الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ إِلَى نَائِبِهِ وَهُوَ الْفَقِيرُ وَمِثْل ذَلِكَ فِي مُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: مَنْ قَال دَارِي وَقْفٌ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَصْرِفَهُ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ إِلَى مَا يُوَجِّهُهُ الْمَالِكُ إِنْ أَمْكَنَ سُؤَالُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ سُؤَالُهُ صُرِفَ فِي غَالِبِ مَا يُقْصَدُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ غَالِبًا فِي عُرْفِ أَهْل بَلَدِ الْوَاقِفِ كَأَهْل الْعِلْمِ وَالْقِرَاءَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ لَهُمْ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ إِلَى الْفُقَرَاءِ بِالاِجْتِهَادِ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يُصْرَفُ إِلَى وَرَثَتِهِ نَسَبًا عَلَى قَدْرِ إِرْثِهِمْ وَيَكُونُ وَقْفًا عَلَيْهِمْ فَلَا يَمْلِكُونَ نَقْل الْمِلْكِ فِي رَقَبَتِهِ، وَيَقَعُ الْحَجْبُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ كَالإِْرْثِ فَلِلْبِنْتِ مَعَ الاِبْنِ الثُّلُثُ وَلَهُ الْبَاقِي وَلِلأَْخِ مِنَ الأُْمِّ مَعَ الأَْخِ لِلأَْبِ السُّدُسُ وَلَهُ مَا بَقِيَ، فَإِنْ عُدِمُوا فَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَقْفًا عَلَيْهِمْ، وَنَصُّ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَيَرْجِعُ إِلَى بَيْتِ الْمَال.
الثَّانِي: أَنَّهُ يَبْطُل وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ قَوْل مُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَبُطْلَانُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِعَدَمِ ذِكْرِ التَّأْبِيدِ.
لَكِنْ قَال مُحَمَّدٌ: لَوْ قَال: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ وَصَدَقَةُ الْوَقْفِ وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ، لأَِنَّ ذِكْرَ الصَّدَقَةِ يَدُل عَلَى التَّأْبِيدِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ لأَِنَّ مَحَل الصَّدَقَةِ فِي
الأَْصْل الْفُقَرَاءُ (1) .
وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ مَجْهُولَةٍ كَالْوَقْفِ عَلَى رَجُلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، أَوْ كَانَتِ الْجِهَةُ مُبْهَمَةً كَالْوَقْفِ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ هَذَا الْوَقْفِ، لأَِنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ مُنْجَزٌ فَلَمْ يَصِحَّ (2) .
الْوَقْفُ عَلَى الأَْوْلَادِ:
50 -
إِذَا ذَكَرَ الْوَاقِفُ طَبَقَةً وَاحِدَةً فِي الْوَقْفِ عَلَى الأَْوْلَادِ كَأَنْ يَقُول: وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي أَوْ وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَال يَنْفَرِدُ بِالاِسْتِحْقَاقِ مَنْ يَكُونُ مَوْجُودًا مِنْ أَوْلَادِهِ سَوَاءٌ كَانَ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، لأَِنَّ الْوَلَدَ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَالذَّكَرِ وَالأُْنْثَى كَمَا قَالَهُ أَهْل اللُّغَةِ، وَيَكُونُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ لأَِنَّهُ جَعَلَهُ لَهُمْ، وَإِطْلَاقُ التَّشْرِيكِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ
(1) الإسعاف ص16، الطبعة الثانية طبعة هندية، وحاشية ابن عابدين 3 / 365 - 366، والفتاوى الهندية 2 / 357 - 358، وفتح القدير 6 / 202، والدسوقي 4 / 87 - 88، والشرح الصغير 2 / 300، ومغني المحتاج 2 / 384، وشرح منتهى الإرادات 2 / 498، ونيل المآرب 2 / 14.
(2)
المهذب 1 / 448، وشرح منتهى الإرادات 2 / 485، ونيل المآرب 2 / 13، وروضة القصاة للسمناني 2 / 794.
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَاّ وَلَدٌ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ جَمِيعَ غَلَّةِ الْوَقْفِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ (1) .
وَإِذَا وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَدْخُل فِي الاِسْتِحْقَاقِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ الزَّاغَوَانِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَاخْتَارَهُ فِي الإِْقْنَاعِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَدْخُل فِي الاِسْتِحْقَاقِ الْوَلَدُ الَّذِي يَحْدُثُ بَعْدَ الْوَقْفِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (2) .
51 -
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي دُخُول أَوْلَادِ الأَْوْلَادِ فِيمَا لَوْ قَال: وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ قَوْل الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ لَا يَدْخُل أَوْلَادُ الأَْوْلَادِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وَلَدُ الْبَنِينَ وَوَلَدُ الْبَنَاتِ لأَِنَّ الْوَلَدَ حَقِيقَةً
(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 3 / 436 - 437، والإسعاف 95 - 96، وفتح القدير 6 / 242 - 243، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 93، والمهذب 1 / 451، ومغني المحتاج 2 / 387، وكشاف القناع 4 / 277 - 278.
(2)
فتح القدير 6 / 243، وأحكام الأوقاف ص104، وحاشية الدسوقي 4 / 77، 89، ومغني المحتاج 2 / 387، والروضة 5 / 337، ونهاية المحتاج 5 / 378، وكشاف القناع 4 / 278، ومنتهى الإرادات 2 / 508، والإنصاف 7 / 74 وما بعدها.
