الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ كَأَنْ تَكُونَ مَرْهُونَةً أَوْ مُؤَجَّرَةً.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى صِحَّةِ وَقْفِ الْعَيْنِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ، فَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى صِحَّةِ وَقْفِ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ أَوِ الْمُؤَجَّرَةِ وَتَعُودُ الْعَيْنُ بَعْدَ افْتِكَاكِهَا مِنَ الرَّهْنِ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الإِْجَارَةِ إِلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَوَافَقَهُمُ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ.
وَأَمَّا الْمَرْهُونَةُ فَفِيهَا عِنْدَهُمْ وَجْهَانِ:
الأَْوَّل: وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَقْفُ الْمَرْهُونِ كَالْعِتْقِ، لأَِنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَصِحُّ إِسْقَاطُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فَصَارَ كَالْعِتْقِ.
وَفِي الْوَجْهِ الآْخَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمَرْهُونِ لأَِنَّهُ تَصَرُّفٌ لَا يَسْرِي إِلَى مِلْكِ الْغَيْرِ فَلَا يَصِحُّ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ (1) .
وَقَيَّدَ الْحَنَابِلَةُ صِحَّةَ وَقْفِ الْمَرْهُونِ بِمَا إِذَا كَانَ الْوَقْفُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، لأَِنَّ مَنْعَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ بِإِذْنِهِ وَبَطَل الرَّهْنُ لأَِنَّ هَذَا التَّصَرُّفَ يَمْنَعُ الرَّهْنَ ابْتِدَاءً فَامْتَنَعَ مَعَهُ دَوَامًا (2) .
(1) فتح القدير 6 / 201، وحاشية الدسوقي 4 / 77، والزرقاني 7 / 75، والمهذب 1 / 320، وشرح منتهى الإرادات 2 / 234، 400، 376، والمغني 4 / 401، وأسنى المطالب 2 / 458.
(2)
شرح منتهى الإرادات 2 / 234، والمغني 4 / 401، والإنصاف 5 / 153 - 156.
وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ إِذْ لِكُل مَذْهَبٍ نَوْعٌ مِنَ التَّفْصِيل، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الإِْسْعَافِ وَغَيْرِهِ: لَوْ وَقَفَ الْمَرْهُونَ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ صَحَّ وَأَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى دَفْعِ مَا عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَبْطَل الْوَقْفَ وَبَاعَهُ فِيمَا عَلَيْهِ.
وَإِنْ وَقَفَ الْمَرْهُونَ وَافْتَكَّهُ جَازَ فَإِنْ مَاتَ عَنْ عَيْنٍ تَفِي بِالدَّيْنِ صَحَّ الْوَقْفُ وَلَا يُغَيَّرُ، وَإِنْ لَمْ يَفِ مَا تَرَكَهُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُبْطِل الْوَقْفَ وَيَبِيعُهُ لِلدَّيْنِ (1) .
وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ صِحَّةَ وَقْفِ الْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجَرِ بِمَا إِذَا قَصَدَ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا بَعْدَ الْخَلَاصِ مِنَ الرَّهْنِ وَالإِْجَارَةِ لأَِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ التَّنْجِيزُ (2) .
د - أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ:
72 -
اشْتَرَطَ الْحَنَابِلَةُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهُوَ مَا عَبَّرَ عَنْهُ الشَّافِعِيَّةُ بِكَوْنِهِ مِمَّا يَقْبَل النَّقْل، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمَرْهُونِ وَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَسَائِرِ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلصَّيْدِ وَجَوَارِحِ الطَّيْرِ الَّتِي لَا يُصَادُ بِهَا، لأَِنَّ
(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 3 / 391، 395، والإسعاف ص21.
(2)
حاشية الدسوقي 4 / 77، وشرح الزرقاني 7 / 75.