضَادِّ لِلْوَطْءِ الْحَلَالِ، فَإِنَّهُ يُؤْجَرُ فِي فِعْل الْحَلَال (3) .
وَالثَّانِي: لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ - مَال إِلَيْهِ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ - وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنْوِ بِجِمَاعِ حَلِيلَتِهِ إِعْفَافَ نَفْسِهِ أَوْ زَوْجِهِ أَوْ طَلَبَ وَلَدٍ فَلَا أَجْرَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَطْءِ، وَاحْتَجُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه مِنَ التَّصْرِيحِ بِالاِحْتِسَابِ لِنَيْل الثَّوَابِ، وَنَصُّهَا: قُلْتُ: نَأْتِي شَهْوَتَنَا وَنُؤْجَرُ؟ قَال: أَرَأَيْتَ لَوْ جَعَلْتَهُ فِي حَرَامٍ أَكُنْتَ تَأْثَمُ؟ قَال: قُلْتُ: نَعَمْ. قَال: فَتَحْتَسِبُونَ بِالشَّرِّ وَلَا تَحْتَسِبُونَ بِالْخَيْرِ؟ (4) .
(1) جامع العلوم والحكم 2 / 62، 65، 66، وفتح المبين ص205، والمبين المعين ص142.
(2)
حديث: " وفي بعض أحدكم. . . "(سبق تخريجه ف8) .
(3)
جامع العلوم والحكم 2 / 66.
(4)
حديث: " نأتي شهوتنا ونؤجر؟ . . . " أخرجه أحمد (5 / 154) .