الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ز - اشْتِرَاطُ عَدَمِ الْوَطْءِ أَوْ عَدَمِ حِلِّهِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ:
فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ ذَلِكَ الاِشْتِرَاطِ بَيْنَ حَالَتَيْنِ، حَالَةِ اشْتِرَاطِ نَفْيِ حِل الْوَطْءِ، وَحَالَةِ اشْتِرَاطِ عَدَمِ فِعْلِهِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
49 -
إِذَا اشْتَرَطَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ نَفْيَ حِل الْوَطْءِ بَأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا تَحِل لَهُ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ فِي بُطْلَانِ هَذَا الشَّرْطِ، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَأْثِيرِهِ عَلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا:
لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ بُطْلَانُ الشَّرْطِ وَالْعَقْدِ مَعًا، وَذَلِكَ لإِِخْلَال ذَلِكَ الشَّرْطِ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَلِلتَّنَاقُضِ، إِذْ لَا يَبْقَى مَعَهُ لِلزَّوَاجِ مَعْنًى، بَل يَكُونُ كَالْعَقْدِ الصُّورِيِّ (1) .
وَالثَّانِي:
لِلْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الشَّرْطَ فَاسِدٌ وَالْعَقْدَ صَحِيحٌ. إِذِ الْقَاعِدَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَبْطُل بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَإِنَّمَا يَبْطُل الشَّرْطُ دُونَهُ (2) .
(1) تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني عليه 7 / 312، وعقد الجواهر الثمينة 2 / 49، والخرشي 3 / 195، وتحرير الكلام في مسائل الالتزام للحطاب ص327، 328، وكشاف القناع 5 / 97.
(2)
الهداية مع فتح القدير والعناية والكفاية 3 / 152، ورد المحتار 2 / 295.
53 -
أَمَّا إِذَا شُرِطَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ عَدَمُ الْوَطْءِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا:
لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْحْنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ. أَمَّا بُطْلَانُ الشَّرْطِ، فَلأَِنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَيَتَضَمَّنُ إِسْقَاطَ حُقُوقٍ تَجِبُ بِالْعَقْدِ لَوْلَا اشْتِرَاطُهُ، وَأَمَّا بَقَاءُ الْعَقْدِ عَلَى الصِّحَّةِ، فَلأَِنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَعُودُ إِلَى مَعْنًى زَائِدٍ فِي الْعَقْدِ فَلَا يُبْطِلُهُ؛ وَالْقَاعِدَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَبْطُل بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَإِنَّمَا يَبْطُل الشَّرْطُ دُونَهُ (1) .
وَالثَّانِي:
لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الشَّرْطَ فَاسِدٌ وَالْعَقْدَ فَاسِدٌ لِوُقُوعِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ شَرْعًا (2) .
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ، فَقِيل: يُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْل الدُّخُول وَبَعْدَهُ. وَقِيل: يُفْسَخُ قَبْل الدُّخُولِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ، وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ (3) .
(1) رد المحتار مع الدر المختار 2 / 295، وكشاف القناع 5 / 98، والهداية مع فتح القدير 3 / 152، والفتاوى الخانية 1 / 331.
(2)
عقد الجواهر الثمينة 2 / 49، والقواين الفقهية ص223.
(3)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 2 / 238، والخرشي 3 / 195، وتحرير الكلام في مسائل الالتزام ص327، 328، والذخيرة 4 / 405، ومواهب الجليل 3 / 445 - 446.