الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَرْطُهُ، فَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنِ انْتَقَل إِلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ صَارَ خَارِجًا فَانْتَقَل مِنْهُمْ وَاحِدٌ صَارَ خَارِجًا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنِ انْتَقَل إِلَى مَذْهَبِ أَهْل السُّنَّةِ صَارَ خَارِجًا اعْتُبِرَ شَرْطُهُ، وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنِ انْتَقَل مِنْ مَذْهَبِ أَهْل السُّنَّةِ إِلَى غَيْرِهِ فَصَارَ خَارِجًا أَوْ رَافِضِيًّا خَرَجَ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: مَنْ خَصَّصَ أَهْل مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ لِصَرْفِ غَلَّةِ وَقْفِهِ عَلَيْهِمْ أَوْ بِالتَّدْرِيسِ فِي مَدْرَسَتِهِ فَلَا يَجُوزُ الْعُدُول عَنْهُمْ لِغَيْرِهِمْ (2) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ وَقَفَ عَلَى الْعُلَمَاءِ بِشَرْطِ كَوْنِهِمْ عَلَى مَذْهَبِ فُلَانٍ يُرَاعَى شَرْطُهُ. وَكَذَا لَوْ خَصَّ طَائِفَةً بِمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ اخْتُصَّ بِهِمْ (3) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ خَصَّصَ الْوَاقِفُ الْمَدْرَسَةَ بِأَهْل مَذْهَبٍ كَالْحَنَابِلَةِ أَوِ الشَّافِعِيَّةِ تَخَصَّصَتْ، وَكَذَلِكَ الرِّبَاطُ وَالْخَانِقَاهْ كَالْمَقْبَرَةِ إِذَا خَصَّصَهَا بِأَهْل مَذْهَبٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ قَبِيلَةٍ تَخَصَّصَتْ إِعْمَالاً لِلشَّرْطِ، وَإِنْ خَصَّصَ الإِْمَامَةَ فِي مَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ بِمَذْهَبٍ تَخَصَّصَتْ بِهِ مَا لَمْ يَكُنِ الْمَشْرُوطُ لَهُ الإِْمَامَةُ
(1) البحر الرائق 5 / 266، والإسعاف ص106.
(2)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 4 / 88، والخرشي 7 / 92.
(3)
روضة الطالبين 5 / 339، ومغني المحتاج 2 / 385.
فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ مُخَالِفًا لِصَرِيحِ السُّنَّةِ أَوْ لِظَاهِرِهَا فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ.
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الأَْصَحِّ عَلَى أَنَّهُ إِنْ خَصَّصَ الْمُصَلِّينَ فِي الْمَسْجِدِ بِمَذْهَبٍ لَمْ يُخْتَصَّ بِهِمْ؛ لأَِنَّ إِثْبَاتَ الْمَسْجِدِيَّةِ تَقْتَضِي عَدَمَ الاِخْتِصَاصِ، فَاشْتِرَاطُ التَّخْصِيصِ يُنَافِيهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ إِنْ شَرَطَ فِي وَقْفِ الْمَسْجِدِ اخْتِصَاصَهُ بِطَائِفَةٍ اخْتَصَّ بِهِمْ، قَال صَاحِبُ التَّلْخِيَصِ: اخْتُصَّ بِهِمْ عَلَى الأَْشْبَهِ، لاِخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي أَحْكَامِ الصَّلَاةِ (1) .
د - شَرْطُ الإِْدْخَال وَالإِْخْرَاجِ:
35 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَاقِفِ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي وَقْفِهِ الإِْدْخَال وَالإِْخْرَاجَ (2) .
وَالْمَقْصُودُ بِالإِْدْخَال تَرَتُّبُ اسْتِحْقَاقِ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَلَى صِفَةٍ، وَالْمَقْصُودُ بِالإِْخْرَاجِ تَرَتُّبُ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَلَى صِفَةٍ فَهُوَ لَيْسَ بِإِخْرَاجٍ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنَ الْوَقْفِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَعْلِيقُ الاِسْتِحْقَاقِ بِصِفَةٍ، فَكَأَنَّ الْوَاقِفَ
(1) كشاف القناع 4 / 262 - 263، ومغني المحتاج 2 / 385.
(2)
حاشية ابن عابدين 3 / 431، والدسوقي 4 / 87، و98، والمهذب 1 / 450، والروضة 5 / 339، وكشاف القناع 4 / 261، والمغني 5 / 618.
جَعَل لَهُ حَقًّا فِي الْوَقْفِ إِذَا اتَّصَفَ بِكَذَا أَعْطَاهُ، وَلَمْ يَجْعَل لَهُ حَقًا إِذَا انْتَفَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ. وَقَيَّدَ تُرَتُّبُ الاِسْتِحْقَاقِ وَعَدَمُهُ عَلَى الصِّفَةِ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ. .