وَعُرْفًا إِنَّمَا هُوَ وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ وَإِنَّمَا يُسَمَّى وَلَدُ الْوَلَدِ وَلَدًا مَجَازًا وَلأَِنَّ الْوَاقِفَ اقْتَصَرَ فِي الاِسْتِحْقَاقِ عَلَى طَبَقَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْبَطْنُ الأَْوَّل وَلَمْ يُوجَدْ نَصٌّ أَوْ شَرْطٌ بِدُخُول أَوْلَادِ الاِبْنِ (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ أَوْلَادَ الاِبْنِ فَقَطْ دُونَ الإِْنَاثِ يَدْخُلُونَ لأَِنَّ وَلَدَ وَلَدِهِ وَلَدٌ لَهُ بِدَلِيل قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَابَنِي آدَمَ} (2) وَ {يَابَنِي إِسْرَائِيل} (3) وَقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيل، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا (4) ، وَلَا يَدْخُل فِي ذَلِكَ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ لأَِنَّهُمْ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ، وَلأَِنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ يُنْسَبُونَ إِلَى آبَائِهِمْ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّاعِرُ:
بَنُونَا بَنُو آبَائِنَا وَبَنَاتُنَا
بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَال الأَْبَاعِدِ (5)
(1) الإسعاف ص96، ومغني المحتاج 2 / 387، والروضة 5 / 335 - 336، والمغني 5 / 609.
(2)
سورة الأعراف / 31.
(3)
سورة البقرة / 40.
(4)
حديث: " ارموا بني إسماعيل. . " أخرجه البخاري (فتح الباري 6 / 413) من حديث سلمة بن الأكوع.
(5)
التاج والإكليل بهامش مواهب الجليل 6 / 44، ومنح الجيل 4 / 73، والروضة 5 / 336، ومغني المحتاج 2 / 387، وكشاف القناع 4 / 278، وشرح المنتهى 2 / 508، والإنصاف 7 / 74.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ أَوْلَادَ الأَْوْلَادِ يَدْخُلُونَ فِي الْوَقْفِ عَلَى الأَْوْلَادِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانُوا أَوْلَادَ الْبَنِينَ أَوْ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ لأَِنَّ الْبَنَاتَ أَوْلَادُهُ، وَأَوْلَادُهُنَّ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي شَأْنِ إِبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والسلام:{وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَعِيسَى} (1) وَهُوَ وَلَدُ بِنْتِهِ - وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ (2) يَعْنِي الْحَسَنَ.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ " الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ " إِلَى أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَاقِفِ أَوْلَادٌ حِينَ الْوَقْفِ عَلَى الْوَلَدِ وَكَانَ لَهُ أَوْلَادُ أَوْلَادٍ فَإِنَّ اللَّفْظَ يُحْمَل عَلَيْهِمْ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ وَصِيَانَةً لِكَلَامِ الْمُكَلَّفِ عَنِ الإِْلْغَاءِ كَمَا قَال الشَّافِعِيَّةُ وَيَكُونُ وَلَدُ الاِبْنِ عِنْدَ عَدَمِ وَلَدِ الصُلْبِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ الصُّلْبِيِّ قَال فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَاقِفِ وَلَدُ صُلْبٍ حِينَ الْوَقْفِ عَلَى الْوَلَدِ فَيُخْتَصُّ بِوَلَدِ الاِبْنِ وَلَوْ أُنْثَى، لأَِنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ يَعُمُّهُ دُونَ مَنْ دُونَهُ مِنَ الْبُطُونِ وَدُونَ وَلَدِ الْبِنْتِ فِي الصَّحِيحِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ
(1) سورة الأنعام / 84 - 85.
(2)
حديث: " إن ابني هذا سيد. . " أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 307) من حديث أبي بكرة.
هِلَالٌ، لأَِنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ يُنْسَبُونَ إِلَى آبَائِهِمْ لَا آبَاءِ أُمَّهَاتِهِمْ بِخِلَافِ وَلَدِ الاِبْنِ، وَقَال فِي الإِْسْعَافِ: وَذَكَرَ الْخَصَّافُ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَدْخُل فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ، وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْخَصَّافِ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ وَلَا وَلَدُ وَلَدٍ وَكَانَ لَهُ وَلَدُ وَلَدِ وَلَدٍ فَالْغَلَّةُ لَهُ وَلِمَنْ كَانَ أَسْفَل مِنَ الْبُطُونِ، وَعَمَّ نَسْلُهُ الأَْقْرَبَ وَالأَْبْعَدَ إِلَاّ أَنْ يَذْكُرَ مَا يَدُل عَلَى التَّرْتِيبِ (1) .
52 -
وَيَسْتَوِي عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنْ يَقُول الْوَاقِفُ: عَلَى وَلَدِي بِصِيغَةِ الإِْفْرَادِ، أَوْ عَلَى أَوْلَادِي بِصِيغَةِ الْجَمْعِ.
وَأَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَالْحُكْمُ يَخْتَلِفُ، فَمَا سَبَقَ مِنْ أَحْكَامٍ إِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَ الْوَقْفُ بِصِيغَةِ الإِْفْرَادِ، أَمَّا إِذَا قَال الْوَاقِفُ: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي بِلْفِظِ الْجَمْعِ، فَقَدْ نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الاِخْتِيَارِ أَنَّهُ يَشْمَل جَمِيعَ الْبُطُونِ لِعُمُومِ اسْمِ الأَْوْلَادِ، وَيُقَدَّمُ الْبَطْنُ الأَْوَّل، فَإِذَا انْقَرَضَ فَالثَّانِي، ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ يَشْتَرِكُ فِيهِ جَمِيعُ الْبُطُونِ عَلَى
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 437، والإسعاف ص96، وفتح القدير 6 / 243، ومغني المحتاج 2 / 387، والمغني 5 / 609، ونهاية المحتاج 5 / 378.