وَمَثَّل الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ أَوْ عَلَى الشَّبَابِ أَوِ الصِّغَارِ أَوِ الأَْحْدَاثِ ثُمَّ زَال وَصْفُهُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ؛ لأَِنَّ الاِسْتِحْقَاقَ قَدْ عُلِّقَ بِوَصْفٍ، فَإِذَا زَال الْوَصْفُ يَزُول الاِسْتِحْقَاقُ بِزَوَالِهِ (1) .
وَمَثَّل الشَّافِعِيَّةُ لِلإِْخْرَاجِ بِصِفَةٍ كَأَنْ يَقُول الْوَاقِفُ وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي عَلَى أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْ بَنَاتِي فَلَا حَقَّ لَهَا أَوْ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتَغْنَى مِنْ أَوْلَادِي فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ. .
وَأَمَّا الإِْدْخَال بِصِفَةٍ فَهُوَ أَنْ يَقُول: مَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْ بَنَاتِي فَلَا حَقَّ لَهَا فِيهِ، فَإِنْ طُلِّقَتْ أَوْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا عَادَ إِلَيْهَا حَقُّهَا (2) .
وَمَثَّل الْحَنَابِلَةُ:: بِأَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ بِشَرْطِ كَوْنِهِمْ فُقَرَاءَ أَوْ صُلَحَاءَ، أَوْ يَقُول الْوَاقِفُ: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي، وَمَنْ فَسَقَ مِنْهُمْ أَوِ اسْتَغْنَى فَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ فَلَهُ وَمَنْ نَسِيَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْحَنَابِلَةُ بِقَيْدٍ آخَرَ هُوَ أَنْ يَكُونَ الإِْخْرَاجُ وَالإِْدْخَال مِنْ أَهْل
(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 4 / 97.
(2)
المهذب 1 / 450، والروضة 5 / 339.
الْوَقْفِ لَا مِنْ غَيْرِهِمْ، وَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ إِنْ شَرَطَ فِيهِ إِدْخَال مَنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِ أَهْل الْوَقْفِ؛ لأَِنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْوَقْفِ فَأَفْسَدَهُ (1) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلَمْ يُقَيِّدُوا الإِْدْخَال وَالإِْخْرَاجَ بِأَيِّ قَيْدٍ، جَاءَ فِي الإِْسْعَافِ: لَوِ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ فِي وَقْفِهِ أَنْ يَزِيدَ فِي وَظِيفَةِ مَنْ يَرَى زِيَادَتَهُ، وَأَنْ يَنْقُصَ مِنْ وَظِيفَةِ مَنْ يَرَى نُقْصَانَهُ مِنْ أَهْل الْوَقْفِ، وَأَنْ يُدْخِل مَعَهُمْ مَنْ يَرَى إِدْخَالَهُ، وَأَنْ يُخْرِجَ مِنْهُمْ مَنْ يَرَى إِخْرَاجَهُ جَازَ، ثُمَّ إِذَا زَادَ أَحَدًا مِنْهُمْ أَوْ نَقَصَهُ مَرَّةً أَوْ أَدْخَل أَحَدًا أَوْ أَخْرَجَ أَحَدًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُغَيِّرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ شَرْطَهُ وَقَعَ عَلَى فِعْلٍ يَرَاهُ فَإِذَا رَآهُ وَأَمْضَاهُ فَقَدِ انْتَهَى مَا رَآهُ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ دَائِمًا مَا دَامَ حَيًّا يَقُول عَلَى أَنَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَنْ يَزِيدَ فِي مُرَتَّبِ مَنْ يَرَى زِيَادَتَهُ، وَأَنْ يَنْقُصَ مِنْ مُرَتَّبِ مَنْ يَرَى نُقْصَانَهُ، وَأَنْ يَنْقُصَ مَنْ زَادَهُ، وَيَزِيدَ مَنْ نَقَصَهُ مِنْهُمْ وَأَنْ يُدْخِل مَعَهُمْ مَنْ يَرَى إِدْخَالَهُ وَيُخْرِجَ مِنْهُمْ مَنْ يَرَى إِخْرَاجَهُ مَتَى أَرَادَ، مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى رَأْيًا بَعْدَ رَأْيٍ وَمَشِيئَةٍ بَعْدَ مَشِيئَةٍ مَا دَامَ حَيًّا ثُمَّ إِذَا أَحْدَثَ فِيهِ شَيْئًا مِمَّا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ مَاتَ قَبْل ذَلِكَ يَسْتَقِرُّ أَمْرُ الْوَقْفِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا يَوْمَ مَوْتِهِ، وَلَيْسَ لِمَنْ يَلِي عَلَيْهِ بَعْدَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَاّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ لَهُ فِي أَصْل الْوَقْفِ (2) .
(1) كشاف القناع 4 / 261، والمغني 5 / 618، ومغني المحتاج 2 / 385.
(2)
الإسعاف ص34 - 35، وحاشية ابن عابدين 3 / 431.